"من الزمالك لنقابة الصيادلة ياقلبي لا تحزن".. مسلسل الاعتداء على الصحفيين إلى أين؟
خلال السنوات القليلة الماضية، ارتفعت وتيرة الاعتداء على الصحفيين خلال تأدية مهام عملهم، ولكن خلال الأشهر الماضية، زادت هذه الوتيرة بشكل مُخيف، ولم يعد أحدًا قادرًا على حماية الزملاء خلال عملهم، ربما بسبب نزعة داخل المصريين الذين أصبحوا يخافون من كل شئ، فتظهر لهم الكاميرا على أنها وحش يريد أن يبتلعهم أو عمل سُفلي يجلب المصائب.
"هل تشريع القوانين كافي لحماية الصحفيين؟"، ربما طرح هذا التساؤل نفسه
كثيرًا، خاصة بعد إقرار قانون تنظيم الصحافة الجديد، والحديث حول حرية الصحافة
والصحفيين، والتي تندرج في طياتها حرية ممارسة عملهم في أمان.
"الصحفي متهم حتى تثبت براءته"، في الغالب أصبحت تتعامل الكثير من
المصادر مع الصحفيين من هذ المنطلق، فتصبح مُضطرًا للتعامل مع مؤسسات لا تفقه
التعامل مع الصحفيين والصحافة، تفرض سوء النية ومحاولات الصحفي لتشويه السمعة
واختلاق الأزمات، ولا تدري من وضع تلك الفرضية وجعلها شيئًا مُصدق به، فضلًا عن
وضع الصحفي داخل خانة بعض الحسابات بين طرفي الحدث، وخلال تغطيته الطبيعية لجميع
الأطراف، يصبح بالنسبة لكلٌ منهم مُدان حتى يُثبت براءته.
في واقعتين قريبتين، تعرض عدد من الصحفيين الزملاء لحالات اعتداء بدني بشكل عنيف،
أولهم واقعة اعتداء أمن نادي الزمالك على أعضاء النقابة خلال محاولتهم ممارسة
حقوقهم الطبيعية كأعضاء عاملين بالنادي، بالإضافة إلى واقعة الاعتداء على محرري
نقابة الصيادلة من قبل الأمن المُكلف بحماية النقابة والنقيب خلال تأدية مهام
عملهم الطبيعي.
واقعة نادي الزمالك
اعتدى أمن نادي الزمالك
يوم 6 نوفمبر الماضي، على عدد من الصحفيين، لحظة دخولهم إلى مقر النادي، وذلك على
الرغم من كونهم أعضائ عاملين، بناءً على قرار مرتضى منصور رئيس مجلس الإدارة بمنع دخول
الصحفيين من الأعضاء.
وفي تمام الساعة الرابعة،
توجه الزملاء أعضاء مجلس النقابة: محمد سعد عبدالحفيظ وحسين الزناتي، برفقة أعضاء
الجمعية العمومية: محمد ربيع وخالد كامل، إلى قسم العجوزة لتحرير محضر لإثبات منع رئيس
نادي الزمالك للصحفيين بالمخالفة للقانون.
وبعد الانتهاء من تحرير
المحاضر، تواصل أعضاء مجلس النقابة مع النقيب عبدالمحسن سلامة لإخطاره بما جرى، فأخبرهم
أنه تواصل مع رئيس نادي الزمالك واتفق معه على إلغاء قرار المنع، مشيرًا إلى لقاء سيجمعه
برئيس النادي بعد عودته من شرم الشيخ.
وبعد ذلك تم إخطار الزملاء
بإلغاء قرار منع الصحفيين، وتوجه إلى النادي مع الزميلين محمد ربيع وخالد كامل، وهناك
التقوا عددًا من الزملاء من مؤسسات مختلفة وأخبروهم أن قرار المنع مازال ساريًا، توجهوا
إلى أمن بوابة 26 يوليو وأخبروهم أنهم صحفيون وأعضاء عاملون بالنادي وأن الأزمة انتهت،
لكنهم منعوا الصحفيين بالقوة واستدعوا عددًا كبيرًا من أفراد أمن النادي وتم الاعتداء
على الصحفيين "بشكل هيستيري".
