بعد "زيرو جمارك"... الصناعة المحلية في مأزق والتخفيضات ليس لها علاقة بالإتفاقية الأوربية
أحدث قرار مصلحة الجمارك بتفعيل خفض التعريفة الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي لتصبح "صفر جمارك" حالة من الارتباك في سوق السيارات، خاصة في ظل ترقب المصريين لخفض الأسعار، فقد توجهت عدد من الشركات لخفض أسعار سيارتها ولكن السؤال هل "ستسير السفن بما تشتهي الأنفس.. أم أن القرار لن يأتي بجديد، وسيزول آثره بعد فترة".
الصناعة المحلية في مأزق حقيقي
قال المستشار أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات المصرية، إن تطبيق قرار إلغاء الجمارك على السيارات ذات المنشأ الأوروبي لتصبح "زيرو جمارك"، سيضع الصناعة المحلية في مأزق حقيقي، فالصناعة المحلية هشة، ولا تطبق معايير الجودة العالمية كاملة، ومن ثم لن تستطع السيارات المجمعة محليًا منافسة السيارات القادمة من الإتحاد الأوروبي واصفًا إياها بـ الوحوش، والمنافسة ستكون لصالح السيارات الأوروبية خاصة بعد خفض أسعارها.
وأشار "أبو المجد"، خلال تصريحات خاصة، إلى أن إلغاء الجمارك نهائيا على السيارات الأوروبية سيؤدي إلى وجود تخفيضات حقيقية، وستظهر بوضوح على فئة السيارات الأعلى من 1600 "سي سي"، بينما السيارات الأقل من 1600 "سي سي" نسبة التخفيض عليها لن تكون كبيرة.
وأضاف أن السيارات الكورية، واليابانية، والصينية بالإضافة إلى السيارات المجمعة محليًا أصبحت في مأزق، ويجب أن يراجعوا حساباتهم، متوقعا أن يحدث فوضى عارمة في السوق خلال شهر يناير، حيث كل السارات خفضت أسعارها.
واعتبر أن التخفيضات التي تُعلنها شركات السيارات منذ تطبيق "زيرو جمارك" ليست كافية، وليست بسبب الإتفاقية، وإنما لحفظ ماء الوجه، خاصة وأن هناك زيادات غير مبررة حدثت على مدار الـ 12 شهر الماضية، مضيفا أن هناك توكيلات لسيارات رفعت أسعارها 12 مرة، ومن ثم فنحن في حاجة إلى أن تخفض السيارات أسعارها أكثر من مرة.
وحمل وكلاء السيارات السبب في رفع الأسعار، ولكن التاجر هو من يتهم في رفع الأسعار، مضيفًا: "المشكلة الأساسية عند عند الوكلاء، والمتهم فيها التاجر، متوقعا ضبط الأسعار في الأسواق خلال الربع الأول من 2019.
ولفت رئيس رابطة تجار السيارات، إلى أن النهوض بصناعة السيارات في مصر يتطلب ضرورة دعمها، وتغيير نظرة الدولة للقطاع، بحيث لا يجب أن تصنف السيارات كسلعة استفزازية، بل يجب أن تكون من السلع الاستراتيجية حتى يكون هناك رقابة عليها من الدولة، ويكون لها حق التدخل في التسعير، ولا يسمح للوكيل برفع السعر كما يريد.
وتابع: "مشكلتنا أن الوكيل بيرفع السعر على مزاجه دون رقيب.. فوصل قطاع السيارات لنفق مظلم".
"زيرو جمارك" سيقضي على ظاهرة "الأوفر برايس"
ووصف المهندس جمال عسكر، خبير السيارات وهندسة الطرق، قرار إلغاء الجمارك على السيارات ذات المنشأ الأوروبي بالإيجابي، وسيقضي على ظاهرة "الأوفر برايس" حيث كان الوكلاء يعطشون السوق ويحددون السعر الذي يريدونه، مشددا على ضرورة تفعيل دور جهاز حماية المستهلك حتى يكون هناك جهة رقابة صارمة على الوكلاء، والموزعين، والتجار، ومن ثم سيحدث اتزان في سوق السيارات في مصر.
