محكمة تؤكد ضلوع النظام السوري باغتيال صحفية أمريكية

عربي ودولي

اغتيال صحفية أمريكية
اغتيال صحفية أمريكية


أصدرت محكمة أمريكية، الأربعاء، حكماً بإدانة النظام السوري، واعتباره مسؤولاً عن قتل الصحافية الأمريكية ماري كولفن (1956-2012)، عمداً بعدما استطاع تحديد مكانها بدقة في منطقة (بابا عمرو) التابعة لريف حمص، وسط البلاد.

 

ورأت المحكمة أن النظام السوري قد تعمّد قتل الصحفية الأمريكية التي كانت تعمل وقتذاك مراسلة لصحيفة صنداي تايمز البريطانية، وحمّلته المسؤولية القانونية والجنائية عن قتلها، عندما قام بقصف المقرّ الصحافي الصغير الذي كانت تتخذه مأوى لإعداد تقاريرها الصحافية، هي ومجموعة من زملائها الذين قضى بعضهم معها، كالمصوّر الفرنسي (ريمي أوشيليك).

 

ويقضي حكم المحكمة بتغريم حكومة نظام بشار الأسد، بمبلغ يزيد عن 300 مليون دولار أميركي، نظراً لتورّطه المقصود والمتعمّد، بقتل الصحافية التي كانت ترصد أوضاع المدنيين السوريين المحاصرين في (بابا عمرو) الذي كان تحت سلطة المعارضة السورية، في ذلك الوقت، وكان يخضع لحصار خانق وقصف مكثّف من قبل قوات النظام السوري.

 

11 صاروخاً لقتل ماري كولفن!

وتؤكد المحكمة الأميركية في حيثيات قرارها، أن النظام السوري، ضالعٌ بقتل المواطنة الأميركية، وخارج إطار القانون، متعمداً إسكات أصوات الصحافيين الذين ينقلون حقيقة ما يجري من أحداث على الأرض السورية.

 

وقتلت الصحافية الأمريكية في منطقة (بابا عمرو) الحمصية، بتاريخ 22 فبراير عام 2012، إثر قيام قوات النظام السوري، باستهداف المكان الذي يؤويها هي وبضعة من زملائها وناشطين سوريين. وتؤكد مصادر مستقلة منها ما ذكره الدكتور فرنكلين لامب صديق كولفن، أن كولفن قتلت بعد سقوط 11 قذيفة وصاروخاً على المكان الصغير الذي كانت تقيم فيه، ولم يعرف مصيرها إلا في اليوم التالي للقصف، حيث اختفت جثتها وجثة المصور الفرنسي، تحت ركام الدمار الهائل الذي عمّ المكان.

 

ويشار في هذا السياق، أن الادعاء على نظام الأسد، بصفته متورطاً عمداً بقتل الصحافية الأميركية، تم عبر قضية رفعت عام 2016، حملت اسم (ماري كولفن وآخرون)، أمام المحكمة الجزئية في مقاطعة كولومبيا الأميركية، وبالنيابة عن أسرة الصحافية القتيلة التي عرف عنها شجاعتها وأخلاقها النبيلة. وقام بشار الأسد، بعد أسابيع من اتهام نظامه باغتيال كولفن، بنفي معرفة جيشه بمكان وجودها، أثناء القصف، وقال إن كولفن دخلت سوريا بشكل غير قانوني ثم حمّل الضحية مسؤولية ما حصل لها، نافياً علمه بالطريقة التي قتلت فيها. وذلك حسب ما قاله إن بي سي نيوز الأميركية، عام 2016.

 

وتولّى (مركز العدالة والمحاسبة) وهو منظمة حقوقية أميركية مقرها في سان فرانسيسكو، وتنشط في مجال مكافحة التعذيب وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إقامة الدعوى وتقديم الوثائق التي أثبتت ضلوع النظام السوري، بقتل كولفن، عمداً.