وفي سياق طبيعي لما
يحدث، حاول بعض الزملاء تصوير ما يجري بهواتفهم المحمولة، فبدأ أفراد الأمن في خطف
هواتف الزملاء، وهجم أحدهم على زميلة صحفية وتحرشوا بها، ومع الضغط بدأ الزملاء في
التراجع إلى خارج النادي، فلاحقهم أفراد الأمن في الشارع واعتدوا عليهم وسرقوا منهم
الهواتف.
وبعد الاتصال بشرطة النجدة،
توجه الزملاء إلى قسم العجوزة، وحرروا محاضر بالاعتداء والسب والتحرش.
واقعة نقابة الصيادلة
وفي واقعة أعنف، بالأمس اعتدى
"بلطجية محي عبيد" المدعو نقيب الصيادلة على عدد من الزملاء المُكلفين
بشكل قانوني من مؤسساتهم، بتغطية نقابة الصيادلة منذ سنوات، وقاموا بسرقة هواتفهم
المحمولة والاعتداء عليهم واحتجازهم، بمجرد مشادتهم لهم يقومون بالتسجيل مع أحد منافسي
"عبيد"، والذي كان يتقدم بأوراق ترشحه على مقعد النقيب.
وتروي الزميلة آية دعبس الصحفية بجريدة اليوم السابع شهادتها على ما حدث، قائلة:
في حوالي الساعة 11 وربع، وصل إلى مقر النقابة الدكتور
كرم كردي عضو اتحاد الكرة المصري، لتقديم أوراقه للترشح نقيبا للصيادلة، بدأت وزملائي
التحرك بشكل طبيعي، وكما اعتدنا العمل، بدأنا في التقاط الصور للدكتور كرم، وعندما
اتخذ من كرسى فى أحد زوايا الطابق الثاني من مقر النقابة، اتجهنا له لإجراء حوار صحفي،
وكنا فقط 4 صحفيين، بعد دقائق من حديثنا معه، وجدنا أحد البلطجية بالقرب منا ويطالبنا
بالتحرك وإنهاء حديثنا، لكننا أكدنا له أننا خلال ثواني سننتهي ونرحل، كان ذلك بالتزامن
مع مجىء الدكتورة رانيا صقر عضو المجلس، وفايز شطا المدير الإداري للنقابة إلينا، وظلوا
يستمعون لحديثنا لثواني، وفجأة طالبونا بالرحيل، فقالت رانيا صقر: "ده مش مؤتمر
صحفى"، أما "شطا" فقال: "مش مسموح بوجودكوا هنا".
بدأنا نطالبهم بالانتظار، إلا أنهم أصروا وبرروا
ذلك بالصلاة، وأن الموظفين سيصلون حيث نقف، فأكدنا أننا لن نعيقهم خاصة أننا 4 أفراد
فقط، ثم بدأت الدكتورة رانيا صقر، في رفع صوتها بشكل كبير، وتصيح: الصلاة وصوتكو، ثم
أكدنا لها أن صوتها فقط هو المرتفع، فما كان منهم إلا أن أدار "شطا" حديثا
مع الدكتور كرم كردي، حول شهادة حسن السير والسلوك، ثم بدأنا في تصوير الحديث بينهما
نظرًا لتعلق ذلك بقضية نقابية، فوجئنا بـ"شطا" يتعدى بالضرب على زميلتي إسراء،
وسقط هاتفها من يديها، وبسرعة كبيرة التقطه أحد البلطجية المحيطين بنا، دفعن الاعتداء
على زميلتى في تصوير ما نتعرض له، ففوجئت بنفس السيناريو يتكرر معي، ضربنى "شطا"
وأسقط هاتفي من يدي، وفي جزء من الثانية كان هاتفي اختفى بعدما أخذه أحد البلطجية.
