"مستقبل وطن" يعد تقريراً حول تداعيات القَرارات الإقتصاديَّة الأخيرة للرئيس الفَرنسي "ماكرون"
أعد مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، تقرير حول القَرارات الإقتصاديَّة الأخيرة للرئيس الفَرنسي "إيمانويل ماكرون"، ويستهدفُ هذا التقرير رصد وتحليل أبعاد ودوافع تراجع الرئيس "ماكرون"عن خُططه الإقتصاديَّة، مع الوقوف على تداعِيات القرارات الإقتصاديَّة الأخيرة التى تمَّ اتخاذها لتهدئة الاحتجاجات.
وأوضح التقرير أنه بعد ما يقرب من شهر من احتجاجات السترات الصفراء، والتى بدأت فى 17 نوفمبر 2018 ضد سياسات وقرارات اقتصاديَّة تبناها الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" فى إطار خُطته الاقتصاديَّة، وشكّلت تهديدًا لأمن فرنسا واستقرارها الداخلي، أعلنَ "ماكرون" فى مُحاولة لتهدئة الموقف فى خطاب له فى العاشر من ديسمبر 2018، حُزْمةً من القرارات الاقتصاديَّة تتمثل فى رفع الحد الأدنى للأجور بداية من العام المُقبل بجانب إحداث تحسين كُلى فى الأجور ونظام الضرائب.
واستعرض التقرير أبعاد ودوافع القَرارات الاقتصاديَّة الأخيرة للرئيس "ماكرون"، حيث تسبب تصاعد حِدة احتجاجات السترات الصفراء بفرنسا، والتى استمرت لما يقرب من شهر وأدَّت إلى خسائر كبيرة للاقتصاد الفرنسي، واضطرت معها الشُّرطَة الفرنسيَّة إلى التعامل بقوةٍ، فيما تراجع الرئيس الفرنسى "ماكرون" عن خُطته الاقتصاديَّة التى يسير عليها، والتى قد أعلن عنها منذُ حملته الانتخابيَّة، مُتعهدًا حينها بتوفير فرص عمل وتحسين حياة العمال من خلال إعادة تشغيل اقتصاد البلاد، وعدم فرض مزيد من الضرائب على الفرنسيين، ورفع شعار الإصلاح الجَذْري لإنعاش الاقتصاد من خلال ما أسماه "الصفقات الكبيرة"، لافتا إلا أنَّ زيادة الضرائب على المحروقات برفع ضريبة الهيدروكربون بهدف الحفاظ على البيئة في إطار التزام الحكُومة باتفاقيَّة المُناخ ولتشجيع المُواطنين على استهلاك السيارات الكهربائيَّة منذُ بداية العام الحالى، وقد تسببت احتجاجات السترات الصفراء فى نشوب أعمال عنف واشتباكات مع الشُّرطَة الفرنسية، أدَّت إلى حرق سيارات وتدمير ممتلكات وحرق مبانٍ، واعتقال أكثر من 1700 شخص، ووفاة 6 أشخاص، وسجلت بعض القطاعات تراجعًا فى المبيعات ما بين 15% إلى 25%، بجانب خسارة فنادق باريس بنحو 10 مليون يورو؛ بسبب إلغاء الحجوزات، كما انخفضت التبادلات التِّجاريَّة للمطاعم بنسبة تراوحت بين 20 إلى 50 %.
وأشار التقرير إلى تداعيات قَرارات "ماكرون" الأخيرة على الاقتصاد الفَرنسي لتهدئة الاحتجاجات الفرنسيَّة من قبل السترات الصفراء، وتتمثل اهمها في: تباطؤ مُعدلات نمو الاقتصاد الفَرنسي، وزيادة الإنفاق بمَشروع المُوازَنة العامَّة الفَرنسيَّة 2019، وزيادة نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة العجز فى المُوازَنة العامَّة الفَرنسيَّة، ووضع الميزانيَّة الفَرنسيَّة فى إشكاليَّة مع الاتحاد الأوروبي، واستمرار حركة السترات الصفراء فى التمسك بمَطالبها واستمرار الخسائر للاقتصاد الفَرنسي.
واختتم التقرير بأن حركة "السترات الصفراء" أصبحت أبرز التحديات أمامَ الرئيس الفرنسي "ماكرون"، وباتت تُشكل تهديدًا لأمن فرنسا واستقرار أوضاعها الداخليَّة إلى جانب الخسائر الاقتصاديَّة التى أصبحت بمثابة أقوى تهديد لثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو، والتى تجاوزت خسائر حرق ونهب المبانى وإغلاق المحال التِّجاريَّة والسيَّارات وإلغاء حجوزات الفنادق الفرنسيَّة، بل تأثرت بتداعيات القرارات الاقتصاديَّة الأخيرة التى اتخذها "ماكرون" فى خطابه فى 10 ديسمبر 2018 التى ستنعكس على زيادة عجز المُوازَنة العامَّة الفرنسيَّة ليصل إلى 3.4% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع حجم الدَّين العام، ووضع مَشروع المُوازَنة العامَّة الفرنسيَّة 2019 فى مأزق أمام الاتحاد الأوروبي.