رئيس الاستخبارات السعودية يزيح الستار عن فضائح قطر
في لقاء مطول،
نشرت صحيفة "الإندبندنت العربية" على موقعها الإلكترونى، الحلقة الرابعة،
من حوارها مع رئيس الاستخبارات العامة السعودي الأسبق الأمير بندر بن سلطان.
وتحدث الأمير
"بن سلطان" عن أمور عدة، من بينها علاقته مع قطر، والقاعدة الأمريكية في
الدوحة، وبداية العلاقات القطرية – الإسرائيلية، ورئيس الوزراء القطري السابق حمد بن
جاسم، وغيرها من الموضوعات الشائكة التي تناولها اللقاء باستفاضة وإسهاب.
"بداية العلاقة
مع قطر"
بدأت العلاقة بين
قطر والأمير بندر في الستينيات، حيث كان يدرس اللغة الإنجليزية مع الشيخ حمد بن خليفة،
وتدرجت العلاقة حتى وصلت إلى لقاء جمعه بأمير قطر الحالى الشيخ تميم بن حمد في
2012.
وقال الأمير السعودي:
"حمد بن خليفة، أمير قطر السابق المعروف بالأمير الوالد، وحمد بن عيسى آل خليفة،
ملك البحرين وأنا وإخوتي الأمير خالد بن سلطان وفهد بن سلطان كنا زملاء في إنجلترا".
ووصف الأمير بندر
الصداقة بينه وبين الشيخ حمد بن خليفة بدءًا من دراسة اللغة الإنجليزية في لندن بأنها
"كانت لطيفة"، حتى بدأ موضوع الحكم يراود حمد بن خليفة.
"حمد بن جاسم..
الورقة الغامضة"
استطرد الأمير
بندر حديثه حتى وصل للشيخ حمد بن جاسم، قائلًا: "كانت هناك ورقة غامضة في كل هذا،
وهو حمد بن جاسم، الشيخ الراحل خليفة بن حمد، تزوج أخت حمد بن جاسم، وعينوه مدير مصلحة
الجمارك تقريبًا، ورويدًا رويدًا أصبح وزير مالية".
وكان الأب في هذه
الفترة، خليفة بن حمد، يقضي نصف السنة في سويسرا وجنوب فرنسا، وكان يتولى كل شيء، وعيّن
ابنه عبدالعزيز وزيرًا للبترول شكلًا.
وحين عُيِنَ حمد
بن جاسم، وزيرًا للمالية وحمد بن خليفة وزيرًا للدفاع، وجدوا طريقة كي يتخلصوا من عبدالله
آل عطية بسبب شخصيته القوية وما يحظى به من هيبة واحترام وهو والد خالد العطية، وزير
الدفاع الحالي.
وأوضح، أن الشيخ
حمد بن خليفة والشيخ حمد بن جاسم، تخلصا من عبدالله العطية لأن شخصيته قوية، ووزير
الدفاع القطري الحالي خالد العطية، عاش في كنف الأمير سلطان، وهو من أصلح بينه وبين
والده بعد أن طرده وجاء إلى السعودية ثم تخرج فى الكلية الجوية.
"شرارة التأثر
القطري بالإخوان"
وكشف الأمير بندر،
أن قطر منذ عقود تريد لعب دور سياسي كبير، وتطرق لفترة فتور العلاقات بين السعودية
ومصر في فترة الملك فيصل وجمال عبد الناصر، واستطرد قائلًا: "ظن القطريون أن بإمكانهم
لعب دور الوساطة، وهذا غريب طبعًا، حمد بن خليفة وقتها ذهب إلى مصر وتلقى دورة لا أعرف
ماهى، وبدأ يلتقي بمصريين من الإخوان المسلمين متنكرين كمثقفين، وكان حمد بن جاسم،
صديقًا لهذه المجموعة، وهذه قصة جانبية أيضًا، ولكن قد تكون هذه شرارة تأثر القطريين
بالإخوان المسلمين".
"خفايا إزاحة
خليفة بن حمد"
ومن القصص التي
سردها الأمير بندر، حول بداية العلاقة بين حمد بن خليفة وحمد بن جاسم، أن حمد بن خليفة
طلب ميزانية إضافية لوزارة الدفاع، واستغرب والده الطلب.
وأقنع حمد بن جاسم،
حمد بن خليفة وقال له: أنت طلبت الميزانية والأمير لم يوافق، وبدأ حمد بن خليفة يقول
هذا صحيح والوالد مشغول عنا، فقال له حمد بن جاسم، أن يقترح على والده خليفة بن حمد
أن يستريح ويأخذ منزلًا في سويسرا أو جنوب فرنسا، وإذا وافق، نقول له ولي العهد يصبح
رئيس وزراء أو وزير دفاع، وأنا وزير مالية، وحين تأمرني أدفع ولست بحاجة للذهاب لأمير
البلاد.
