رجل أعمال يكشف فضيحة قطر في مونديال اليد 2015
كشفت مجلة دير شبيجل الألمانية فضيحةً جديدةً
لقطر بعدما كشفت عن أن النظام الحاكم في هذا البلد لجأ إلى خدعة رخيصة لدى استضافته
بطولة كأس العالم لكرة اليد في عام 2015، عبر استخدامه نسخةً زائفةً من كأس البطولة
بدلاً من الكأس الأصلية في حفل الافتتاح.
جاء ذلك بعدما كشف رجل أعمالٍ من أصل عربي
استعانت به الدوحة لتجهيز هذه النسخة، عن أنه لم يتقاض مستحقاته من المسؤولين القطريين،
بل وتم إجباره على التخلي عن حصته من الأسهم في شركةٍ كان يديرها في قطر، ما حدا به
إلى الفرار من هناك في نهاية المطاف والاختباء في ألمانيا.
وأجرت مجلة دير شبيجل مقابلةً مع الرجل،
الذي يُدعى عمار رشيد، فضح فيها التهديدات التي تلقاها من السفارة القطرية في برلين
من أجل إسكاته، وأكد أن النظام القطري حوّل حياته إلى جحيم بدلاً من أن يكافئه على
مساعدته لحاكم الدوحة تميم بن حمد على حفظ ماء وجهه، بتجهيزه نموذج الكأس خلال أيام
قليلة، ما أدى إلى تجنيب أمير قطر إحراجاً دولياً غير مسبوق، كان سيحدث على مرأى ومسمعٍ
من الفرق الـ 24 التي شاركت في البطولة ووسائل الإعلام العربية والأجنبية التي قامت
بتغطيتها.
وروى رشيد الذي يحمل جواز سفرٍ هولندياً،
تفاصيل استعانة السلطات القطرية به لتنفيذ هذه الخديعة، بعدما فشلت الشركة الإيطالية
المكلفة بتصنيع الكأس في إنجازها في الموعد المحدد، وهو ما كان سيؤدي إلى ألا يتمكن
أمير قطر من حملها في حفل الافتتاح كما كان مقرراً.
وبحسب تقرير المجلة الألمانية، اتفق رجل
الأعمال على الحصول على 50 ألف دولار مقابل مساعدته للقطريين في الخروج من هذا المأزق،
لكنه لقي فيما بعد جزاء سنمار، إذ فقد خلال السنوات التالية شركته وأمواله وثقته بنفسه
وفي من حوله كذلك، بل وفقد أعصابه أيضاً في بعض الأحيان.
وأوضح التقرير أن عمار رشيد بدا خائفاً
عندما التقاه صحفيو المجلة في مكان ما في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث أطلعهم على
رسالةٍ تلقاها من محامٍ يعمل لحساب السفارة القطرية في برلين، قالت دير شبيجل إنها
مُصاغة بلغة قانونية شديدة الجفاف وتعني ضمنياً أنه يتعين على هذا الرجل أن يذهب إلى
الجحيم، رغم أنه أنقذ النظام القطري من فضيحةٍ عالميةٍ مدويةٍ. فمن دون جهوده كانت
قطر التي تريد الاضطلاع بدورٍ رياديٍ على الساحة الرياضية الدولية، ستعجز عن توفير
كأسٍ لبطولةٍ دوليةٍ تستضيفها على أراضيها.
ووفقا للحوار، قال رشيد: "وصلت إلى
الدوحة عام 2010 وكنت أرى أن قطر دولة تحب الرياضة، وتمنح الجميع فرص النجاح، فقد ترشحت
لتنظيم مونديال 2022، وامتلكت نادي باريس سان جيرمان الفرنسي في عام 2011.
وأضاف رشيد إن قطر حصلت على تنظيم كأس العالم
2015 لكرة اليد بعد أن صرفت 220 مليون يورو، وهو 10 أضعاف ما صرفته ألمانيا لتستضيف
البطولة في عام 2007. وقد استأجرت 60 مشجعاً إسبانياً لتشجيع المنتخب خلال كأس العالم
الذي أقيم قبل 4 أعوام كما جلبت مجموعة من أبرز لاعبي كرة اليد حول العالم من صربيا
وإسبانيا لتمثيلها في البطولة.
