أحمد الشيخ يكتب: عقدة الخواجة
"عقدة الخواجة" أو تفضيل الأجنبي، هي مشكلة أصبح يعانى منها الإعلام
المحلي بشكل كبير، فكلما نبحث عن خبر جديد أو هام أومنتظر يظهر لنا أولاً عبر
وكالات الأنباء الأجنبية، وكأن المسئول المصري أصبح لا يثق في الإعلام المحلي، أو
إنه يفضل أعلان هذه القرارات للخارج أولاً رغم أنها قرارات داخلية أصيلة ينعكس
مردودها بشكل أساسي على المواطن المصري.
وكان أخر هذه الحالات إعلان وزير البترول أمس تحرير سعر بنزين 95 وربطه
بالسعر العالمى، من خلال وكالة رويترز للأنباء- مع كل احترامي للوكالة العريقة –
ولكنه خبر انتظره ملايين المصريين وسؤال بحث عن إجابته مئات الصحفيين طوال الفترة
الماضية ولا أشك في أن الوزير تلقى ألاف الأسئلة من صحفيين حول هذا الأمر وربما
أكثر من مرة من نفس الشخص ولكنه بخل عليهم بالمعلومة ليعلنها من خلال وكالة أنباء
أجنبية.
وهذا يطرح سؤال هام وهو هل هناك أزمة ثقة بين المسئولين المصريين ووسائل
الإعلام المحلية؟ أما أنها مجرد رغبة من المسئول للتلميع خارجياً؟ أم هى تعليمات
خاصة بنوعية معينة من الموضوعات يتطلب نشرها خارجياً في اطار سياسات مرتبطة بقرض
صندوق النقد الدولي؟
لم يكن تصرف وزير البترول هو الأول ولن يكون الأخير فقد سبقه إلى ذلك
الكثير من الوزراء والمسئولين على رأسهم وزراء المالية، ومحافظو البنك المركزي،
ووزراء الاستثمار، الذين فضلوا التصريح لوكالات أجنبية فيما يتعلق بالقضايا
والقرارات الحاسمة التى ينتظرها الملايين من أبناء الشعب المصري، ولا أجد اى مبرر
لذلك سوى محاولة مخاطبة الخارج أو "الخواجة"،
قبل الداخل بالقرارات الاقتصادية الهامة، ولا اظنها من وجهة نظري سياسة حكيمة حيث
أن انعكاس القرار داخلياً ومدى تقبله أهم بكثير من معرفة الخارج به، لأن الموضوع
في النهاية بالنسبة للصحف الأجنبية مجرد خبر أما الصحفى المحلي هو الذي يتابع
ويراجع ويستطلع أثار القرار على المواطنين وعلى البيئة الاقتصادية بشكل عام، ومن
حقه أن يكون أول من ينشر القرار من خلال مطبوعته أو موقعه الإلكتروني.
لذلك أطالب كل المسئولين المحترمين بإعادة النظر في سياستهم الإعلامية
والتعامل مع الصحافة والإعلام المحلي بالشكل والمضمون الذي يليق به، والإبتعاد قدر
الإمكان عن إعلام العلاقات العامة الذي يعتبر الإعلام مجرد وسيلة لتحقيق أهدافه،
وليس شريك أصيل في النجاح.