تقرير دولي يكشف عن تحركات أمريكية للسيطرة على أسواق النفط العالمية
كشفت تقارير حديثة عن إتجاهات جديدة للولايات المتحدة الامريكية نحو تعزيز أولوية تصدير البترول عن استيراده في الفترة المقبل، وهو ما سينعكس على أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول العالمية "OPEC" الذين سيضطرون إلى تقييد إنتاجهم لفترة أطول مما يخططون إن أرادوا تجنب ارتفاع المخزونات العالمية مرة أخرى.
وأكد أول تقرير شهري مفصل تصدره إدارة معلومات الطاقة بالولايات المتحدة الامريكية أن هذا الاتجاه لا يعني أن الولايات المتحدة ستقوم بوقف شحن النفط من الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية أو وقف احضار المنتجات المكررة من أوروبا وآسيا، مشيرا إلى إن تلك الدول قد اتخذت منحنى جديداً في استخراج النفط الخام الموجود في الصخور الزيتية.
وتتوقع وكالة الطاقة الأمريكية "EIA" أن الولايات المتحدة ستقوم بحلول ديسمبر 2020 بتصدير 1.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، أي إنها ستصدر أكثر مما ستقوم باستيراده.
وجدير بالذكر أنه من حوالي عشر سنوات فقط كان خام البترول يُشتري بأكثر 9.4 مليون مما كان يبيع في الخارج. ويعد هذا تحولا في صافي التدفقات لأكثر من مليون برميل في اليوم لمدة عشر سنوات.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تباطأت في تفعيل الوضع الجديد بسبب انهيار أسعار النفط في عام 2014 واستؤنفت مرة أخرى فقط في عام 2017، بعد أن خفضت الولايات المتحدة الأمريكية تكاليف صناعة النفط الصخري وبدأت تخفيضات إنتاج منظمة OPEC في رفع الأسعار إلى المستوى الذي تبدأ به عملياتها لتصبح مربحة مرة أخرى، مما أدى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة مدفوعًا باستخراج النفط من الصخر الزيتي، مما أحدث بدوره تغييراً في مستقبل البلاد.
وتشير التوقعات الأخيرة بأن اتجاه النمو سوف يتباطأ في معظم الوقت من عام ٢٠١٩ وكان من المتوقع حدوث وقفة مماثلة في النمو في صيف عام 2018، لكنها لم تتحقق. وهذا ليس معناه ثبات تقارير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA عن التحديث وإنما قابلة لتقييم معدل الإنتاج الأمريكي باستمرار.
وعلاوة على ذلك فإن الإنتاج في الولايات المتحدة سيعزز المبيعات في الخارج (سواء من النفط الخام أو من المنتجات المكررة، إذا تم معالجة هذا النفط الإضافي في المعامل التكريرية المحلية).
ليس هذا فحسب، بل يتوسع مركز التصدير الصافي للولايات المتحدة حتى نهاية عام 2020، بل من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة بائعًا وحيداً (محتكراً) لمبيعات النفط في العالم.
وعلى نحو آخر تعتبر الولايات المتحدة هي بالفعل أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تستهلك واحداً تقريبًا من كل خمسة براميل منتجة في جميع أنحاء العالم، وإذا كانت توقعات EIA صحيحة، فستصبح قريبا واحدة من أكبر الدول المصدرة.
ومن الجدير بالذكر إنه يوجد خارج مجموعة دول "OPEC"، خمسة دول فقط يحققون أكثر من مليون برميل في اليوم (روسيا، كندا، النرويج، كازاخستان، قطر) وعلى الرغم أن هذا لن يجعل طاقة الولايات المتحدة مستقلة وفقا لتحليل جولف بروكرز، وستظل الولايات المتحدة مستوردا للنفط الخام لتغذية صناعة التكرير الهائلة لديها، وستظل ايضاً بحاجة إلى النفط الثقيل ذو الكبريت العالي التي تنتجه دول الشرق الأوسط وكندا ومنطقة البحر الكاريبي للحصول على أفضل ما تنتجه المعامل التكريرية التي بنتها شركاتها على طول ساحل الخليج. وذلك سوف يتطلب وقت كثير للأسواق الخارجية لتلك الكميات المتزايدة من المنتجات الفائضة التي تنتجها تلك المصانع.
وبُناءً على تحليل جولف بروكرز من المحلل والخبير الاستشارى محمود أبو هديمة، فإنه بالنسبة للبلدان الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "OPEC"، فإن النمو في صادرات الولايات المتحدة سوف يتنافس بشكل مباشر مع مبيعاتها الخاصة ويمكن أن يجبرها على تمديد ضبط الإنتاج مرة أخرى.
بينما كانت الخطة الأصلية لديهم هي خفض الإنتاج لإعادة التوازن بين العرض والطلب بحلول منتصف عام 2017، ومن المقرر الآن أن تعمل حتى منتصف عام 2019 وهناك حديث عن تمديدها لمدة أطول وهو ما يشبه بالتحركات التكتيكية الجديدة من قبل الولايات المتحدة للسيطرة على أسواق النفط العالمية.