وتابع أنه كان من المفترض أن يكون الحدث
العالمي فرصة كبيرة لشركة عمار رشيد الصغيرة، بعدما طلب المنظمون منه صنع تميمة خاصة
بالبطولة وصل ارتفاعها إلى 5 أمتار وكلفت 189 ألف ريال، ومنحوتة لكرة يد وصل عرضها
لمترين ونصف دُفع لتصنيعها 52 ألف ريال. وهو ما قام به رشيد، حيث ظهرت في إحدى الصور
لرئيس اللجنة الأولمبية القطرية وهو أمام التميمة العملاقة، ليعبر عن رضاه في وقت لاحق
ويقول لرشيد "شكرا لهذا العمل العظيم، إن احتجت أي شيء في قطر يمكنك التواصل معي
أو التحدث إلى اللجنة الأولمبية القطرية".
وكشف أنه بعد تصنيع شركته للتميمة والمنحوتة،
قدم رشيد خدمة كبيرة للقطريين عندما أتاه شخص أسترالي يعمل في شركة خاصة بالمناسبات
متوتراً، يقول له بأن الكأس الخاص بالبطولة لن يأتي في الوقت المناسب، وهو الذي سيحمله
أمير قطر يوم الافتتاح، وأضاف: يجب عليك أن تحاول صناعة واحد مشابه فقط للافتتاح حتى
وصول الكأس الأصلية، حيث إن القطعة الأصلية يتم تصنيعها في إيطاليا في شركة “جي دي
إي بيرتوني” والتي تقوم بصناعة الكأس الخاصة بمونديال كرة القدم أيضا، وإذا بدأت البطولة
دون الكأس فهذه ستكون سابقة وفضيحة بكل ما تعنيه الكلمة.
وقالت الشركة الإيطالية بعد التواصل معها من قبل
دير شبيجل ، إنها سلمت النسخة الأصلية في الوقت المحدد، قبل أن تجيب بأن الكأس تم تسليمها
في الأيام الأولى من عام 2015، بعد افتتاح البطولة في يناير.
وانتشرت صور تؤكد ما قاله رشيد، حيث تظهر
أناسا يصنعون كأسا مشابهة للأصلية، لأنها افتقرت إلى الذهب الأصلي و”لابيس لازولي"
وهي أحجار كريمة زرقاء اللون يتم تثبيتها على الكأس الأصلية. كما أن أمير قطر ظهرت
له صور وهو يحمل الكأس بسهولة بيد واحدة ما يوضح أن الوزن كان خفيفا، رغم أن الكأس
الأصلية وزنها يقارب 20 كيلوغراما، وهو وزن لن يستطيع الشخص رفعه بيد واحدة دون بذل
أي مجهود.
وتواصل رشيد مع سفارة الدوحة في برلين،
لكنه تفاجأ بخطاب ينفي أي علاقة قانونية تربط اللجنة الأولمبية القطرية بشخص اسمه عمار
رشيد”. ولم يستسلم رشيد بمحاولة الحصول على حقه ليستلم رسالة ثانية جاء في نصها
"يجب عليك أن لا تتصل مجددا وفي حال جئت بمزاعم لا صحة لها مرة أخرى أو هددت بالتحدث
عن هذه القضية في العلن، فإنه سيتخذ في حقك إجراء قانوني للابتزاز".
وأكد الرجل في هذا الصدد أن من كلفوه بالقيام
بتلك المهمة شبه المستحيلة، رفضوا كتابة أي عقودٍ معه، بزعم أن كل شيء يجب أن يظل في
طي الكتمان. ولكنه قدم للمجلة إخطاراً مكتوباً يثبت تسلم الوكالة الأسترالية المعنية
بتنظيم افتتاح البطولة نموذجاً طبق الأصل للكأس بحسب المواصفات المطلوبة، وهو إخطارٌ
دوِّنَ في ملعب لوسيل القطري بتاريخ الثامن من يناير 2015، أي قبل انطلاق المونديال
بأسبوعٍ واحد لا أكثر، وكانت المفاجأة المريرة بالنسبة لرجل الأعمال الذي عمل في قطر
منذ عام 2010، أنه لم يحصل بعد كل ذلك الوقت والجهد، سوى على بضعة آلاف من الريالات،
على وعدٍ بأنه سيتسلم بقية مستحقاته لاحقاً، وهو ما لم يُنفذ على الإطلاق.
وبعد تلك القصة بدأت الأمور تسوء بالنسبة
للرجل الذي عاش في الولايات المتحدة، بعدما تم إجباره على التنازل عن شركته ورحل عن
الدوحة تاركاً منزله و4 سيارات فارهة، وعاد إلى ألمانيا للبحث عن حقوقه، لأنه وكما
قال للصحيفة الألمانية "التقاضي لدى المحاكم القطرية لن ينتهي بشكل جيد".