سامي جعفر يكتب: كلام سابق لأوانه عن "25 يناير"
مرت 8 سنوات على حالة 25 يناير، وليس غريباً على الإطلاق أن تظل محل جدل واتهام، وأن يتم وصفها بكلمات متباينة مثل الثورة أو الانتفاضة أو النكسة، والمشاركين فيها حالمين وأفضل من أنجبت مصر وأصحاب أجندات أجنبية وممولين من الخارج، وفى أحياناً قليلة يحاول بعض الجادين تقييم هذه السنوات بشكل علمى، فيما لا توجد – حسب متابعتى- دراسات أكاديمية تفحص ما حدث، وكيف تطور وما المانع للاستفادة منه، ولذا لا تزال أمور كثيرة غامضة.
جزء كبير من المسئولية عن هذا الضباب المعرفى، تتحملها النخبة السياسية والثقافية، التى تفضل الانغماس فى جدل غير صحى، لأنها لا تزال تعيش فى مراهقة سياسية وفكرية، ولم تنضج بعد، لأنها تعتمد مادياً إما على الدولة أو دول وجهات بالخارج، كما أن الشعب بشكل عام، لم يصل للمستوى المطلوب من النضوج، و من غير المتصور أن تنضح الشعوب قبل النخبة.
من دلائل عدم نضج النخبة، أنها تعتبر الثورة الحل الوحيد، كى تصبح مصر دولة ديمقراطية، متقدمة، يتمتع مواطنوها بالمساواة فى الفرص والعدالة فى توزيع الثروة، دون أن توضح أن اندلاع ثورة أو انتفاضة ليس مضمون النتائج، إذ يمكن أن تتحول بلد تحت ظروف ثورية إلى ساحة للخراب ووطن للاجئين وفريسة للقوى الدولية.
النخبة المصرية لم تبذل مجهوداً حقيقياً فى نشر الأفكار الإصلاحية، التى يستغرق تنفيذها على أرض الواقع مدة أطول، ولكنها مضمونة النتائج، كما أن المسار الإصلاحى، يحقق نتائج إيجابية دوماً حتى لو لم يحقق الأهداف الكبرى، كما أنه مناسب تماماً فى التعامل مع دولة مثل مصر، بطبيعة السلطة والبيروقراطية فيها.
الغريب بالفعل أن نفس النخبة، بشكل عام بالطبع، لم تلحظ الجانب الإيجابى لانتفاضة 25 يناير، والذى دفع الدولة دفعاً إلى إجراءات إصلاحات واسعة وسريعة فى عدة مجالات، كما أن هذه الفترة القصيرة فى عمر الأمم، ساهمت فى وجود طلب على الحريات من الشباب الذين نضجوا أسرع مع أجواء ميدان التحرير، وأصبح سقف طوحهم أكبر بكثير من كانوا فى الميدان بأنفسهم.
ومن إيجابيات الحالة الينايرية وما بعدها أن الدولة أصبحت تتعامل مع المطالب الاجتماعية والسياسية بإيجابية أكبر، كما أن خدمة المواطن وإسعاده وتلبية احتياجاته، لم تعد تفضلاً منها، ولكنها استحقاق، كما أصبحت الحريات من المعلوم بالضرورة بالنسبة للمواطنين، حتى لو لم يكونوا من مؤيدى 25 يناير.