العاملون بسوق السيارات في مصر عن "خليها تصدي": حملة مغرضة.. وتأجيل الشراء ليس في مصلحة العميل
تسببت حملة "خليها تصدي" على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء السيارات في حالة من الجدل بين المواطنين، فهناك من يؤيد الحملة وبشدة ويراها وسيلة للضغط على الوكلاء لتخفيض أسعار السيارات خاصة بعد تطبيق إتفاقية "زيرو جمارك"، فهم يرون أن التخفيضات التي أعلن عنها ليست كافية.
ولكن هناك جانب أخر من المشهد، يجب الانتباه له وهو ما نتائج "خليها تصدي" على وضع قطاع السيارات في مصر، بل ما تأثير الحملة على الاقتصاد القومي.. ومن هنا كان لزاما استطلاع رأي المسئولين عن قطاع السيارات في مصر، ومعرفة الآلية المناسبة للخروج من تلك الأزمة.
تجار السيارات ليسوا لصوص ولا جشعين
قال المستشار أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة مصنعي السيارات، إن حملة "خليها تصدي" لمقاطعة شراء السيارات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، قد أثرت على مبيعات السيارات، بالإضافة إلى أن شهري يناير وفبراير من كل عام يشهدان انخفاض في حجم مبيعات السيارات.
وأوضح "أبو المجد"، أن المواطن أصيب بالإحباط عندما وجد أن هناك ماركات سيارات لم تخفض أسعارها بعد تطبيق إتفاقية "زيرو جمارك"، كما أنهم أصيبوا بالإحباط لعدم رضاهم عن مستوى تخفيض السيارات الكوري والياباني والصيني، معقبًا: "أي حد حصله احباط انضم لحملة خليها تصدي".
وأشار إلى أنه ليس ضد الحملة، فمن حق المنضمين للحملة التعبير عن رأيهم، ويعترضوا على الأسعار، ولكن لا يجب عليهم تحميل سبب ارتفاع الأسعار على التجار ووصفهم بالجشعين، موضحًا أن التاجر ليس له علاقة نهائيا، بل أن التاجر يقف مع المستهلك قلبا وقالبا.
وأعرب رئيس رابطة تجار السيارات، عن رفضه للتطاول الذي يقوم به أعضاء الحملة على التجار، قائلا: "التجار يعترضون على أسلوب القذف والسب الممارس ضدهم، فهو أمر بعيدًا عن الأخلاق المصرية".
وأيد مطالبة أعضاء الحملة بتدخل الحكومة، موضحًا أنه من حق الدولة أن تشرف على هوامش الربح للوكلاء، والتأكد أنها مناسبة مع المعدلات العالمية، حيث لا يجب أن يحدد الوكيل هامش ربحه بالإرادة المنفردة، بل يجب أن تكون السيارات سلعة استراتيجية وليس استفزازية.
وعن مطالبة أعضاء "خليها تصدي"، أن تباع السيارات بنفس سعر استيرادها وإضافة 19% للدولة، عقب "أبو المجد"، متسائلا: "هى العربية بتيجي لوحدها من بره"، موضحًا أن هناك قائمة أخرى من المصروفات يتحملها التاجر على سعر السيارة، منها إيجاز المعارض، والتأمين، والمرافق، والرواتب، ومصروفات الدعاية، والضرائب.
وأكد أنه ضد مبالغة بعض التوكيلات في هامش ربحهم، لافتا إلى أنه قد سبق وقاطع التجار توكيل لإحدى السيارات لمبالغتهم في الربح، وتصدوا لظاهرة "الأوفر برايس"، مضيفًا مخاطبا أعضاء الحملة، "التجار ليسوا لصوص، ومعاكم، ومفيش داعي تشتموا الناس"، منوها بأن هناك توكيلات خفضت 50 ألف جنيه من أسعار السيارات، ومستحيل يتم تخفيض مليم واحد آخر.
