يعيش سُكان دولة اليمن حالة من الترقب الشديد، بعد أن شهدت المناطق العسكرية تطوراً ملحوظاً بمختلف المناطف، حيث تعيش قوات الشرعية والتحالف العربى حلم النصر النهائى، الذى بات ينتظرهم ليعلنوا لجميع دول العالم أن اليمن قادرة بشعبها وقواتها، ولينتهى النزاع المُسلح الذى أحدث دماراً كبيراً منذ مطلع 2015، بعدما سيطرت قوات الانقلاب على أغلب مناطق البلاد.
جاء دور التحالف العربي بناءً على دعوة وجهه الرئيس الشرعي لهم، حيث طلب من الإخوة فى دول الجوار مساعدتنا فى الأزمة التى وقعنا بها، بعد أن سيطر الحوثيين على مناطق كثيرة، بداية من جبال مران وصولاً بعمران وصنعاء، ولما سقطت صنعاء بدأ الحوثيين تحالفهم مع الرئيس السابق للتوغل أكثر والسيطرة باستخدام الأسلحة النارية تجاه القوات العسكرية والمدنيين، ما أدى إلى خروج الرئيس الشرعى من عدن مُتجهاً إلى السعودية ليُطالب بدعم عربى، حيث بدأت دول التحالف بالدخول عسكرياً فى ميدان المعركة "جواً"، قاصدين تحرير الأرض من جماعة الانقلاب.
التحالف العربى قدم الكثير من المساعدات العسكرية، وبعد تحرير مناطق كثيرة، خاصة بالجنوب، بدأ الدعم اللوجستى والمادى لدعم السكان فى مجالات مختلفة، فالمساعدات الإغاثية تصل إلى المناطق المُحررة وجهات التوزيع كاملة دون أى نقص وبكل سهولة، لكن المشكلة فى إيصال المساعدات إلى المناطق التى لازالت تحت سيطرة الحوثيين، فالمساعدات التى تصل عن طريق ميناء الحديدة ليس لها مكان إلا الحوثيين وليس المستحقين، حيث تلعب عناصر المليشيا على استخدام تلك المساعدات فى الحرب لشراء أسلحة وذخائر.
الحياة فى المناطق المحررة بدأت تعود إلى طبيعتها، فالمحافظات الجنوبية تعيش وضع أكثر ارتياحية واستقراراً بعد تحريرها، التجارة تسير بشكل اعتيادى والمدارس فتحت أبوابها على مصرعيها والحالة التموينية جيدة، ولكن هناك صعوبات تتعلق بالجانب الأمنى، نظراً لأن هناك تداخل فى المهام بين كل القيادات فالمناطق المحررة جهة تتبع المجلس الانتقالى وأخرى تتبع الشرعية، فهناك تضاد فى المهام ليس إلا.
التطورات العسكرية، خاصة بعد اجتماع بروكسيل الذى لم يُطبق رغم إفادته بضرورة إيقاف الحرب، ففى الوقت الراهن المواجهات العسكرية قلت عن الوقت السابق، فعلى سبيل المثال جبهة نهم توقف القتال بها منذ فترة، والضالع لازال هناك مناوشات مستمرة وجبهات الساحل الغربي تكاد تكون متوقفة بعد اتفاق الحديدة، وهناك اشتعال عسكرى فى اتجاه صعدة والجوف وحجة، حيث ظهرت مقاومة من الداخل فى منطقة الحجور مدعومة من الجيش الوطنى والتحالف.
لإيران مطامع معروفة للجميع، ولولا هذه
المطامع لما حصل دخول أذرعها الإرهابية إلى اليمن.. فمنذ أن قامت الثورة داخل
إيران وهم يُصدرونها إلى الدول العربية بداية من العراق الى سوريا ولبنان والآن
اليمن، فبعد سقوط مناطق شمال الجزيرة العربية، انتقل المذهب الإرهابي إلى الجنوب.
تعاونت إيران الإرهابية مع الحوثيين
بحكم العقائد التى تربطهم ببعض ومنهجهم الاثنا عشري كتوجه ديني، أرداوا سوياً أن
يمدوا نفوذهم إلى جنوب الجزيرة العربية، فتعاونا فيما بينهم للترويج إلى مذهبهم
والوصول إلى السُلطة، فمذهبهم ليس ديني فقط ولكن سياسي عسكرى للبحث عن السيطرة،
وهذا ما جعلهم غير مقببولين، فالزيدية متواجدة فى مناطق محدودة باليمن.. هم يريدون
أن يسيطروا ولكن بقوة السلاح وليس الإقناع الفكرى.