الأب رفض الفكرة،
فكرروها عليه، وقال أنا موافق على الاقتراح وعلى مجلس الوزراء وعلى كل شيء إلا على
المالية والبترول، وهنا بدأ التحضير لإزاحة الوالد.
فإما أن يتحكم
حمد بن خليفة بالبترول والمالية حتى ينفذ كل الأفكار الجديدة التي بدأت تطرأ عليه أو
لا شيء، وقال الأمير بندر أن هذه من خفايا الإزاحة للأمير الراحل خلفية بن حمد.
الخلاف على جزر
"حوار"
وسرد الأمير بندر،
أن الأمير الراحل الشيخ خليفة بن حمد، تعهد للملك فهد بعدم حدوث أي مناوشات حول جزر
الحوار التي شهدت خلافًا قطريًا بحرينيًا على جزر حوار، حتى يتم الاتفاق، وكان الأمير
الوالد في قطر الشيخ حمد بن خليفة كان ولي عهد آنذاك.
وذكر الأمير بندر:
"أبلغنا البحرينيون فجأة، أن الجانب القطري بدأ يردم البحر لإرسال تعزيزات حماية
وردم فأمر الملك فهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز بأن تذهب طائرة سعودية وتستطلع ما يحدث".
وغضب الملك فهد
وقال للأمير سلطان الآن تذهب وتبلغ قطر أن يتوقف الردم خلال 24 ساعة، وتأتي جرافات
لإزالة ما فيه، وإذا لم يتم ذلك أرسل طائرات لإزالة كل هذا واضرب المطار وأغلقه".
"زيارة بن
جاسم للسعودية"
وذكر الأمير بندر،
أنه بعد إزاحة الشيخ حمد لوالده من الحكم، جاء رئيس الوزراء القطري ووزير خارجيتها
الأسبق الشيخ حمد بن جاسم إلى السعودية، وطلب منها عدم استقبال الشيخ خليفة.
ورفضت الرياض ذلك،
بل إن الملك فهد - حسب رواية الأمير بندر - قال إنه سيستقبله اسقبالًا رسميًا ويسكنه
في قصر الضيافة، وقال لمن كانوا متواجدين بمن فيهم حمد بن جاسم: "قبل أسبوع كان
أمير قطر والآن أصبح عدوًا؟".
فرد الشيخ حمد
بن جاسم بأنه لا مانع، لكن عدم إظهار ذلك في الإعلام، فكان الرد من الملك فهد بالاستقبال
الرسمي وإسكان الشيخ خليفة في قصر الضيافة وبث الاستقبال على القناة السعودية الرسمية.
"القاعدة
الأمريكية"
وكشف الأمير بندر،
أن بن جاسم، ذهب إلى واشنطن وطلب من جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، رأيه
في استعداد الدوحة لاستضافة القوات الأمريكية في الخليج بعد انتهاء حرب تحرير الكويت،
ومن سوء تدبير حمد بن جاسم أنه ظن أن بيكر سيخفي الأمر.
وقال له إن قطر
مستعدة لاستضافة قواتكم وتجهيز قاعدة عسكرية وندفع مبلغًا سنويًا، لكن بشرط لا تخبروا
السعوديين".
وأكمل الأمير السعودي:
"ضحك بيكر من طلب حمد بن جاسم، وقال له هذا ليس اختصاصي، بل من اختصاص وزير الدفاع،
وخرج بن جاسم، وفورًا اتصل بي جيمس بيكر، وقال: إذا لديك وقت قم بزيارتي، فزرته، وقال
لي عندي سر وأريد إخبارك به، ثم أخبرني بما دار بينهما".
واستطرد الأمير:
"كان تفكير القطريين أن أي مكان فيه تواجد أمريكي لا يمكن المساس به، وإذا كان
هناك ضمانة مثل هذه، يمكن تنفيذ أي سياسة خارجية نريدها. واستغرب بيكر وقال لا أعرف
كيف يفكر هؤلاء، وطلب مني بيكر عدم إخبار أحد حتى يتصرف"، ووفقًا لما ذكره الأمير
بندر، كان رد بيكر عن تصرف القطريين: "أغبياء دعهم يتعلمون".
"بداية العلاقات
القطرية - الإسرائيلية"
وتحدث الأمير السعودي،
عن بداية العلاقات القطرية الإسرائيلية، والتي بدأت رسميًا في 1996 بعد افتتاح المكتب
التجاري الإسرائيلي في الدوحة وزيارة رئيس الوزراء شمعون بيريز إلى قطر.
وقال الأمير بندر،
إن العلاقات بدأت مباشرة بعد مؤتمر مدريد عام 1991، وهو ما أثار جلبة على قطر حينها.
واستشهد الأمير
بقصة بين الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز حين بدأت قطر بزيادة تصرفاتها
المناوئة لسياسات مجلس التعاون لدول الخليج.
ووفقًا لرواية
الأمير السعوي: "قال الملك عبدالله فى إحدى المرات، للشيخ حمد بن جاسم، ما بكم
دائمًا تخالفون آراء الإخوة والأشقاء، أنتم مثل القزم الجالس على كرسي أكبر منه، فأجابه
حمد بن جاسم: معك حق، ولو لم نصرخ لن ينتبه أحد أننا على الكرسي الكبير".
