عبدالحكيم الجابري يكتب: هزمنا انقلاب الحوثي وفرضنا نصر السويد

مقالات الرأي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



بعد نحو أربع سنوات من الحرب بين قوات الشرعية اليمنية مدعومة من قبل التحالف العربي ومليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لايران، كانت نتائجها سيل من الدماء والدمار الشديد الذي طال معظم المدن والمناطق اليمنية، وفي ظل انسداد الأفق وانعدام الامل في وقف هذه الحرب الشرسة والمدمرة، تمكنت الامم المتحدة ممثلة بالمبعوث الخاص لامينها العام مارتن غريفيت من احداث اختراقا لينفذ منه شعاع املا لإيجاد مخرج لأكثر من 25 مليون يمني تسحقهم طاحونة الحرب على مدى نحو أربع سنوات، وتمثل ذلك في ماسمي لاحقا باتفاق الحديده والذي هو عباره عن تفاهمات تم التوصل إليها خلال المشاورات التي عقدت في بلدة بريمو بضواحي العاصمة السويدية استكهولم، وضمت وفدين ممثلين عن الحكومة الشرعية واخر عن مليشيات الحوثي.
  
وخلال أسبوعا كاملا من المحادثات غير المباشرة اولا ومن ثم المباشره، توصل الطرفان إلى حل عدد من الملفات الشائكة والمهمة وعلى رأسها ميناء ومدينة الحديده، كما تم تأجيل ملفات اخرى لاتقل في أهميتها وصعوبتها عن تلك الملفات، وخاصة مايتعلق بمطار صنعاء وملف الأسرى الى المشاورات القادمه خلال الشهر المقبل والتي يتوقع أن تكون في الكويت.
 
ولكن السؤال الأهم هو لماذا الان فقط تم ذلك؟! ولماذا لم يتم التوصل إلى أي اتفاقات أو تفاهمات مماثله خلال المشاورات السابقة سوا في جنيف أو الكويت؟!، بالتأكيد أن مشاورات ماقبل السويد كانت لها ظروف تختلف كثيرا عن ظروف مشاورات استكهولم، حيث يجمع المراقبون على أن مشاورات السويد كانت اوفر حظا من سابقاتها، كونها أتت بعد أن تعرضت مليشيات الحوثي لهزائم وضربات موجعه تلقتها على أيدي الجيش اليمني وقوات المقاومة الوطنية مسنودين بدعم كبير من قوات التحالف العربي، وخاصة في محافظة الحديده حتى توغلت قوات الجيش والمقاومة في عدد من أحياء المدينة واقتربت كثيرا من مينائها الاستراتيجي، الأمر الذي جعل مليشيات الحوثي تتخلى عن تعنتها والقبول بالجلوس الى طاولة المشاورات التي حدد مكانها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.
  
ان التفاهمات والاتفاقات التي تم الإعلان عنها الخميس الماضي تصب جميعها في اتجاه فقدان المليشيا لمدينة الحديدة التي لها أهمية كبيره جدا من نواحي عده، كما أنها تحرم هذه المليشيا من الميناء الأكبر على مستوى اليمن والذي يشكل اهم وأكبر مورد مالي على الاطلاق ظلت تستفيد منه مليشيات الحوثي لتمويل حروبها والاستمرار في تمردها على الشرعية.
  
إلى جانب الانكسارات والهزائم التي تعرضت لها مليشيا الحوثي في الساحل الغربي ومحافظة الحديدة ككل، كانت هناك انتصارات أخرى يحققها الجيش الوطني والمقاومة في جبهات أخرى منها جبهة صعده المعقل الرئيس للمليشيا، فقد شهدت تلك الجبهه تقدمات كبيره للجيش والمقاومه وبدعم لامحدود من قوات التحالف العربي، وشكل كل ذلك ضغطا شديدا على المليشيا الإنقلابية التي استشعرت بقرب نهايتها، وما كان منها إلا أن تخضع لمناشدات المجتمع الدولي المتكرره بالجلوس الى طاولة الحوار للتوصل إلى نهاية لهذه الحرب المدمره.
 
