محمد مسعود يكتب : «تمرد» على الذين طغوا فى البلاد

مقالات الرأي

محمد مسعود يكتب :
محمد مسعود يكتب : «تمرد» على الذين طغوا فى البلاد


.. يقينا، عشق الإخوان للسلطة، كعشق الشيطان للعبد العاصى، فالعهد واحد.. والسلطة تحقق لهما الغاية نفسها، الخلود.. خلود المقعد، والمكانة المرموقة.. فى الجحيم.

لم يظن الإخوان أن يومهم سيأتى، لا يقتنعون بحركة التاريخ التى لا تسمح لهم بالتواجد الأبدى، يلهثون لأخونة كل شيء، يلتهمون السلطة التهاما، وكأنهم ينتقمون من تلك الأيام التى قضوها فى الزنازين والسجون، يحاولون السيطرة على كل شيء وأى شىء، يشبعون غريزتهم السياسية المكبوتة، ويعتقدون – أو يحثونا على الاعتقاد - أنهم ينجحون، ويتحدثون عن إنجازات وهمية، لا يراها سوى أصحاب العقول الضعيفة الذين هم كالنظارات المكبرة التى تكبر الأشياء الصغيرة ولا ترى الأشياء الكبيرة، أصحاب العقول الضعيفة فقط هم من يصدقونهم، ومعهم بعض رجال السياسة الضالين الذين أدركوا غايته.. فى مكتب الإرشاد.

حان وقت التمرد على الجماعة، ومكتب الإرشاد، والرئيس، حان وقت الدرس الكبير، كونهم لم يستوعبوا درس الخامس والعشرين من يناير، الذى اشتعلت فيه الثورة بدعوات خجولة على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك، الآن، اشتعلت ثورة جديدة، من خلال حركة «تمرد» التى تمخضت بعد أيام قليلة على إنشائها عن ملايين التوكيلات التى تنادى بالتمرد على الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، الكل يسأل عن الحملة، البسطاء يتساءلون عن مصيرها، وهل ستكون البديل الشرعى، للتوكيلات التى حررها الكثيرون للفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع لإدارة شئون البلاد.

فكرة حملة تمرد هى مستصغر الشرر الذى ستخرج منه نار هائلة لا يقدر الإخوان حجمها ولا تأثيرها أو دمارها، ستكون هى الجحيم بعينه، لا لشىء إلا لأن البسطاء يسألون عنها، يوقعون عليها دون رشاوى من الزيت والسكر، فقد شبعوا من اللعب بالدين، والآيات التى تفسر معكوسة لخدمة سياساتهم وتوجهاتهم، وجاء الدور الحقيقى للبسطاء فوق مسرح الأحداث، ليلعب المهمشون دور البطولة، فى مسرحية «الخلع» الجديدة.

الناس فى مصر، ليسوا ممن لا يحمدون الله على النعمة، والرئيس المؤمن، فمرسى ليس نعمة، وإن كان مؤمنا بالله، فهو ليس مؤمنا بالوطن وحقه، بل يؤمن حقا بأهله وعشيرته ومرشده وجماعته، مرسى بينما هو ابتلاء من الله لاختبار صبر مصر وشعبها، وقدرتها على التحمل والاحتمال، مرسى هو الغلاف البراق لجماعة تلعب دور الفقاعة فى إعلان للصابون، لذا ضاقوا به، وضاقوا من خطبه ذات المشهد المعاد والنغمة المكررة، ضاقوا بصورته الصغيرة فى الخارج، ووعوده التى لم يحققها فى الداخل، ضاقوا من رجاله ومقربيه، من خيرت الشاطر وميليشياته المسلحة التى إن دلت فإنما تدل على حالة من الهلع التى تعانيها الجماعة، تتسلح كونها تعرف أنها لن تقنع الناس بها إلا بالإجبار.

حان الوقت للتمرد على شيوخ الفتنة، وعلى النظام الذى فتح لهم بالوعة أخرجوا منها كل ما هو نتن وعفن، والتمرد على محمد البلتاجى وصفوت حجازى، التمرد على المرشد الذى يخطب فى الأزهر الشريف.

النظام، ضئيل وصغير، ومضمحل، لا يمكن أن يسيطر على دولة فى حجم مصر، مصر بالفعل كبيرة على الإخوان، حتى وإن ساندتهم «الصغيرة» قطر، والعدو الإسرائيلى الذى يعشق مرسى كونه حقق لهم الأمن والأمان، بينما فشل فى تحقيقه فى بلده التى صدرها على إنها البلد «الشحاتة» الصغيرة لتبدو كقزمة.. فى حجم جماعته.

الآن يدفع الإخوان ثمن غرورهم، وثمن استهانتهم بالمصريين الذين خرجوا وسيخرجون.. إما الآن أو غدا.. أو بعد حين، سيخرجون بحثا عن الأمن، وعن الرغيف، وعن الاستقرار، سيبحثون عن رئيس يحقق أحلامهم، لا يضحك علي ذقونهم، وما علينا إلا الصبر.. الصبر علي الذين طغوا في البلاد.. إلي أن يكتب الله أمرا كان مفعولا.