"زيارة بندر
بن سلطان إلى الدوحة فى 2012"
وأشار الأمير بندر
بن سلطان، إلى زيارته للدوحة بعد تعيينه رئيسًا لجهاز الاستخبارات السعودية في
2012، قائلًا: "زرت قطر، وكان هناك الشيخ تميم ورئيس الاستخبارات القطرية"،
لافتًا إلى أن الزيارة كانت قبل تنازل حمد لتميم.
وأوضح: "نصف
الزيارة كان عملي ونصفها ودي، الجزء العملي كان يتعلق بسوريا، قبل أن أتولى الاستخبارات
كان هناك اتفاق بشأن غرفة عمليات في تركيا فيها السعودية وقطر وآخرين، لكن حدث بها
ماحدث، وعندما توليت الجهاز تقرر إقامة غرفة عمليات في الأردن فيها السعودية والإمارات
وآخرين".
"قمة الرياض
بعد الأزمة الخليجية الأولى"
وبعد أشهر من وصول
الشيخ تميم للحكم، ودعم قطر المتصاعد لجماعة الإخوان المسلمين، عُقدت القمة الخليجية
التي دعا إليها الملك عبدالله في الرياض في عام 2014.
وكشف الأمير بندر
عما دار خلف الكواليس: "قال تميم للقادة لا تحاسبونني على ما حدث قبلي، والقصة
هي أن الملك عبدالله تحدث في القمة وقال له يا ابني نود معرفة سياساتك وهل هي مشابهة
للسياسات القديمة وسياسات والدك، وأنت هنا بين آباء وإخوة، تحدث بما تريد، نحن أعددنا
اللجنة الوزارية وقاموا بتحضير اتفاق من عدة نقاط والجميع وافق عليها، هل قرأتها؟ قال
الشيخ تميم نعم، قال الملك عبدالله هل أنت موافق عليها؟، رد أمير قطر بالإيجاب ورد
عليه الملك عبدالله: الله يبشرك بالخير، وفجأة قال تميم بس طال عمرك، فقال الملك عبدالله
عندها: فيها بس!".
"قطر والإخوان"
وتطرق الأمير بندر،
إلى الحديث عن العلاقة بين قطر وجماعة الإخوان قائلًا: "لست متأكدًا من أقنع الآخر،
لكن إما الشيخ حمد بن جاسم، أقنع الشيخ حمد بن خليفة أو العكس بالشيخ يوسف القرضاوي".
وأضاف: "أرادوا
أن يكون هو حلقة الوصل مع الإخوان في جميع أنحاء العالم، لا سيما أن التنظيم ليس حزبًا
تستطيع أن تتفق أو تختلف معه، بل هو منتشر في كل مكان وله سياساته وطرقه، يشبه أحزاب
إيران وتحديدًا حزب الله"، ويتوقع الأمير بندر أن تكتوي قطر بدعم الجماعات الدينية
مثل الإخوان وغيرها، في أي لحظة.
وأكمل بندر بن
سلطان حديثه عن قطر، متابعًا: "القطريون يعتقدون أن ثلاثة أشياء تجعل من قطر صاحبة
شأن عظيم، الأول والأهم التواجد العسكري الأمريكي فيها، الثاني الدعم واستخدام المصالح
المتبادلة مع التنظيمات الإخوانية في العالم، والثالث، الإعلام، والمضحك في الأمر أن
أمير قطر الحالي لا يوجد لديه خباثة والده، لكنه ورث منه العناد، وأن تكون عنيدًا دون
دهاء فلا قيمة من ذلك".
"المصالحة
مع قطر"
وشدد الأمير بندر،
على أنه يتعين على القطريين التفكير في أن السعودية باقية في مكانها، وقطر كذلك، أما
الأميركان وتواجدهم العسكري فقد يبقى في المنطقة أو لا يبقى، ولا توجد ضمانة لدى القطريين
إذا كانوا يربطون الضمانة بالقاعدة الأمريكية.
وأكد، أن أزمة
قطر قبل كل شيء هي أزمة انفصام في الشخصية، ومما لا شك فيه أنه من المؤلم أن نرى الوضع
يصل إلى ما هو عليه مع دولة خليجية مثل قطر، لكن يقال ماذا دفعك إلى السيء قال الأسوأ
منه".
وتابع: "ندعو
لقطر بالهداية، لكن الهداية ليست بأي ثمن، لأن ما يقومون به ليس جديدًا، ولأننا تفاءلنا
بالعهد الجديد الذي أكده تميم، لكن النتيجة جاءت مختلفة".
وشدد قائلًا:
"اكتوينا بنار الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة، وأعتقد أن قطر تكرر نفس الخطأ،
واتهمنا زورًا وبهتانًا بدعم "المدرسة" في أفغانستان والكل يعرف من كان وراء
إنشائها".