مى سمير تكتب: سقوط سى بى إس الأمريكية فى حوار السيسى

مقالات الرأي



المحطة خالفت المعايير المهنية.. والمذيع لم يأت بأسئلة جديدة واللقاء لم يتضمن معلومات جديدة للمشاهد

الرئيس بدا عليه الشعور بالملل بسبب الأسئلة التى تجاوزها الزمن والجهل بواقع مصر

نجح حوار الرئيس عبدالفتاح السيسى مع برنامج 60 دقيقة فى جذب انتباه العالم قبل عرضه بفضل الدعاية التى قدمها البرنامج للحلقة باعتبارها الحلقة التى حاولت الحكومة المصرية منعها من الظهور.

قبل عرض البرنامج للحلقة، والذى طلب السفير المصرى فى واشنطن، عدم عرضها، كان الاعتقاد السائد أن الحوار قد يتضمن تصريحات لا تريد القاهرة أن تخرج للعلن، ولكن بمجرد مشاهدة البرنامج، تم اكتشاف وبسهولة أن اللقاء لا يتضمن أى تصريحات لا يعرفها المصريون والعرب.

كانت أسئلة البرنامج كانت عادية تفتقر للسخونة، ومملة وخالية من الجرأة، وقديمة لا تختلف عن غيرها من الادعاءات التى سبق الرد عليها مراراً وتكراراً خاصة فيما يتعلق بجماعة الإخوان وفض اعتصامى رابعة والنهضة.

لم يأت المذيع بأسئلة جديدة تحقق له سبقا، على نحو مثير للدهشة، خاصة أنه حاول فى الدعاية للحلقة التأكيد على أنه كان حريصاً على طرح أى سؤال حتى لو كان يعلم أنه سيغضب السيسى ولكن الأخير لم يصب بالغضب، وبدا مصاباً بالملل على نحو دفعه لسؤال المذيع: هل تتابع عن كثب الوضع فى مصر؟، وكأنه يقول له إن الأسئلة المطروحة عفى عليها الزمن، وتم الإجابة عليها منذ سنوات وأن البرنامج يفتقر العمق والإعداد الجيد.

حتى فيما يتعلق بالتعاون مع إسرائيل، كان المذيع هو الذى قال إن التعاون بين مصر وإسرائيل غير مسبوق، فيما أكد الرئيس: أحياناً يحتاج سلاح الجو المصرى إلى العبور إلى الجانب الإسرائيلى، ولهذا السبب لدينا تنسيق واسع مع الإسرائيليين، وهى معلومة معروفة للجميع، فى ظل الحرب على الإرهاب فى سيناء، من الطبيعى أن يتم التنسيق مع إسرائيل، حتى لا يخترق الطيران المصرى المجال الجوى الإسرائيلى ويتعرض للقصف.

وأعتقد أن رغبة الحكومة فى عدم عرض اللقاء نابعة من خيبة أمل فى مستوى اللقاء المفتقر للإعداد الجيد أو زاوية التناول الجديدة.

1- مهنية على المحك

رغم أن طبيعة برنامج 60 دقيقة، تتضمن جزءاً يتم فيه استعراض كواليس الحوار أثناء إجرائه، مثل انطباع أسرة البرنامج عن أجواء المكان الذى يتم التصوير فيه، خاصة إذا كان خارج الولايات المتحدة، وطبيعة الضيف بعيداً عن الكاميرا، بما فى ذلك انطباعاتهم الشخصية، ولكن أن يكشف البرنامج عن تفاصيل المباحثات الأولية وما تضمنته عملية التفاوض، ألا يعد ذلك اختراقا لخصوصية الضيف.

عادة ما تكون هذه المفاوضات سرية، بمعنى معلومات لا يجب مشاركتها، ورغم ذلك لم يتردد سكوت بيلى، فى الإشارة إلى رفض فريق العمل إطلاع الجانب المصرى على أسئلة اللقاء، أما فيما يتعلق بطلب الأخير معرفة الأسئلة وتأكيد المذيع والمنتجة المنفذة رفضهما القاطع لمثل هذا الطلب، فهو نقطة أخرى تهز مهنية فريق البرنامج، لأنه من الطبيعى أن يطلب الضيف، خاصة إذا كان رئيس لدولة، معرفة المحاور العامة للحوار، وهو طلب منطقى، وفى حالة التواصل مع أى شخصية غربية لإجراء حوار، أول سؤال سيتم طرحه هو موضوع الحوار ومحاوره العامة، والمدة التى يستغرقها الحوار لمعرفة إذا كان وقته سيسمح بإجراء الحوار من عدمه.

