الشاش يكشف إصابته.. مآساة "تيم" في مستشفى النيل.. الحرق بـ 18 ألف جنيه
يرقد على سرير العناية المركزة، وتغطي ملامحه خراطيم الأجهزة المتصلة بجسده الصغير، ويكسوه غطاء محمل برائحة الأدوية، تلك المشهد الذي وضع فيه الرضيع "تيم العطارى" بعدما تعرض لالتهاب رئوي ونقص في الأكسجين، خلع قلب والديه مهرولين به على مستشفى النيل التخصصي بالوراق لإسعافه لتتحول المستشفى من مكان لإنقاذه إلى وسيلة لمآساته.
يروى باسم العطاري، والد الطفل، أنه بعدما أصيب بالتهاب رئوي أخذه مسرعًا إلى مستشفى النيل التخصصي في الثامن من يناير الجاري ليستقر في العناية المركزة لحين استقرار حالته الصحية.
"بنلمحه بس بعنينا".. بهذه العبارة يوصف الأب الدقائق المعدودة التي كان يحترق فيها هو وزوجته وهما يشاهدان نجلهما الذي لم يتجاوز عمره الشهرين ونصف، يرقد على سرير العناية المركزة، متمنيان ولو تلمس أيديهم يديه أو يضماه بين أحضانهم.
بساعات مثقلة ودقائق رتيبة جاوز الوالدان الأيام، ليخبرهما العاملين بالمستشفى في السادس عشر من الشهر الجاري بإمكانية نقل الطفل إلى غرفة عادية بالمستشفى بعدما تحسنت نسبة الأكسجين وهو ما التزم نقله من رعاية الأطفال.
وما إن تلامست يد والدة "تيم" نجلها مرة آخرى في حجرة المستشفى بعيًدا عن متطلبات العناية المركزة التي تستلزم الابتعاد عنه خوفًا من انتقال الميكروبات إليه، دب الخوف في قلبها عندما وجدت شاش طبي يغطي قدم نجلها اليمنى.
سؤال وحيد لم يتغير في مخيلة الأب والأم، دفعهما لطبعه على آذان العاملين بالمستشفى والمسؤولين عن حالة الطفل، ليأتي الرد بكون "الكلونة" التي ثبتت في قدم الطفل، تسرب منها محلول أصاب الطفل بحرق بسيط لم يتجاوز سم متر واحد.
صمت الوالدان والقلق يملأ قلبهما، لتلمح عينهم الممرضة تريد حمل الطفل لتنظيف الحرق وإعادة وضع شاش آخر، فيطلب "باسم" وزوجته بأن يقوم الطبيب بـ "التغيير على الجرح" أمام أعينهم، ليأتي رد الممرضة بأن الطبيب يريد إنهاء المهمة بالعناية المركزة لكي لا يتلوث الجرح، وهو ما آثار الخوف الشديد من قبل والديه.
ساعات قليلة تمر على والدين "تيم" وهما يريدان رؤية ما يخبئه "الشاش" من ألم يحبسه الطفل الرضيع بين بكائه ونظراته التي تقول الكثير، إلى أن طلبا من ممرض أن يقوم بتلك المهمة لتكون صدمتهما فالشاش يغطى حرق شديد.
لم يتمالك الأب نفسه فتحرك باتجاه مدير المستشفى الخاص ليتخذ إجراء ويخبره بما حدث وموعده، ليكون رده بمثابة كأس من الماء المصبوب على جسده في برد الشتاء القارس "عادي بتحصل كثير".
فتوجه "باسم العطارى" إلى قسم الوراق محررًا محضر رقم 339 جنح بتاريخ 16 يناير 2019 بقسم شرطة الوراق ضد مستشفى النيل التخصصى، بعد اكتشاف إصابة نجله (تيم)، بحرق خطير بقدمه اليمنى.
وبعد معاينة النيابة، أخذ "باسم" نجله اليوم السبت، لعرضه على استشاري متخصص بعدما كلفته المستشفى أكثر من 18 ألف جنيه كانوا فيزيتا لإصابة نجله وليس لشفائه، مرددًا ما يدور في رأسه "كده ودخلت ابني مستشفى خاص مش حكومي.. أنا كنت كل يوم بدفع 1500 و1800 قبل ما بطلع أشوف ابني.. وفي الآخر يخرجلي بكارثة ثانية.. امتى حصل وازاي وفين وزارة الصحة؟".
يتمنى الأب أن يرى ابنه معافى، فيتمنى لو يدفع الباهظ والرخيص مقابل أن لا يرى "تيم" يتألم ولو لحظة.