وقتها بدأ البلطجية في الاقتراب منا ودفعنا بعيدًا
عن الدكتور كرم، حاول زملائنا في "المصرى اليوم" الدفاع عنا، وقالوا لهم:
"عيب"، فكان ردهم: "تعالوا هانوريكو العيب"، وفي لحظات اختفى الزميلين،
وظهروا والدماء تغطي وجهيهما، وعلمنا أن "الجرنوسي" قام بسرقة الكاميرا الخاصة
به وضربه بها، حتى تم كسرها، ولاحظنا أن الدكتورة رانيا صقر وفايز شطا قد غيرا من مظهرهما،
حيث ارتدى "شطا" جاكيت لم يكن يرتديه وقت اعتدائه علينا، في حين خلعت
"رانيا" الجاكيت الأحمر الذي كانت ترتديه، ووجدنا مصور يقف أعلى السلم المؤدي
إلى مكتب نقيب الصيادلة، ويلتقط لنا صورًا وفيديو، وعندما حاولنا منعه كما منعتنا النقابة
أغلقوا الباب عليه، وصعد إلى مكتب النقيب وظل يصور من نوافذ المكتب، وتم منعنا من الخروج
من النقابة، إلا أننا بدأنا في إجراء اتصالات بالجرائد والمواقع الخاصة بنا، وصل لنا
مجموعة من الزملاء لدعمنا.
وصل الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة، إلى مقر النقابة،
لم يقل إلا: "من أخطأ سيعاقب، سنفرغ الكاميرات ومن أخطأ سيعاقب"، وعندما
حاولنا توضيح أن أعضاء المجلس والموظفين اعتدوا علينا وسرقونا، تركنا ودخل إلى مكتبه
وخلفه الجميع من أعضاء المجلس والموظفين.
وبعد ذلك فوجئنا بإغلاقهم للأبواب بالقفل لمنعنا
من الخروج واحتجازنا، وحاولت الدكتورة رانيا صقر افتعال أزمات مع الزملاء، وأثناء محاولتي
الدفاع عن الزملاء، اعتدت عليا بيدها، قائلة لي: "إنتي فاكرة نفسك مين؟"،
وعندما شاهد الدكتور أحمد صلاح عضو المجلس، جاء محاولًا إبعادها ولم تستجب له إلا بعد
فترة، طالبت وقتها الدكتور حسن إبراهيم بإعادة هواتفنا لنا، إلا أنه لم يستجب، وطالب
الدكتور كرم كردي بالدخول إلى أحد مكاتب النقابة، إلا أن الأخير رفض.
وعندما بدأنا في استخدام هواتف زملائنا في تصوير
الأبواب المُغلقة وكيفية احتجازنا لمدة تجاوزت الساعة ونصف، فتحوا الأبواب، كان ذلك
مع وصول وكلاء النيابة إلى مقر النقابة، ولم يتركونا إلا عند علمهم بذلك، ونزلنا جميعا
لتحرير محضر في قسم شرطة قسم النيل، رقم 16061 جنح قصر النيل، ثم اتجهنا إلى النيابة
المسائية، والتي وجهنا جميعًا اتهامات فيه للدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة بالتحريض
على التعدي علينا واحتجازنا بالنقابة، نفس الاتهامات وجهناها للدكتورة رانيا صقر عضو
المجلس، وفايز شطا بالإضافة لسرقة "هواتفنا".
هل يحمي القانون الصحفيين أثناء تأدية عملهم؟
وتنص المادة رقم 100 من القانون
180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام على أن: "يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل
عن عشرة ألاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين، كل من تعدى
على صحفي أو إعلامي أثناء أو بسبب عمله".
كما يوجد أكثر من 18 نصًا تتحدث عن حقوق الصحفيين التقليدية في تسع مواد، وُضعت ضمن
باب كامل عن حقوق الصحفيين والإعلاميين نقلًا من الدستور والقوانين السابقة وغير التقليدية،
والمُتمثلة في العقوبات التي تم استحداثها في حال الاعتداء على الصحفي أو الإعلامي.