واشنطن تحذّر من تصاعد التمييز ضد اليهود والمسلمين
يحذر تقرير صدر حديثاً عن وزارة الخارجية الأميركية من تنامي التفرقة والعداء ضد المسلمين واليهود في بقاع مختلفة من العالم، مشيراً إلى تصاعد ظاهرة العداء للإسلام الإسلاموفوبيا في أوروبا وآسيا وزيادة موجة معاداة السامية كذلك.
حذر تقرير تصدره سنويًا وزارة الخارجية الأميركية حول حرية العبادة من تزايد ظاهرة التمييز ضد اليهود والمسلمين حول العالم، وانتقد التقرير مسؤولين حكوميين ودينيين في فنزويلا ومصر وإيران بسبب تصريحاتهم المعادية للسامية وخاصة الرئيس محمد مرسي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وهذا التقرير يعرضه الكونغرس الأميركي بموجب قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998، وتستخدمه الوكالات الحكومية الأميركية لرسم السياسات، وإدارة الدبلوماسية، وتحديد مخصصات المساعدات والتدريب، وغيرها من الموارد الأخرى. وأيضًا يستخدم وزير الخارجية الأميركية التقرير لمساعدته في تحديد البلدان التي مارست أو تساهلت حيال الانتهاكات الشديدة للحرية الدينية، والمعروفة باسم دول تثير قلقاً خاصًا .
ويشكل إصدار تقرير الحرية الدينية الدولية لعام 2012 من جانب وزارة الخارجية الأميركية، الذي تم نشره في 20 أيار/مايو، استمرارًا لالتزام الولايات المتحدة باحترام حق الإنسان في الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم.
ويمثل التقرير، الذي يقيّم كيفية حماية الحكومات في حوالي 200 بلد الحرية الدينية لمواطنيها، ما تبذله السفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم من جهود سنوية في جمع المعلومات من مسؤولين حكوميين، وقادة دينيين، ومنظمات غير حكومية، وصحافيين، ومراقبين لحقوق الإنسان، ومجموعات دينية، وأكاديميين وغيرهم.
لواء التسامح
كما حذرت الولايات المتحدة من تنامي التفرقة والعداء ضد المسلمين واليهود في بقاع مختلفة من العالم. وأكدت الخارجية الأميركية تنامي ظاهرة العداء للإسلام الإسلاموفوبيا في أوروبا وآسيا وزيادة موجة معاداة السامية في العالم.
وكان وزير الخارجية جون كيري أكد في جلسة تثبيته في مجلس الشيوخ على أن الحرية الدينية تكمن في صميم ما نحن عليه كـ أميركيين وأن حمل لواء التسامح الديني، والتنوع، والتعددية، جميعها أمور ذات أهمية حاسمة في حياتنا .
كما كان الرئيس أوباما أعلن في وقت مبكر من العام 2012، أن الحرية الدينية ليست مجرد حق أميركي يحميه دستور الولايات المتحدة، إنما هي حق من الحقوق الإنسانية العالمية الذي ينبغي حمايته هنا في الوطن وعبر أنحاء العالم. فهذه الحرية تشكل جزءًا أساسيًا من كرامة الإنسان، و من دونها لا يمكن لعالمنا أن ينعم بالسلام الدائم.
الأقليات الإسلامية
وفي هذا التقرير الخاص بعام 2012، ندد وزير الخارجية جون كيري أيضا بتزايد القمع الذي تتعرض له أقليات مذهبية إسلامية في دول مسلمة وأيضًا بالذي تتعرض له مجموعات دينية في آسيا وخاصة في الصين.
وقال كيري وهو يعرض تقرير وزارته على الصحافيين إن الحرية الدينية ليست اختراعاً اميركياً لكنها قيمة عالمية يضمنها دستورنا، وهي مترسخة في قلوب الكل .
وشدد كيري على أن حرية إعلان وممارسة العقيدة والإيمان أو عدم الأيمان أو تغيير الديانة حق طبيعي لجميع البشر وهذا ما نؤمن به .
وحث كيري كل الدول على التحرك لحماية هذه الحرية الأساسية .
وأعلن كيري أنه قرر تعيين موفد جديد لشؤون معاداة السامية هو أيرا فورمان، الذي كان مسؤولاً عن شحذ الأصوات اليهودية لصالح الرئيس أوباما في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ومثل كل عام استعرض خبراء وزارة الخارجية الممارسة الدينية والعقبات التي يواجهها اتباع الأديان مع تركيز خاص في عام 2012 على الإسلام.
وذكرت وزارة الخارجية في هذا التقرير أن الخطاب والأفعال المعادية للمسلمين تزايدت بوضوح وخاصة في أوروبا وآسيا. وأسفرت القيود الحكومية التي تتفق غالبًا مع مشاعر عداء داخل المجتمع عن أعمال مناهضة للمسلمين كان لها تأثيرها على الحياة اليومية لعدد لا بأس به منهم .
الملابس الدينية
ومثل العام الماضي انتقدت الولايات المتحدة الحكومات التي تفرض قيودًا على الملابس الدينية، وخاصة ارتداء الحجاب في المدارس وخلال الوظيفة العامة والاماكن العامة ، مشيراً إلى بلجيكا التي أقرت العام الماضي تشريعًا يحظر النقاب.