ماذا بعد التفاهمات؟!
 
لعل هناك من يتسائل عن الخطوات القادمة بشأن الملفات الأخرى التي تم ترحيلها من مشاورات السويد أو حتى تلك التي لم تفتح بعد، حيث يرى معظم المراقبين، أن مليشيا الحوثي الإنقلابية التي اعتاد الجميع منها الروغان وعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقات باعتبار ان النكث بالعهود أحد أهم مكونات ثقافة المليشيا، وثبت ذلك جليا خلال حواراتها مع القوى اليمنية المختلفة معها إبان مراحل بدايات سيطرتها على العاصمة صنعاء والانقلاب على الشرعية ومؤسساتها، ومن ثم اجتياح محافظات الجمهورية والسيطرة عليها بقوة السلاح، مرورا بمشاورات جنيف والكويت وغيرها، فهي كانت تتملص من أي اتفاق يتم التوصل اليه، وتلجا دائما الى تفسير الاتفاقات والتعهدات بحسب فهمها هي وبمايضمن بقائها كمليشيا فوق الكل ويخضع لها الجميع.
  
وبما أن الأمر كذلك فإنه من المهم جدا أن تستمر الضغوط على المليشيا لكي ترى التفاهمات والاتفاقات التي تم التوصل إليها في السويد النور، وحتى لاتجد المليشيا اي فرصة للتملص أو الانقلاب على ماتم التوصل إليه بشأن الحديدة ومينائها، يجب أن يستمر الضغط العسكري من قبل الجيش وقوات المقاومة الوطنية وتضييق الخناق عليها في كل الجبهات والميادين، لان ذلك هو السبيل الوحيد لاخضاعها واجبارها على تنفيذ ذلك، وسيلزمها لحضور المشاورات المقبلة دون قيدا أو شرط.
 
الحديده بداية الحل
 
يظل موقف الحكومة الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي ثابتا بشأن التزامها بتحقيق السلام الدائم في اليمن، وانهاء الانقلاب وعودة الشرعية الى صنعاء استنادا إلى المرجعيات الأساسية وفي مقدمتها القرار الأممي رقم 2216، فان عليهم الاستمرار في إنقاذ الشعب اليمني ووضع حدا للحرب التي تمثل أسوأ كارثة إنسانية تسببت فيها مليشيا الحوثي، وعلى الأمم المتحدة باعتبارها شريكة السلام في المنطقه أن تتخذ مواقف اكثر حزما تجاه المليشيا الإنقلابية التي تحاول تفويت اي فرصة لإحلال السلام وانهاء الحرب، ان على المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيت أن يكون أكثر وضوحا وحاسما وحازما في مواقفه تجاه تلاعبات وتسويفات المليشيا، وان يكشف للعالم الجهة المعرقلة للسلام لكي يتخذ المجتمع الدولي موقفا موحدا ضد ذلك الطرف المعرقل.
 
يجب حسم كل الامور
 
ان ماتم تحقيقه بشأن الحديدة ومينائها بقدر أهميته إلا أن ذلك غير كاف لإحلال السلام في اليمن، لإحلال السلام الشامل والدائم مرهون بتسليم المليشيا الإنقلابية للسلاح والتخلي عن مؤسسات الدوله للحكومة الشرعية والانسحاب من كافة المحافظات والمناطق المتبقية الخاضعة لسلاح المليشيا، أما غير ذلك فإنما هي حلول ترقيعية بل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظه، وانفجارها القادم لاسمح الله سيكون أكثر خطورة ودموية ودمارا للمنطقة كلها، لذا يجب حسم الأمور وعودة الحكومة لممارسة مهامها من العاصمة صنعاء واستعادة مؤسسات الدولة واخضاع السلاح لإرادة الدولة والحكومة الشرعية فقط.
 
لذا فإن أي مشاورات قادمه يجب أن تكون شاملة لجميع تلك القضايا الأساسية، وان لايام تجزاة القضايا والملفات، بحيث يتم معالجة المشكلة اليمنية كحزمة واحدة كونها طالت وان استمرارها يعني مزيدا من الدماء والدمار.