ولفت "عسكر"، خلال تصريحات خاصة، إلى أنه سيزداد الطلب على السيارات الأوروبية بعد تطبيق "زيرو جمارك"، خاصة بعد تخفيض أسعارها، وسيكون الفرق بين سعر السيارة ذات المنشأ الأوروبي والسيارة المجمعة محليا بسيط، فسيفضل المستهلك السيارة الأوروبية، مؤكدا أن المواطن بعد تطبيق هذا القرار لن يصبح فريسة للوكلاء والتجار.
وتوقع أن أسعار السيارات المحلية ستنخفض في حدود 8%، منوها بأن أسعار السيارات خلال الفترة من شهر يناير حتى مارس ستشهد تذبذب حتى ينتهي الوكلاء والموزعين من بيع السيارات المخزنة لديهم وتصل قيمتها إلى مليارات، بينما سيحدث ارتفاع في أسعار السيارات نوعا ما خلال شهر إبريل وذلك بسبب تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ورسم التنمية.
القرار سيصب في صالح الصناعة المحلية على المدى البعيد
بينما رأى علاء السبع، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن إتفاقية "زيرو جمارك" لن يكون لها تأثير واضح في خفض الأسعار إلا على السيارات الفارهة وهى الأعلى من 2000 "سي سي"، موضحًا أن تلك النوعية من السيارات لا تمثل أكثر من 15% من حجم السيارات الموجودة في مصر.
وأضاف "السبع"، خلال تصريحات خاصة، أن القرار سيصب في صالح صناعة السيارات المحلية والمواطن، ولكن على المدى الطويل، حيث هناك 18 شركة تعمل في مجال تجميع السيارات في مصر، وتتوجه الدولة نحو إقامة مصانع للصناعات المغذية للسيارات، ومن ثم سيكون أسعار السيارات المحلية أرخص فسيفضل المواطن شراؤها.
تخفيض الشركات أسعار السيارات عملية ترويجية
ومن ناحيته، قال أمير الكومي، رئيس جمعية المراقبة لحماية المستهلك، إن البعض يعتبر أن اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية للسيارات وهمية، وأنها عادت بالنفع على الاتحاد الأوروبي ومصنعيه، وليس على المواطن المصري.
ولفت "الكومي"، خلال تصريحات خاصة، إلى أن عمية تخفيض بعض الشركات لأسعار سيارتها بعد تطبيق قرار "زيرو جمارك" مجرد عملية ترويجية، وليس له علاقة بالإتفاقية، خاصة وأن سوق السيارات يعاني من حالة من الكساد، منوها بأن هناك موزعين ووكلاء يحققون أرباح خيالية تفوق 100%.
وأوضح أن مصر سوق مفتوح، ومتروك للعرض والطلب، ولهذا الدور الرقابي ضعيف، مضيفا أن دور جهاز حماية المستهلك يكون في خدمة ما بعد البيع، أو عند حدوث مشكلة في السيارة، بينما مراقبة أي عمليات احتكارية هو دور جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، معتبرا أن هذا الجهاز منذ إنشائه في 2006 لم يقم بدوره.
وأشار إلى أنه حتى يكون لقرار تطبيق "زيرو جمارك" تأثير إيجابي يعود على المواطن، يجب أن تتدخل الدولة ممثلة في وزارة الصناعة لعقد إتفاقيات مع الوكلاء والموزعين على منحهم امتيازات معينة مقابل تحديد هامش ربح.
وتوقع أن تشهد أسعار السيارات لمدة 3 شهور حالة من الارتباك، حتى يرى الوكلاء والتجار مدى اقبال المواطن على الشراء، وحركة البيع، ثم سيقومون باعادة حساباتهم، مضيفا أن شركة هيونداي بدأت تعيد حساباتها حيث كانت من أكثر الشركات المغالى في سعرها.