ونوه بأن الفترة الماضية شهدت قيام توكيلات كثيرة بالغاء طلبات الاستيراد، كما توقف المستوردين تمامًا عن الاستيراد، مضيفا: "من يفكر يدفع 100 مليون جنيه عشان يستورد.. وفالآخر يقولك خليها تصدي"، وهو أمر ضد مصلحة الاقتصاد القومي.
وأعلن رئيس رابطة تجار السيارات، موافقته أن يجلس مع أعضاء الحملة، ويقوم بتوصيلهم إلى أًصحاب التوكيلات للوصول إلى حل، قائلا: "إحنا تجار مصر بنقولكم تعالوا اقعدوا معانا، ونروح نقعد مع التوكيلات".
"خليها تصدي" تستهدف تشويه العقول
وانتقد المهندس جمال عسكر، خبير السيارات وهندسة الطرق، حملة "خليها تصدي" لمقاطعة شراء السيارات، معتبرًا أن فكرة الحملة تستهدف تشويه العقول والأفكار، والحاق الضعف بالسوق.
وأعرب "عسكر"، خلال تصريحات خاصة، عن رفضه لحملة "خليها تصدي" واصفا إياها بـ السيئة، ولكن بها جانب إيجابي واحد وهو المطالبة بأن يكون هامش الربح مقبولا للوكلاء والتجار، لافتا إلى أن الصين تبيع 4مليون سيارة سنويا، بينما متوسط حجم بيع السيارات في مصر سنويا يبلغ 150 أو 200 ألف سيارة، وهو رقم "تافه" عند مقارنته بتعداد السكان في مصر.
وأضاف "عسكر"، أن القيادة السياسية والدولة تبذل قصارى الجهد لتشجيع الاستثمار، فنجد أن السوق المحلي أصابه حاله من الركود، متابعا: "لسه بنقول أهلا وسهلا بمرسيدس.. فبنستقبلها بـ خليها تصدي".
ورأى "عسكر"، أن الأسلوب الأمثل والمتبع في الخارج هو عقد حوار مجتمعي بشكل محترم، أو ندوات تجمع بين التجار والوكلاء، والمصنعين، لوضع حلا للمشكلة، ولكن "خليها تصدي" ليس حلا، والسوق سيتأثر في الوقت الذي يجب دفعه للأمام وتنشيطه.
تأجيل الشراء ليس في مصلحة العميل
ومن ناحيته رأى المهندس حسين مصطفى، المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، أن حملة "خليها تصدي" ليست إيجابية، لأنها ستؤثر على رغبة المشترين في إتخاذ قرار الشراء، بالإضافة إلى أن كل الأرقام التي تعلنها الحملة عن التخفيضات الجمركية، والأسعار التي تخرج بها السيارة من الجمارك خاطئة، وظالمة للتجار والوكلاء، فضلا عن أن الامتناع عن الشراء سيصيب السوق بحالة من الركود.
وأشار "مصطفى"، خلال تصريحات خاصة، إلى أن حملة "خليها تصدي" مغرضة، و"من ناس مش فاهمة"، وأغلبهم قد لا يهمه شراء سيارات، موضحًا أن التجار والوكلاء خفضوا أسعار السيارات الأوروبية وفقا لاتفاقية "زيرو جمارك"، كما خفضوا أسعار السيارات التي لم يشملها الاتفاقية.
وأكد "مصطفى"، أن تأجيل شراء السيارات ليس في صالح العمل، لأنه لن يتم إجراء أي تخفيض آخر في أسعار السيارات، متوقعًا عودة المواطنين للشراء مرة أخرى بعد اتزان السوق، حيث أن شراء سيارة قرار لا يعتمد على ضغط أو حملة، وإنما يتوقف على احتياجات الشخص نفسه، معتبرًا أنه ليس من الجيد الجلوس مع أعضاء الحملة لأنهم ليسوا متخصصين.