كيف واجه المصريون الصقيع والجليد قبل 700 عام "صور"
موجات البرد والصقيع التي تجتاح مصر على مدى أيام متتالية، ليست جديدة، ولا هي الأسوأ، بل تكررت تلك وبشكل أعنف وذكرتها المصادر التاريخية ووصفتها بدقة، وقد واجه سكان مصر في العصر المملوكي، موجات البَرَد، في تلك الفترة التي ترجع لما قبل 700 عام وأكثر، بشكل جديد ومبتكر بالنسبة ذلك الوقت، والوسائل التي ابتكرها فنانو هذا العصر استوردتها أوروبا كي تستعين بها في التدفئة.
وفي هذا الصدد، قال شريف فوزي، المنسق العام لشارع المعز لدين الله الفاطمي، في تصريحات إلى بوابة الفجر الإلكترونية، إن موجات الصقيع التي اجتاحت مصر تكررت في عدة أزمنة وعدة عصور، وأشهرها على سبيل المثال الموجة التي ذكرتها المراجع، عام 1183م، حيث تعرضت مصر وخصيصًا محافظات الوجه البحري لتساقط البَرَد، والتي تسببت في مقتل أفراد وحيوانات لشدتها وكبر حجمها، حيث وصف المؤرخون قطع البَرَد بأنها بيضاء اللون وحجمها كبيض الأوز.
وتابع "فوزي" أنه في عام 1323م تكررت تلك الموجة بذات المحافظات، بنفس المواصفات تقريبًا، أما في عام 1337م فقد تعرضت مصر لموجة أخرى وصفها المؤرخون بأنها الأعنف، حيث تساقطت فيها الثلوج بكثافة، خاصة في القاهرة والفسطاط، "حتى اختفت الطرق من كثرة الجليد"، والفارق بين الجليد والبَرَد، أن الثلوج تكون ندف صغيرة كقطرات المطر، أما البَرَد فيكون كبير الحجم (قطع كبيرة من الماء المتجمد).
وفي عام 1353م وعام 1508م تعرضت كذلك مصر لموجات من الصقيع، وقد وضع علماء المسلمين مؤلفات في الصواعق والبَرَد، تصفها وتصف أعراضها، وترصدها.
ويتابع شريف فوزي، أن المصريين في ذلك الوقت اتبعوا أنظمة تدفئة تكاد تكون هي الأحدث في عصرها، فقد استعمل المصريون في العصر المملوكي وما قبله المجامر والمباخر النحاسية المكفتة بالفضة، والذهب، والنيلو، وكانت ذات أشكال كروية، من نصفين سفلي لوضع الفحم، وغطاء علوي محكم مثقب بثقوب صغيرة، مثل مبخرة بدر الدين بيسري 1270م، المحفوظة بالمتحف البريطاني.
وعن مبخرة بيسري، قال "فوزي" إنها تندرج تحد بند أدوات تدفئة اليد، حيث كان يتم وضع الفحم داخلها، ووضع البخور فوقه، فيكون لها فائدتين عظيمتين، الأولى إشاعة رائحة لطيفة في أجواء المكان، وكذلك تدفئته، وقد تم تصدير مباخر اليد بكثرة إلى الكنائس الأوربية، وكان يوجد نوع منها ذا حجم ضخم يوضع في منتصف الحجرات، وبالطبع المنازل في ذلك العصر كانت تتمتع بنظام تهوئة جيد للغاية، يعمل على تصريف الزائد من الأبخرة والأدخنة، بشكل منتظم، هو الأمر الذي نفتقده في منازلنا بالعصر الحالي.
المدفأة الحائطية
وأوضح شريف فوزي، أن المصريون عرفوا المدفأة الحائطية، في العصر العثماني، والذين استقدموها من أوروبا، وقد ابتكرتها العقول الأوروبية في بدايات عصر النهضة، وهي ذات أبراج تنتهي بمداخن لإخراج الأبخرة الضارة، وفي بنائها يستخدم الطوب الحراري، كي تتحمل شدة النيران.
وأشار إلى أن السطح الخارجي للمدفأة كان يتم كسوته بالبلاطات الخزفية أو الرخام، قد عُرفت المدافيء الحائطية طريقها إلى البيوت المصرية في القرن الـ 19، ويوجد نماذج لها في متحف الفن الإسلامي، ومتحف الخزف في الزمالك، وهي تتميز غير أنها مكسوة بالبلاطات الخزفية أن قمتها تكن على شكل القلم الرصاص.
وعن الحطب اللازم للمدافيء في البيوت والقصور، أكمل أنه كان يتم استجلابه عن طريق الحطابين، والذين استقروا بمكان خاص لهم بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، وهو المكان المعروف الآن بالحطابة.
ولفت إلى أن المدافئ في القصور كانت أكثر ضخامة وتعقيدًا حيث يكون لها كتفين من الطوب يعلوهما مواسير من الفخار ترتفع إلى الأعلى، وفوق المواسير "طنبوشة" من الصاج لتساعد على تصريف الأدخنة والبخار الزائدين، وأهم القصور التي تحوي تلك المدافيء قصر سعيد حليم باشا، وقصر إسماعيل باشا المفتش، وقصر السكاكيني، وقصر البارون إمبان، وكان في بعض القصور يتم تخصيص قاعة للمدفأة وكانت تسمى بقاعة المدفأة.