بعد الاختراق الضخم للبيانات.. ألمانيا تبحث عن الأدلة
تبحث ألمانيا عن الأدلة بعد تعرضها لاختراق
ضخم للبيانات، وتواجه العاصمة الألمانية برلين أسئلة حول سبب عدم اكتشافها للاختراق
في وقت مبكر، وتسعى جاهدة لتحديد من يقف خلف القرصنة الكبيرة التي كشفت بيانات مئات
الساسة والصحافيين والنشطاء الألمان، حيث استخدم المتسللون حساب تويتر يطلق على نفسه
اسم "G0d" لتسريب تفاصيل رسائل البريد الإلكتروني الخاصة،
ورسائل فيسبوك، وأرقام الهواتف المحمولة والصور بشكل يومي تقريبًا على مدى فترة أربعة
أسابيع بدأت في أوائل شهر ديسمبر.
وتضمن ملف البيانات معلومات عن المستشارة
الألمانية أنغيلا ميركل Angela Merkel بالإضافة إلى أعضاء في البرلمان
الألماني البوندستاغ Bundestag وبرلمانات الولايات الإقليمية
والبرلمان الأوروبي والمسؤولين المحليين على مستوى الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات
على السواء، باستثناء الحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا" AfD.
وعانت ألمانيا في السنوات الأخيرة من مجموعة
من عمليات الاختراق، بما في ذلك محاولات اختراق المؤسسات السياسية المرتبطة بحزب الاتحاد
المسيحي الديمقراطي الألماني CDU والحزب الديمقراطي الاجتماعي
الألماني SPD في عام 2017 وانتهاك شبكة البرلمان
الألماني في عام 2015 الذي استمر لعدة أسابيع، وسمح للقراصنة بسرقة 16 جيجابايت من
البيانات .
ويبدو أن المسؤولين الألمان قلقون بشأن
الخرق نفسه، بالإضافة إلى شعورهم بالذعر لأنهم لم يلاحظوا ما حدث حتى أوائل شهر يناير،
وقالت المتحدثة باسم الحكومة مارتينا فيتز Martina Fietz يوم أمس
الجمعة، أي بعد أقل من 12 ساعة من قيام محطة "برلين- براندنبورغ" الإذاعية
الألمانية RBB بنشر أنباء الحادث: "إن
الحكومة الألمانية تأخذ هذا الحادث على محمل الجد".
وقالت فيتز للصحافيين إن مكتب ميركل لم
يكن على علم بالاختراق قبل مساء يوم الخميس، وتسببت هذه الأخبار بعقد اجتماع طارئ صباح
يوم أمس الجمعة بين المكتب الاتحادي الألماني لأمن المعلومات BSI ومركز الدفاع السيبراني الوطني لتنسيق الاستجابة بين المكتب الاتحادي وأجهزة
المخابرات والشرطة الجنائية، وتعمل السلطات الآن بشكل مستقل لفحص كيفية الحصول على
هذه المعلومات، مع الإشارة إلى أن هذه البيانات لا تحتوي على معلومات حساسة عن ميركل.
وتوضح المعلومات أن المتسللين قد قاموا
بتحميل البيانات على عدة منصات عبر الإنترنت، والتي تسمح بمشاركة المحتوى بشكل مجهول،
لضمان انتشارها، وقاموا بعد ذلك بنشر روابط إلى الملفات عبر حساب على تويتر، والذي
لديه أكثر من 18 ألف متابع قبل إيقافه، حيث جرى نشر رابط جديد كل يوم خلال الفترة الممتدة
بين 1 و 24 ديسمبر، الأمر الذي أدى إلى ظهور وثائق جديدة، مع نشر رابط إضافي واحد بتاريخ
28 ديسمبر.
وتتضمن البيانات المسربة عناوين المنازل،
وصور ممسوحة ضوئيًا لبطاقات الهوية الوطنية ومعلومات الحساب المصرفي، وكان المسؤولون
الحكوميون قد تهربوا يوم أمس الجمعة من الأسئلة المتعلقة بكيفية عدم تحديد السلطات
لهذا الخرق الحساس واستغراقها أكثر من شهر لمعرفته، لكن مارتينا فيتز حذرت من أنه بالرغم
من أن بعض المعلومات قد تكون حقيقية، إلا أن مثل هذه الخروقات يمكن أن تتضمن بيانات
مزيفة.
وقالت: "لهذا السبب يجب على كل شخص
يتعامل مع هذه البيانات أن يمارس أقصى درجات الحذر"، وفي حين أن الكثير من المعلومات
التي تم نشرها تبدو حقيقة، بالرغم من أن بعضها قديم، لكن يبدو أن هناك جزء كبير منها
مزيف، وذلك بحسب تقارير وسائل الإعلام الألمانية، وقال فلوريان بوست Florian Post، عضو البرلمان الألماني عن حزب الاشتراكي الديمقراطي
الألماني إنه لم ير رسالة واحدة على الأقل تنسب إليه في الخرق.
ولا تزال الطريقة التي حصل بها المتسللون
على الكم الهائل من المعلومات عن مجموعة واسعة من الشخصيات العامة غير معروفة، ورفض
متحدث باسم وزارة الداخلية، التي تشرف على الأمن السيبراني، التعليق على ما إذا كانت
المعلومات المنشورة قد سرقت أثناء هجوم قرصنة سابق أو أنه قد تم تسريبها من قبل شخص
لديه وصول إليها.
واشتكى أعضاء البرلمان المتضررين من الانتهاك
من أنهم قد علموا به من خلال وسائل الإعلام بدلًا من أجهزة الأمن الألمانية، وقال أحد
المسؤولين في البرلمان الألماني البوندستاغ Bundestag: "من السخيف
أن يتم تنبيهنا إلى ذلك من قبل المواطنين القلقين"، وأضاف "كنا نأمل في تلقي
مثل هذا التحذير من المكتب الاتحادي الألماني لأمن المعلومات، أو من وكالة الأمن الداخلي
الألمانية، المسؤولة عن مكافحة التجسس".