هل سيختلف دور لوسيجارد "رئيس
بعثة المراقبيين الدوليين فى الحديدة عن مارتن غريفيث ؟
بدأ لوسيجارد الوصول إلى عدن وصنعاء
للبحث عن حلول سلمية قبل أى عمل آخر بمنطقة الحديدة، نتمنى له النجاح، ولكن القرار
بيد إيران وليس الحوثيين.
ماذا عن دور الأمم المتحدة فى تراجع
الحوثى عن تنفيذ اتفاق السويد ؟
رأى الشخصي، أن الأمم المتحدة ليست
وحدها من أعطت ذلك الدور إلى الحوثيين، ولكن الحكومة هى من تعاملت مع الحوثى رأساً
برأس وكأنها على نفس الوتيرة معها وأعطتها أحقية أن تكون شريكة للحوار، فكيف لنا
أن نتحاور مع شخص يرفضنا.
هناك خطأ ارتكبته الحكومة الشرعية
والأمم المتحدة وهو تثبيت الحق لهم فى التحدث والتمثيل، الأمر الذى سيحول دولتنا
إلى دولتين، فمن المفترض أن يتعاملوا كأنهم جماعة إرهابية ليس إلا.
ما الحل إذا لم تنسحب مليشيا الحوثى من
ميناء الحديدة رسمياً ؟
الحوثيين لا يستطيعون الخروج من
الحديدة إلا بشروط مُعينة، تلك الشروط تضعهم رأساً للدولة، وما هم إلا جماعة
انقلابية تعمل على اغتصاب الأرض والسلطة، فلا حل آخر سوى العمل العسكرى وتكثيف دعم
التحالف عسكرياً لإخراجهم، فالأمور السلمية ستنقلنا إلى وجود دولتين أو أكثر.
ماذا تقول فى إسناد إدارة ميناء
الحديدة إلى الأمم المتحدة ؟
تقوم الأمم المتحدة بفض النزاعات
والوصول إلى حلول، لكن صعوبة الوضع داخل اليمن، أعطى للأمم المتحدة دور من أجل
الحفاظ على الأمن داخل منطقة البحر الأحمر، فعدم السيطرة على الميناء يؤدى إلى
تهديد الملاحة والتجارة والوضع الأمنى، فربما فى هذا الوقت يُسمح للأمم المتحدة أن
تتولى، لأن الطرفين يُقاتلون.
الأمم المتحدة لن تتولى إدارة الميناء
فترة طويلة، فسينتهى تواجدها فى الميناء بحل الأزمة اليمنية سواء بالسلم أو الحرب،
فـ بانتهاء الحرب ينتهي دور الأمم المتحدة، لأنه لن ينجح تولى الميناء إلى فريق
مُشترك.
هل حزب التجمع الإصلاحى هو السبب
الرئيسي لدخول إيران ؟
لا يستطيع أحد أن يضع اتهاماً صريحاً
بهذا، لأن وضع اليمن يختلف عن باقى الدول العربي، فقد تشكل حزب الإصلاح وبدأ ظهوره
بعد الوحدة الوطنية كحزب علنى، فهو عبارة عن قوة إسلامية وانتشر كتيار إسلامى
مستقل يزاول نشاطه الحزبى بهذا الاسم وأصبح له التأثير القوى داخل الدولة، فالحزب
الذى يتطبع بطابع إسلامي ليس له نقطة تلاقى أو اتفاق مع إيران ذات المذهب الاثنا
عشري، ولكن هناك اتفاق يرتبط بمصالح بينهما.
لا أجزم بوجود دعم واضح من إيران لحزب
الإصلاح، إلا إذا كان هناك مصالح، فليس من المعقول أن تدعم إيران طرفين مختلفين،
ولكن عند وجود المصالح السياسية فهما يتفقان.
هل ساعد حزب المؤتمر إيران فى دخول
اليمن ؟
انا لا أتهم حزب المؤتمر، ولكن اوجه
اتهام إلى قيادة الحزب آن ذاك، فلا نستطيع أن نتهم الحزب بأكمله بدعمهم للحوثيين،
لكن أؤكد بأن القيادة السياسية للحزب حينما شعرت بأنها خارج السلطة بدأت تتحالف ضد
قوى المجتمع لكى تستعيد سلطاتها، الأمر الذى جعل على عبدالله صالح رئيس الدولة
السابق ورئيس الحزب يتحالف مع الحوثيين ومساعدتهم فى الدخول إلى صنعاء.