وهنا يأتى السؤال الأهم، هل أخبر فريق العمل الرئيس السيسى أن حوارهم معه هو جزء من ريبورتاج عن الإخوان؟ لا أعتقد، أما فيما يتعلق بالريبورتاج نفسه، فهو أكبر دليل عن تراجع مستوى البرنامج بشكل عام، لأنه لجأ مثل جميع وسائل الإعلام الأمريكية، إلى الإخوانى محمد سلطان، ليتحدث عن تعرضه للسجن فى مصر، وهى قصة مكررة وقديمة يستغلها الإعلام الأمريكى منذ سنوات.

سلطان يحمل الجنسية الأمريكية ويجلس بكامل حريته لكى ينتقد حقوق الإنسان فى مصر، بينما العديد من أعضاء تنظيم الإخوان المنتشرين فى مختلف التنظيمات الإرهابية سجناء فى معتقل جوانتانامو الأمريكى سيئ السمعة، أليس هذا أكبر دليل على نفاق الإخوان والإعلام الأمريكى معاً.

المشكلة الحقيقة أن البرنامج لم يبذل أى مجهود حقيقى فى تقديم وجهة نظر جديدة أو قصة مختلفة عن تلك التى تتداولها وسائل الإعلام الأمريكية لـسلطان.

2- محطة فى أزمة

يبدو أن انخفاض مستوى برنامج 60 دقيقة، هو جزء من مشكلة محطة سى بى إس، التى تعانى من تراجع مصداقيتها فى ظل سلسلة فضائحها، التى توجت هذا الأسبوع بمغادرة ديفيد رودس موقعه كرئيس الأخبار فى المحطة، بعد عام مضطرب شهد طرد تشارلى روز، المذيع الصباحى وجيف فاجير المسئول التنفيذى الأول فى البرنامج بعد تقارير بشأن سوء سلوك ومسائل أخرى متعلقة بنسب المشاهدة والتصنيف.

فاجير الذى تمت إقالته من شبكة سى بى إس، بعد مزاعم ممارسات غير أخلاقية ضد زميلاته، حيث دافع عن سمعته مؤكداً أنه تم طرده لأنه أرسل رسالة نصية شديدة اللهجة إلى الموظفين فى الشبكة يطالبهم فيها بتغطية عادلة للأحداث.

وتشكل الحالتان أزمة للمحطة التى يجب عليها الاختيار بين وصمة وجود مسئول متهم بممارسات غير أخلاقية أو عار أنها تقدم تغطية إخبارية متحيزة وغير مهنية للأحداث.

أما المذيع المخضرم تشارلى روز، فتم طرده بعد تقديم 8 سيدات شكوى رسمية ضده تتضمن مزاعم سوء سلوك واستغلال نفوذ، وتوجت هذه الفضائح الأخلاقية باستقالة الرئيس التنفيذى لشركة سى بى إس، ليه مونفيس، بعد توجيه سلسلة من الاتهامات الأخلاقية، وأفادت التقارير بأن الشبكة دفعت 100 مليون دولار لمونفيس مقابل رحيله.

ويشير تقرير لموقع بايج سيكس، إلى أن رئيس قسم الأخبار، ديفيد رودس، كان يعلم أن دوره قد حان ولهذا بادر بعدم تجديد عقده الذى ينتهى فى مارس المقبل.

وفى مذكرة لموظفيه، قال رودس، الأحد الماضى، إن العام الجديد هو وقت للتجديد، من أجل أهداف جديدة، يتغير العالم الذى نغطيه، وكيفية تغطيته تتغير- وهذا هو الوقت المناسب لى لإجراء تغيير أيضا، والمؤكد أن المحطة نفسها تحتاج تغييرا كبيرا سواء إداريا أو مهنياً.