هل تتدخل روسيا فى الإنتخابات الإسرائيلية وترجح كفة نتنياهو مثلما فعلت مع ترامب؟
فجر رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلى "ناداف أرجمان " الأسبوع قبل الماضى، قنبلة من العيار الثقيل عندما أشار أن الإنتخابات الإسرائيلية القادمة، ستكون عُرضة للتدخل من جانب إحدى الدول الكبرى، ومن خلال هذا التدخل سيتم توجيه الشخصيات التى ستحصد أصوات العملية الإنتخابية القادمة.
لم يفصح أرجمان صراحة عن اسم الدولة التى بصدد التدخل فى الإنتخابات الإسرائيلية، إلا أن جميع توقعات المحللين وأجهزة الإستخبارات الإسرائيلية ووسائل الاعلام، أكدت أن الدولة التى أشار لها رئيس الشاباك،هى روسيا لسابق تدخلها فى العمليات الإنتخابية التى جرت فى الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا.
أشتهرت روسيا بتمويل ودعم رجال السياسة المتشددين، عبر اختراق أجهزة الكمبيوترالخاصة بالمنافسين ونشر أكاذيب عن بعض المرشحين الغير مرغوب فيهم، وبعبارة أخرى هى تسعى لتعميق الإنقسامات وزعزعة الديمقراطيات الغربية _وفقًا لمقال نشرته صحيفة إيكونوميست فى فبراير عام 2018.
الحدث الأبرز فى هذا الأمر هو التدخل الروسى لمصلحة الرئيس الأمريكى الحالى "دونالد ترامب" خلال الإنتخابات الامريكية الأخيرة فمع ذروة الحملة الإنتخابية، نجح مجموعة من قراصنة الكمبيوتر الروس فى إختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالحزب الديمقراطى وأيضًا نجحوا فى إختراق جهاز مدير الحملة الإنتخابية للمرشحة الديمقراطية "هيلارى كلينتون "بالإضافة إلى نشر "فيك نيوز " عبر مواقع التواصل الإجتماعى،ما يعنى إمكانية توجيه الرأى العام الإسرائيلى لإنتخاب نتنياهو مرة أخرى، فى الوقت الذى إقتربت فيه نهايته السياسية، بعد كم قضايا الفساد التى تورط فبها هو وزوجته سارة مؤخرًا.
كان الرئيس الامريكى السابق باراك أوباما قد علم فى صيف 2016، أن الروس ينوون التدخل فى الإنتخابات الامريكية المقبلة، وقام وقتها بإرسال رسالة تحذير للكريملين، ورغم ذلك وقبل نهاية فترة ولايته رسميًا فى يناير 2017، وبعد أن أكدت أجهزة الإستخبارات الامريكية، أن الروس إتخذوا خطوات فعلية من أجل التدخل فى الإنتخابات لمصلحة المرشح الجمهورى دونالد ترامب، أصدر أوباما تعليماته بإقالة 35 ديبلوماسيا وقام بفرض عقوبات على جهاز المخابرات الحربية وعلى وكالة الإستخبارات الخارجية.
وفى المقابل ايضًا تم تقديم للمحكمة عرائض إتهام تدين 12 موظف من ووكالة الإستخبارات العسكرية الروسية، قدمها النائب الخاص روبرت مولر ،وتدين 3شركات روسية، بتهمة بث دعاية سلبية للتأثير على العملية الإنتخابية.
إلا أن الجهة الأبرز التى ورد اسمها فى التحقيقات الامريكية كانت "وكالة أبحاث الأنترنت " التى يديرها رجل الاعمال "يفجانى بريجوزين " الشهير بإسم "طباخ الرئيس بوتين" والتى وقفت وراء القيام بعمليات سرقة حسابات الاف الأمريكيين على الفيس بوك، ونشر على حسابتهم محادثات جدلية عن الهجرة والعرق والدين وبعض الموضوعات التى تخدم ترامب فى حملته الإنتخابية،كما تم نشر صور لسيدات مسلمات يرتدين النقاب وتحتها تحذيرات على شاكلة "هكذا ستبدو الولايات المتحدة إذا أنتخبت هيلارى كلينتون "، مع بث شائعات أن الديمقراطيون سيحاولون تزوير الإنتخابات.
