"ضريحه مزارًا للمسلمين في مصر".. الإمام الشافعي ابن فلسطين البار

عشق مصر، وعاش فيها آخر سنوات عمره، لينشر مذهبه الشافعي، الذي يعد واحد من أربعة مذاهب فقهية للمسلمين، قضى حياته طالبًا للعلم، عمل قاضيًا فعُرف بالعدل والذكاء، وفصاحته، إنه الإمام محمد ابن إدريس الشافعي الذي ودع الدنيا في مثل هذا اليوم 20 يناير عام 820م، حيث ظل ضريحه مزارًا للمسلمين.

ابن فلسطين

ولد الإمام الشافعي في فلسطين، عاش في أسرة فقيرة، يتيم الأب، نقلته أمه إلى مكة خشية أن يضيع نسبه الشريف، في عمر سنتين، ليقيمَ بين ذويه، ويتثقفَ بثقافتهم.

حياته في مكة

حفظ "الشافعي" القرآن الكريم وهو في السابعة من عمره، مما يدل على ذكائه وقوة حفظه، ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوي، فحفظ موطأ الإمام مالك، حيث قال: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين".

روايته عن طفولته

وحكى "الشافعي" عن طفولته، "كنت يتيمًا في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي من أمي أن أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، فأحفظ الحديث أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شِعب الخَيْف، فكنت أنظر إلى العظم فأكتب فيه الحديث أو المسألة، وكانت لنا جرة عظيمة، إذا امتلأ العظم طرحته في الجرة".

الترحال طلبًا للعلم

تنقل "الشافعي" كثيرًا، طلبًا في العلم، إذ هاجر إلى المدينة المنورة طلبًا للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).

ثمعاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر.

رحلته في مصر

عشق "الشافعي" مصر، وجاء إليها، حيث أعاد تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، وقال في مصر:

لقد أصبحتْ نفسي تتوق إلى مصرِ            ومن دونها قطعُ المهامةِ والفقرِ

فواللـه ما أدري، الفوزُ والغنى                 أُساق إليها أم أُساق إلى القبرِ

انتشار مذهبه

انتشر المذهب الشافعي، في جميع الدول العربية، حيث تعتبر مصر الموطنَ الأولَ للمذهب الشافعي، فكان هو السائدَ فيها بعد أن تغلب على المذهبين الحنفي والمالكي.

وانتشر المذهب الشافعي في الشام، حيث سرى من مصر، لما بينهما من جوار، وللهجرة التي كان يقوم بها العلماء، وكذلك، في العراق واليمن والبحرين، وجنوب شرق آسيا، والهند، ثم انتشر في الصومال وأريتريا وجيبوتي عن طريق اليمنيين الذين هاجروا إلى هذه المناطق بحكم القُرب، وغالبية سكانها شافعية.