الأمم المتحدة تدعو إلى "الحوار" لتجنب "كارثة" في فنزويلا
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو
غوتيريس، الخميس، إلى الحوار في فنزويلا لمنع "تصعيد" يمكن أن يؤدي إلى
"كارثة".
وقال غوتيريس، على هامش منتدى دافوس الاقتصادي
العالمي: "نأمل أن يكون الحوار ممكناً لتجنب تصعيد يؤدي إلى نزاع سيكون كارثياً
لسكان البلاد والمنطقة"، بعدما أعلن رئيس البرلمان، خوان غوايدو، نفسه رئيساً
بالنيابة بدلاً من الرئيس نيكولاس مادورو.
كان يوم أمس الأربعاء نهارا طويلا في فنزويلا
شهد أحداثا دراماتيكية بدأت بإعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو رئيساً بالوكالة"
على وقع مظاهرات حاشدة، الأمر الذي استدعى ردود فعل دولية متباينة بين مؤيد لهذه الخطوة،
وداعما للرئيس نيكولاس مادورو، الذي حظي أيضا بجرعة أمل من الداخل.
وأمام عشرات آلاف المؤيدين الذين تجمعوا
في العاصمة كراكاس احتجاجا على سياسات مادورو، قال غوايدو، رئيس البرلمان الذي تسيطر
عليه المعارضة، "أقسم أن أتولى رسميا صلاحيات السلطة التنفيذية الوطنية كرئيس
لفنزويلا.. للتوصل إلى حكومة انتقالية وإجراء انتخابات حرة".
وعلى الفور، اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، بالمعارض البالغ من العمر 35 عاما، قبل أن تتوالى رسائل الدعم الدولية، حيث
اعترفت 3 دول في أمريكا الجنوبية هي كولومبيا والبرازيل وباراغواي بغوايدو رئيسا مؤقتا
للبلاد، كما هنأه الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية.
وأوروبيا، دعا الاتحاد الأوروبي إلى الإنصات
"لصوت" الشعب الفنزويلي وطالب بانتخابات "حرة"، في حين كانت تصريحات
رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أكثر وضوحا بشأن دعم غوايدو، وذلك حين طالب أوروبا
بأن تتحد في دعم القوى الديمقراطية في فنزويلا.
وفي المقابل، سارعت بعض الدول إلى تأكيد
وقوفها إلى جانب مادورو، على رأسها كوبا التي أعربت عن "دعمها الحازم" للرئيس
الفنزويلي في "مواجهة المحاولات الإمبريالية لتشويه سمعة الثورة البوليفارية وزعزعة
استقرارها".
وفي المكسيك، وعلى الرغم من إعلانها السابق
بعدم التدخل في فنزويلا، فقد أعلن المتحدث باسم الحكومة المكسيكية عن تأييد بلاده لمادورو،
وإن كانت تصريحاته غير مباشرة، فقد اكتفى بالقول "نعترف بالسلطات المنتخبة وفقا
للدستور الفنزويلي".
وعلى الساحة الداخلية كان الانقسام واضحا،
فقد أعلن وزير الدفاع الفنزويلي رفض الجيش إعلان غوايدو نفسه "رئيسا بالوكالة"،
وقال "نحن، جنود الوطن، لا نقبل برئيس فُرض في ظل مصالح غامضة، أو أعلن نفسه ذاتياً
بشكل غير قانوني. الجيش يدافع عن دستورنا وهو ضامن للسيادة الوطنية".
وفي الوقت نفسه، أمرت المحكمة العليا الفنزويلية،
وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد وتتألف من قضاة يعتبرون مؤيدين للنظام، بإجراء تحقيق
جنائي ضد نواب البرلمان، متهمة إياهم بمصادرة صلاحيات الرئيس مادورو.
أما في الشارع، فقد تدفق معارضو ومؤيدو
مادورو، وسط أجواء من التوتر الشديد في مختلف أنحاء البلاد، حيث قتل 13 شخصا خلال يومين
من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، غالبيتهم سقطوا بسلاح ناري، وذلك في العاصمة كاراكاس
ومناطق أخرى من البلاد.
مواجهة حمراء-بيضاء
وإثر إعلان غوايدو نفسه "رئيساً بالوكالة"
سجلت مواجهات بين قوات الأمن وأنصار المعارضة في كراكاس، حيث تجمع المعارضون الذين
ارتدى عدد كبير منهم ملابس بيضاء في عدة أحياء في العاصمة وأجزاء أخرى من البلاد للمطالبة
بـ"حكومة انتقالية" وانتخابات جديدة.
من جانبهم، تجمع أنصار الحكومة، ومعظمهم
يرتدي ملابس حمراء، في أجزاء أخرى من العاصمة لدعم رئيس الدولة ورفض مطالب المعارضة
التي اتهموها بتنفيذ محاولة انقلاب بتدبير من واشنطن، التي كانت قد حذرت، من أن
"جميع الخيارات" مطروحة إذا استخدم مادورو القوة ضد المتظاهرين.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية
للصحفيين "إذا اختار مادورو وزمرته الرد بعنف، وإذا اختاروا إيذاء أي عضو من أعضاء
الجمعية الوطنية.. فكل الخيارات ستكون مطروحة على الطاولة بالنسبة للولايات المتحدة
فيما يتعلق بالإجراءات التي يتعين اتخاذها".
ولم يستبعد المسؤول، طالبا عدم الكشف عن
اسمه، صراحة تدخلا عسكريا من نوع ما، إلا أنه ركز على ما قال إنه سيكون تدابير اقتصادية
قوية ضد مادورو، وقال "دعونا نكون واضحين، لدينا مجموعة من الخيارات. سنأخذ كل
واحد من هذه الخيارات على محمل الجد".
وفي أول رد فعل من مادورو على الخطوة الأميركية،
قال الرجل، الذي يواجه اتهامات بأنه قاد بلاده لأزمة اقتصادية، إنه أمر "بمراجعة"
العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، متعهدا بإعلان مزيد من الإجراءات خلال الساعات
القليلة المقبلة.
يشار إلى أنه تم تنصيب مادورو لولاية جديدة
في العاشر من يناير الجاري بعد انتخابات يرى كثيرون أنها مزورة، في وقت تنزلق فيه البلاد
إلى أحد أسوأ أزماتها الاقتصادية، حيث من المتوقع أن يبلغ مستوى التضخم عشرة ملايين
في المئة هذا العام.
ووسط ضبابية في المشهد الفنزويلي حيث بات
للبلاد رئيسان، يعتزم الفنزويليون الخروج في مظاهرات جديدة، إذ تأمل المعارضة في الاستفادة
من زخم مستمر منذ أسابيع ضد مادورو، الذي شهد عهده انهيارا اقتصاديا وتراجعا للديمقراطية.