السؤال الذى طرح نفسه داخل إسرائيل، هل الدولة مستعدة لمواجهة خطر توجيه الأصوات نحو مرشح معين بالطريقة ذاتها التى أستخدمها الروس فى الإنتخابات الامريكية الأخيرة عن طريق أختراق الحملات الدعائية للاحزاب، صحيفة معاريف أوضحت أن إسرائيل أكتشفت فى شهر سبتمبر الماضى، مواقع إيرانية إخبارية تم بثها على أنها إسرائيلية، أخترقت بها مجتمع الفيس بوك وتويتر، وتابعها مئات الألاف، كانت تحمل معلومات خاطئة عن الحكومة الإسرائيلية، وفى طيات الاخبار، عبارات تساعد على التعاطف مع طهران، وذلك لتجنيد الإسرائيليين لرفض قرار الحرب ضد إيران والتركيز فى الشأن الداخلى فقط، ما يعنى سهولة إختراق منظومة السايبر الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة أن إستعداد إسرائيل لمواجهة هذا السيناريو له علاقة بالحكومة الإسرائيلية التى يتوجب عليها إتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، على الرغم من أن دولة بحجم الولايات المتحدة قامت بإنشاء طاقم متخصص فى عام 2015 لمواجه خطر بث أخبار كاذبة وقت الإنتخابات، إلا أنها فشلت فى رصد تلك الأخبار الكاذبة وقت الإنتخابات.
وأشارمسئول بأحد الشركات الإسرائيلية لحماية المعلومات، ان انتخابات الكنيست الأخيرة شهدت حالة مشابهة من مهاجمة الفيروسات على الملفات التى تحتوى على نتائج الإنتخابات، كما كشف أن بعض الناخبين وجدوا أن أصواتهم مُنحت بالفعل لمرشحين معينين قبل توجههم هم للصناديق من الأساس.
وأوضح أنه على الرغم من الإنتخابات تتم بصورة يديوية وقت التصويت ووقت الإعلان، إلا أن الخطورة تكمن فى التطور المستمر على المستوى التكنولوجى الذى يجعل منظومة الإنتخابات الإسرائيلية عرضة للإختراق.
كما أكد مسئول سابق بجهاز الشاباك يُدعى "إيريز كرينر " الذى شغل منصب رئيس شعبة حماية المعلومات،أن إسرائيل ستواجه خطرًا حقيقيًا فى هذا الشأن ويكمن الخطر فى أن الناخبين فى حالة من الضبابية لن يعلموا هل المعلومات التى ستبث لهم عن الناخبين صحيحة أم خاطئة، ومن الصعب توضيح ذلك لجمهور الناخبين.
وصدق على ذلك العميد إحتياط إيلى بن مائير ،الذى يعمل فى مجال تأمين المعلومات، أشار أن عشرات الملايين من البوستات التى أنتشرت عبر الفيس بوك، حصلت على ايقونة "لايك "أو "ديسلايك " وتسبب ذلك فى توجيه دفة الإنتخابات الامريكية لمصلحة ترامب، وفى إسرائيل من السهل اللعب على هذه النغمة بنشر بوستات سلبية تجعل الناخبين ينفرون من الذهاب لصناديق الإقتراع مثلا على شاكلة " كل شئ هنا فاسد وجميع رجال السياسة كاذبون ".
واختتم يوسى ميلمان الصحفى المخضرم بالصحيفة، أن مساعى روسيا فى الأساس تكمن فى زعزعة إستقرار بعض الدول واختيار مرشحين مناسبين لسياستها، ورغم ذلك قد لا يتحقق هذا الامر بالنسبة لإسرائيل حيث ان مجتمعها منقسم من الأساس، وفكر الناخبين معروف ومحدد وقت التصويت، فالناخب يُصر على إختياره حتى لو كان المرشح فاسدا.
الحسين محمد