منال لاشين تكتب: كوتة 25% للمرأة لا تكفى
يجب تخصيص حصة للنساء فى مجالس النقابات والأندية واتحادات الطلبة
حقوق المرأة مهدرة فى المجتمع فى الميراث وفى اختيار شريك الحياة
أوروبا تبحث الآن كوتة المرأة فى مجالس الشركات الخاصة
بدأت عجلة التعديلات الدستورية فى الدوران، وعلى الرغم من أن مشروع التعديل يشمل ملفات ساخنة وأخرى شائكة إلا أننى قررت أن أبدأ بملف واحد هذا الأسبوع على أن نتابع بقية الملفات، هذا الملف مثير للجدل الاجتماعى ويبدو ناعما رقيقا كالمرأة، هذا التعديل يشمل منح المرأة كوتة أو بالأحرى العودة لكوتة للمرأة فى مجلس النواب، وبالطبع استقبله معظم الرجال من حولى بالغيظ؛ لأن مشروع التعديل يمنح المرأة 25% من مقاعد البرلمان (المادة 102)، سمعت تعليقات من نوع «زمن الستات» «نقعد احنا فى البيت أحسن» وتعليقات أخرى تكشف عن رفض ذكورى متوقع فى مقابل أى مكاسب للمرأة، وإذا كان الكثير من الرجال يرون أن تخصيص نسبة الربع للمرأة فى البرلمان مهولة وضخمة، فعلى النقيض وعلى مستويات عديدة أعتقد أن هذه النسبة لا تكفى.
1- كوتة مستحقة
عرفت مصر نظام كوتة المرأة بتخصيص ثلاثين مقعدًا، ولكن تم الطعن على المقاعد لأن المادة 40 من دستور 71 والتى تنص على المساواة التامة بين المواطنين أدت إلى إلغاء الكوتة، وفى آخر برلمان قبل ثورة 25 يناير عادت الكوتة بـ30 مقعدًا مرة أخرى بعد تعديل الدستور أقر بالتحيز الإيجابى للمرأة، ولكن هذا البرلمان لم يكتب له الاستمرار فقد قصفت ثورة 25 يناير عمره.
وهذه المرة تعود الكوتة بنسبة 25%، وهذه النسبة تعد الأقل بين معظم الدول التى أخذت بنظام الكوتة، حيث النسبة بين ثلث البرلمان، وتصل للنصف فى دولة عربية مثل فلسطين، ولذلك فإن هذه النسبة التى أزعجت الرجال لا تعد لا كبيرة ولا ضخمة، وخاصة مقارنة بما قدمته المرأة لمصر سواء فى وقت الثورات أو مرحلة الاستقرار.
فقد شاركت المرأة المصرية فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو بقوة حتى كانت أهم ملامح الثورتين، وبعد ثورة 30 يونيو شاركت المرأة فى كل الانتخابات والاستفتاءات التى ساهمت فى تدعيم ركائز الدولة المصرية ونظام 30 يونيو، وقدمت المرأة الابن والزوج والأب شهداء سواء فى معركة الحرية أو مكافحة الإرهاب، ولذلك فإن الدستور والنظام يجب أن يعززان مساحة أكبر وأقوى من المشاركة السياسية للمرأة.
2- كوتة طائرة
ولكن القضية لا تكمن فقط فى أن النسبة أقل من بعض الدول العربية أو الهند، ولكن على مستوى الآخر فإن تمكين المرأة سياسيا لا يبدأ من كوتة فى البرلمان، فالطريق للبرلمان لا يبدأ فى يوم وليلة، واذا كنا نريد حياة سياسية سلمية، فيجب أن تبدأ تهيئة المناخ للنساء من قبل أن نفتح أمامها أبواب البرلمان، فالمدرسة الحقيقية لتخريج السياسيين تبدأ من انتخابات اتحاد الطلاب فى الجامعة والأندية والنقابات، ولذلك فإن الكوتة لا يجب أن تقتصر أو بالأحرى تبدأ بالبرلمان، واقترح أن نستغل فرصة التعديلات الدستورية ونقترح نصا بتخصيص نسبة 20% على الأقل للمرأة فى انتخابات النقابات والأندية واتحادات الطلاب، وبذلك نشجع المرأة على التواجد فى الحياة العامة من ناحية، والتدريب العملى على المشاركة السياسية من ناحية أخرى.
وإذا بدا اقتراحى غريبا أو مثيرا للدهشة أو غضب أو غيظ الكثير من الرجال، فأحب أن أذكر الجميع أن الاتحاد الأوروبى الآن يفرض نسبة أو كوتة للنساء فى مجالس إدارات شركات القطاع الخاص، ولم يكتف الاتحاد الأوروبى بما وصلت إليه المرأة من مناصب سياسية بما فى ذلك رئيسة للجمهورية أو رئيسة وزراء أو وزيرة دفاع أو داخلية.
3- الكوتة الحقيقية
فالمساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة أو ما يعرف بتمكين النساء ليس مجرد تعيين عدد من الوزيرات فى الحكومة أو كثرة عدد النائبات فى البرلمان، وإنما المساواة الحقيقية والتمكين الحقيقى هو أن تستفيد كل امرأة وفتاة من المساواة والتمكين، وأن تصل حقوق المرأة لأفقر امرأة فى أبعد نقطة فى هذا الوطن، نساء حرمن من أبسط حقوقهن فى الحياة، لا يزال لدينا رغم الجهود نساء لا تعرف عنهن الدولة شئيًا، ويولدن ويعشن ويمتن دون حتى شهادة ميلاد أو حياة، لاتزال هناك نساء يحرمن من الحق فى الميراث بحجة حماية الثروة من الخروج من العائلة، ويحرمن من حقهن فى التعليم، والحق فى اختيار شريك الحياة، وتحمل العنف بحجة الحفاظ على الأسرة، ولذلك فإن التمكين الأهم والأخطر والأكبر والأعمق هو التمكين المجتمعى، وأن يصل ثمار تقدم المرأة لكل نساء مصر وليس لمجرد المحظوظات من النخبة.
ولذلك فأنا أؤمن بأن كوتة الـ25% للمرأة مجرد بداية لخطوات وإجراءات لا تقل أهمية أو خطورة عن النص الدستورى على كوتة للمرأة، فقد أثبتت المرأة المصرية أنها أهل للمسئولية والثقة والنضال ومساندة ودعم شرعية 30 يونيو، لذلك يجب ألا نكتفى بالكوتة فى البرلمان فقط، ويجب أن تقف الدولة بشجاعة تجاه قضايا المرأة فى المجتمع فى مواجهة المتطرفين والسلفيين الذين يقفون فى مواقع كثيرة وقرى أكثر ضد حقوق المرأة ومع تحويلها إلى مجرد سلعة فى سوق الزواج، ولحم رخيص للاستمتاع به.
الجهاد فى تغيير نظرة وتعامل المجتمع الذكورى مع المرأة هو الجهاد الأكبر، جهاد يشمل محاور كثيرة ومستويات متعددة، ومن بين هذه المستويات والمجاور كوتة المرأة فى البرلمان.
هذه خطوة أولى ولكنها لوحدها لا تكفى.