 

النظام السوري تعمّد قتل الصحافية الأمريكية

ويتعامل المدّعون ضد النظام السوري، في قضية مقتل كولفن، مع قضيتها لا باعتبارها مجرد إحقاق حق الصحافية التي قتلت عمداً، وحسب، بل باعتبارها تهدف للكشف عن جميع الفظائع التي ارتكبها النظام السوري بحق شعبه. حسب مركز العدالة والمحاسبة الأمريكي.

 

وشهدت العاصمة الأميركية واشنطن، في شهر أبريل من عام 2018، تقديم أكبر حزمة من الوثائق التي تثبت تعمّد جيش النظام السوري، قتل الصحافية الأميركية، فتقدّم مركز العدالة والمحاسبة ومكتب (شيرمان وستيرلنج) للمحاماة، بطلب يلتمسان فيه، من المحكمة الفيدرالية، إصدار حكم غيابي بإدانة حكومة النظام السوري، لاغتيالها ماري كولفن.

 

وقال المحامي (سكوت جيلمور) قائد فريق مركز العدالة والمحاسبة، في قضية كولفن، إن الأدلة التي تم الكشف عنها تثبت أن نظام الأسد تعمّد قتل الصحافية الأميركية، وأنه قد خطط في شكل منهجي لاستهدافها.

 

وتم إيداع أكثر من 200 وثيقة سمعية وبصرية، لدى المحكمة الفيدرالية، تم تهريبها سراً خارج سوريا، أثبتت أن مقتل كولفن، كان جزءاً من خطة واسعة لدى النظام السوري، لإسكات معارضيه وكل من ينقل حقيقة الأوضاع السورية.

 

وقالت عائلة الصحافية الأميركية إن ماري كولفن قتلت لأنها فضحت جرائم نظام الأسد الوحشي.

 

وكانت الأدلة التي قدمت للمحكمة الأميركية، في شهر أبريل الماضي، هي عبارة عن شهادة من أحد المنشقين عن مخابرات النظام السوري، تم إطلاق اسم حركي عليه هو (أوليسيس)، تتضمن رواية دقيقة وموثوقة عن آلية التخطيط لاغتيال كولفن، عبر قصف متعمد للمكان الذي تقيم فيه.

 

وإضافة إلى شهادة (أوليسيس) السوري الاستخباري المنشق، فهناك 200 وثيقة تم تسريبها سراً، عن جهات أمنية تابعة للنظام السوري، كشفت سياسة نظام الأسد، باستهداف الصحافيين.

 

مخبرون سرّيون وتتبّع إلكتروني

ويضيف مركز العدالة والمحاسبة، أن الدليل الثالث الذي قدّم للمحكمة، هو عبارة عن شهادات خبراء، كشهادة السفير الأميركي السابق في سوريا، روبيرت فورد، وشهادة (ديفيد كاي) مقرر الأمم المتحدة الخاص والمعني بتعزيز حماية الحقوق في التعبير عن الرأي.

 

وخلصت جميع الأدلة والوثائق التي قدمت للمحكمة الفيدرالية الأميركية، بواشنطن، والتي أدت إلى إدانة حكومة النظام بالقتل العمد للصحافية الأميركية، إلى أنه قد تم (اغتيال) ماري كولفن، بعدما نجح النظام السوري بتتبعها إلكترونياً، في الموقع الذي كانت تعد فيه رسائلها الإخبارية التي تنقل حقيقة المأساة التي يعيشها أهل (بابا عمرو) الحمصي، وذلك من طريق مخبرين سريين يعملون خفية لدى أمن النظام الذي بعد رصده مكان كولفن، قام بقصفه بعدد كبير من الصواريخ والقذائف، أدت إلى مقتلها، وزميلها المصور الفرنسي، والناشط الإعلامي السوري وائل العمر.

 

ويطلق اسم (عين الحقيقة) على ماري كولفن التي فقدت إحدى عينيها عام 2001 وهي تغطي الحرب الأهلية في سيريلانكا. حيث استحقت عدداً من جوائز التكريم على شجاعتها الصحافية في أكثر من بقعة ساخنة حول العالم، آخرها في سوريا، حيث لم تخسر عَينها، وحسب كما حصل لها في سيريلانكا، بل خسرت حياتها بالكامل، بعدما قرر النظام السوري إسكات صوتها إلى الأبد.