وحمل التقرير أيضًا على الهند بسبب القيود على ارتداء الحجاب في مدارس الدولة التي يشكل فيها الهندوس الأغلبية.
وعلى غرار السنوات السابقة أفرد التقرير بشأن الحريات الدينية في العالم قسمًا كبيرًا للصين، حيث قامت الحكومة بـ مضايقة واحتجاز وإدانة وسجن عدد من المسلمين .
وانتقدت واشنطن ايضًا كوريا الشمالية، وكذلك دولاً أقرب منها دبلوماسيًا مثل فيتنام وبورما خاصة بسبب طريقة معاملة الاقليات غير البوذية مثل المسلمين
الروهينغا.
حرية الفكر والدين والضمير
ولا تزال معادة السامية تثير قلق الولايات المتحدة، حيث أعرب التقرير عن الأسف لكون هذه الظاهرة تتنامى باستمرار في العالم من خلال انكار أو تمجيد الهولوكوست أو عبر معارضة السياسة الإسرائيلية لتبرير معاداة واضحة للسامية .
وأشارت الوزارة إلى مظاهر عداء لليهود في جميع أنحاء العالم مثل أعمال تدنيس في أوكرانيا وروسيا، كما نددت بحزب يوبيك اليميني المتطرف في المجر.
وإلى ذلك، يعترف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن كل فرد، في كل ركن من أركان العالم، يملك الحق في حرية الفكر، والضمير، والدين. وأن هذا يشمل حريته في تغيير دينه أو معتقداته - إمّا منفردًا أو بالاشتراك مع آخرين، وإمّا علنًا أو سرًا - وفي التعبير عن دينه أو معتقده من خلال تعليمه، أو ممارسته، أو إقامة شعائره أو طقوس عبادته.
واستنادًا إلى دنيس ماكدونو، نائب مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي، فإن حرية الدين تُعدّ العنصر المكون الرئيسي لنشوء المجتمعات المستقرة والناجحة وقيام عالم يسوده العدل. ونحن نعرف أن البلدان التي تحمي الحرية الدينية فعليًا تكون أكثر قدرة على التطور والازدهار. ويغدو من الأكثر احتمالاً لها أن تنعم بنظام ديمقراطي مستقر.
وفي كلمة أدلى بها في سبتمبر/ أيلول عام 2012، حول السياسة الأميركية والحرية الدينية الدولية، أكد ماكدونو، إننا نعلم أن غياب الحرية الدينية – أو التمييز ضد الناس بسبب معتقداتهم الدينية – يمكنه أن يكون وصفة لعدم الاستقرار.
تفاقم المظالم
ولفت ماكدونو إلى أنه عندما يُحرم الناس المؤمنون من فرصة ممارسة العبادة بحرية، أو التجمع ضمن مجموعات، فإن المظالم تتفاقم عندئذٍ. ومن شأن ذلك إفراز التصدعات وعدم الثقة بين مختلف الأديان والطوائف، وهو الأمر الذي يغذي التعصب الطائفي، نظرًا لأن الناس سوف ينسحبون إلى ما يعتقدون أنه يوفر لهم الملاذ الآمن إلى جانب زملائهم المؤمنين بدينهم، وذلك يقوي المتطرفين. ومن شأن غياب الحرية الدينية، أن يفاقم عدم الاستقرار واحتمال نشوب العنف واندلاع الحروب. لقد رأينا ذلك يحدث على مر التاريخ. ورأينا ذلك خلال نزاعات عصرنا الحالي، بدءًا من أيرلندا الشمالية ولبنان ووصولاً إلى البلقان.
ومن جهتها، كانت السفيرة الأميركية المتجولة للحرية الدينية الدولية سوزان جونسون كوك أقرّت بأن النزاعات والخلافات الدينية تؤثر في سياسات العديد من البلدان، وهذا أحد الأسباب التي دفعت حكومة الرئيس أوباما إلى جعل تعزيز الحرية الدينية عنصرًا أساسيًا ضمن السياسة الخارجية الأميركية.
وأشارت كوك، في تصريحات أدلت بها في ابريل/ نيسان الماضي في الجامعة الكاثوليكية الأميركية، إلى أن اليقظة المستمرة مطلوبة دومًا لحماية الحرية الدينية.
وقالت كوك، التي تسافر حول العالم لمناصرة الحرية الدينية، لا أعتقد أن هناك ديناً يمكنه أن ينجو من هجمات توجه إليه في أي ركن من أركان المعمورة .
واستطردت، لقد تحدثتُ مع مسلمين يواجهون التمييز، ومسيحيين لا يستطيعون ممارسة شعائر إيمانهم علنًا، وبوذيين لا يُسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية، ويهود يواجهون الكراهية المجتمعية. فلا توجد أي جماعة دينية في مأمن من الهجوم.
وختمت السفيرة كوك: ولهذا السبب نحن نحمي حق كل فرد في الإيمان، أو عدم الإيمان، وفقًا لما يمليه عليه ضميره.