هناك أعضاء بارزين داخل الحزب من بينهم
الرئيس الشرعي عبدربه منصور الذى كان نائب رئيس الحزب لم ينساقوا وراء الأفكار المتطرفة والوقوف
بجانب الحوثيين ولازالوا ضد المؤتمر، فالأدق أن نقول بعض قيادات المؤتمر ساهمت فى
دخول الحوثيين.
برأيك.. من هو المتهم الرئيسي فى دخول
المليشيا ؟
أتحدث من منطلق رأى الشخصي ليس مُمثلاً
لرأى دولة أو حزب أو أى كيان سياسي، فانا اتهم الرئيس السابق المخلوع على عبدالله
صالح من خلال الوقائع التى تمت، كونه سبباً مُباشراً ومساعداً للأحداث ، حيث لعب
وقتها على إبعاد قوات الحرس الجمهورى عن صنعاء ليُصبح الطريق مُمهداً للحوثيين
للدخول بسلام دون مقاومة.
ما قصة حصارك داخل منزلك ؟
بعد انتقالنا إلى عدن، وبدء غزو
الحوثيين إلى عدن بدعم من باقى عناصر القوات المسلحة التى تتبع على عبدالله صالح،
وجدنا أنفسنا كعناصر تابعة للجيش ليس أمامنا حل سوى المقاومة، فتحرك الشباب إلى القتال
داخل عدن حتى تم تحرير عدد من المناطق.
وذات يوم، تمكنت عناصر المليشيا من
الوصول إلى منزلى ومحاصرته، فما كان أمامنا إلا تبادل الأعيرة النارية معهم من
الساعة السابعة إلا ربع وحتى التاسعة، حتى وصل دعم المقاومة إلينا ونجحنا فى فك
الحصار على المنزل.
كيف وصلت عناصر المليشيا إلى منزلك ؟
فى ذلك اليوم، كنت عائد من مقر القيادة
العسكرية بعد أن أنتهيت من عملى، فتلقيت اتصال هاتفى من أحد شباب المقاومة قال
خلاله أن هناك عناصر من المليشيا تتسلل بالقرب من المنزل، فحملت سلاحى انا وأبنائي
والحرس الشخصي وتبادلنا الأعيرة النارية لحظة سماعنا أصوات الطلقات ورأينا العناصر
تنزل من السيارات، وكانوا ينادوا بعبارات واضحة "اخرج.. اخرج.. سلم
نفسك".
هل قامت الحكومة بدورها تجاه أُسر
الشهداء ؟
لدينا أكثر من 20 ألف شهيد وأكثر من 40
ألف جريح، فيحتاجون إلى ميزانية ضخمة، فالرئيس والقيادة التنفيذية أعطوا توجيهات
إلى جميع مؤسسات الدولة بضرورة رعاية أُسر الشهداء وتوفير كافة سبل الدعم المادى
والمعنوى لهم، فالشهداء قدموا أرواحهم من أجلنا، فلابد أن نكون أوفياء.
أُضيف نقطة هامة، فهناك فساد توغل فى
المجتمع وأدى ذلك إلى أن بعض أُسر الشهداء لا يحصلون على حقوقهم كاملة.
فى الختام.. ما رأيك فى الدور الذى
تلعبه قوات التحالف العربي ؟
التحالف العربي يُريد الوحدة وبناء
الدولة الاتحادية وإنهاء أزمة الحرب داخل أراضينا، فهم حلفاء وشركاء لنا فى كل شئ،
حتى أنهم قدموا شهداء فداءً لليمن، حيث أن دول التحالف تتحمل نفقات علاج المُصابين
داخل اليمن، وكذلك إذا تتطلب العلاج السفر إلى خارج البلاد.
وأود أن أتقدم بالشكر إلى الرئيس
عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العريية، فمصر منذ اللحظة الأولى للتحالف
العربي وهى تدعمنا بكل ما أوتيت من قوة، حيث احتضنت الكثير من أهالى اليمن
الهاربين من جحيم الحرب بين ذراعيها وقدمت لهم كل سبل الحماية.