سامى جعفر يكتب: مجرد رأي فى تعديل الدستور
يمكن تلخيص التعديلات الدستورية التى تقدم بها عدد من أعضاء مجلس النواب، على دستور 2012 المعدل فى 2014، بأنها تهدف لإبقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى الحكم لأطول فترة ممكنة، وكذلك تركيز سلطات أكبر فى يده، لأنه الأقدر على قيادة مصر فى ظل الظروف الصعبة التى تعيش فيها المنطقة وتقديراً لدوره فى منع سقوط مصر ضحية حرب أهلية بسبب تمسك جماعة الإخوان بالسلطة.
ولا يمكن على الإطلاق التقليل من دور الرئيس السيسى، إذ أنه وفق أى مقياس بطل مصرى بامتياز، أنقذ البلاد بالفعل، كما أنه استطاع خلال سنوات قليلة تحقيق إنجازات لا يمكن إنكارها.
ولكن لم يسأل النواب الذين تصدوا لهذه المهمة أنفسهم عن كيفية إدارة البلاد بعد السيسى، رزقه الله بالصحة وراحة البال والعمر الطويل، وهل يمكن الاطمئنان لرئيس غيره فى حال أدار الدولة وفق السلطات الجديدة، وهل يحتاج الدستور بالفعل إلى تعديل؟ وهل التعديل يفيد الوطن أم أنه فى حاجة لعملية أخرى.
هذه الأسئلة بديهية للغاية، وصعوبتها الوحيدة هى الإجابات، وأولها أن الإبقاء على الرئيس السيسى فى الحكم يمكن ببساطة إذا تولى رئاسة مجلس الوزراء وحصل على تفويض من الرئيس القادم لإدارة البلاد وفق نموذج ناحج وسبق تجريبه، هو تبادل المواقع بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ودميتري ميدفيديف، هى تجربة ساهمت فى استعادة موسكو لقوتها دون تعديل دستور أو غيره.
الأمر الأخر، أنه يمكن ائتمان الرئيس السيسى، على الدولة والوطن، ولكن هل يضمن المتصدون لطلب تعديل الدستور أن يأت شخص أخر على نفس المستوى؟، أظن أن الإجابة صعبة للغاية لأنها فى علم الغيب.
أما الدستور نفسه فإنه لا يحتاج لتعديل ولكن البلاد تحتاج لدستور جديد، حيث نسى السياسيون وغيرهم أن ما جرى فى عام 2014 كان تعديلاً لدستور 2012، إذ أن أى مراجعة بسيطة لدساتير مصر أو الإعلانات الدستورية التى حكمت البلاد، أنها كانت ممتلئة بالتناقضات بين الحقوق والحريات والواجبات، وأنها لا تضمن المساواة بين المواطنين وأحقيتهم فى الترقى الاجتماعى، كما أن النسخة الأخيرة من الدستور قائمة على الفئوية وكأن المشرع الدستورى لا يرغب فى التعامل مع المواطنين باعتبارهم سواسية.
من المتوقع أن يفرز تعديل الدستور وفق تصور المطالبين بالتعديل توتراً سياسياً لن يشكل خطراً على الدولة فى الوقت الحالى ولكنه سينتج أزمات مستقبلية، كما أن التعديل سيضعف من ثقة المواطن فى النخبة السياسية إذ يستوى لدى المطالبين بالتعديل والرافضين له، لأن أهدافهما قصيرة النظر، لأن المجموعة الأولى تقدم مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن، وإلا لتم دراسة أمر الدستور بدرجة أكبر وأوسع فى النظرة، أما الفريق الرافض للتعديل فلم يكن يقبل بالدستور من الأساس ويعتبر الأمر فرصة لإزعاج النظام الحالى وتحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى أيضاً.