الجزارة الكيوت رزق.. "هدير" من الماسكرا والروج لـ "الساطور واللحمة"
بينما تجلس تمشط خصلات شعر صغيرتها أمام المرآة، وقعت أعينها على أدوات التجميل التي تزين تسريحة غرفتها ولا تعرف الطريق إلى وجهها.
فتسرح مع شريط من الذكريات فتلك الأدوات التي كانت تستخدمها لتزين أصدقائها في المناسبات المختلفة لا يعرف طريقها سوى الأتربة المتغلغة من بين النوافذ، لتعود محملة بابتسامتها من عالم ذكرياتها، وتضرب كفًا على كفًا فتلك السيدة التي تقف أمام المرآة هي ذاتها الجزارة التي تقف تقطع اللحوم بيدها التي تلف في الحرير.
هدير من بيع أدوات التجميل للجزارة
هدير، سيدة ثلاثينية وأم لأربع أطفال بينهم اثنين بنات وآخرين ذكور، أكبرهم "مازن"، شقت طريقها من العمل في بيع أدوات التجميل إلى الغوص في عالم الجزارة وتجارة المواشي، لتضع بصمتها الناعمة داخل السوق فيما لا يزيد عن عامين.
الفكرة بدأت عند "هدير" عندما حاول والد زوجها باقناعها بأن يكون لها عمل مستقل ومبلغ خاص بها يشعرها بذاتها، لتواجه الشارع وعالم الأسواق بكل شجاعة، لتكون عائلتها السند لها في مهنتها الجديدة.
الست ممكن تشتغل أى حاجة
"مفيش حاجة صعبة على الست".. تقولها "أم مازن" بكل ثقة لتؤكد قدرة السيدات والفتيات على العمل في أشق المهن "الست ممكن تشتغل أى حاجة وتبقى بـ 100 راجل كمان"، وبينما تصمت للحظات لتعود إلى شخصيتها قبل مواجهة السوق "كنت كيوت اوووي".
تروي "هدير" تفاصيل يومها المنقسم بين تربية الأبناء ومحاسبة التجار في السوق "مكنتش اتخيل إني أقف كده بين الرجالة واحاسبهم على ثمن المواشي.. بس قدرت أقف واشتغل واثبت نفسي واسمي بقى مسمع كمان".
"السكينة بقت حبيبتي".. تقولها "أم مازن" بضحكة تملء أصواتها أركان المكان، فتلك الأيدى التي كانت تختار أدوات التجميل هي ذاتها التي انسجمت مع السكين المستخدمة في تقطيع اللحوم.
تنفض "هدير" فكرة الجزارة التي تلطخ ملابسها بالدماء، فترى أنها ترتدي ما تشاء مثلما لو تعمل في أى مهنة، فمن بين العباءات و"الجينز" تبدل "أم مازن" ملابسها، لتعود إلى أبنائها بكامل أناقتها، مطلقة عنان صدرها ليتسع لإحتضان صغارها، لتنسى كل ما مر عليها من إرهاق بمجرد رؤيتهم، لتساعدهم على استذكار دروسهم، وإلى أن تلامس رؤوسهم الوسائد مستسلمين للنوم، لتعطي نفسها هي الآخر جزء من الراحة قبل بدء يوم جديد مع السكين والمواشي.