د. نصار عبدالله يكتب: ذكريات سميحة أيوب«3»
التحقت سميحة وهى فى الرابعة عشرة تقريبا من عمرها بمعهد الفنون المسرحية الذى لم يكن فى ذلك الوقت (أوائل خمسينيات القرن الماضى) يشترط سنا معينة للقبول، وأتيح لها أن تتزامل مع عدد من الزملاء الذين أصبحوا نجوما فيما بعد من أمثال: فاتن حمامة، ونعيمة وصفى، وحمدى غيث، ونبيل الألفى، وسعيد أبوبكر، وفريد شوقى، وشكرى سرحان، وعلى الزرقانى، وعمر الحريرى، وصبرى عبدالعزيز،..ومن خلال العروض التى كان يؤديها طلاب المعهد على مسرح دار الأوبرا للأعمال الكلاسيكية استطاعت سميحة أيوب أن تجذب إليها الأنظار فانهالت عليها العروض ومن بينها عرض من المخرج التونسى المنصف على لكى تقوم بدور فى أحد الأفلام التى كان يخرجها وقد شاركها العمل فى هذا الفيلم الممثل محسن سرحان الذى هام بها حبا ثم تزوجها وأنجب منها ابنهما محمود وطلب منها أن تنقطع عن الدراسة لكى تتفرغ للأعباء المنزلية فوافقت!، لكن محسن سرحان كما صورته المؤلفة لم يكن يثق بأية امرأة فكان يغلق الباب عليها بالمفتاح عند خروجه!، إلى حد أن والدتها عندما جاءت لزيارتها ورؤية حفيدها، تعذر عليها أن تراه لأن الزوج وقتها كان خارج المنزل بينما الزوجة وابنها قد أوصد عليهما!!، وكان من الطبيعى أن ينتهى مثل هذا الزواج بالطلاق الذى قامت المؤلفة بتصوير مشهده على النحو الآتى: فى ذات مساء، وفى حالة صفاء، قال لى محسن:ـ عيد ميلادك قرب تحبى أجبلك إيه يا حبيبتى؟..قلت له وأنا أشعر بالقوة الممزوجة بالخوف المكابر: أريد الطلاق!!، فضحك باندهاش وقال: لا..لا أحب المزاح فى مثل هذه الأشياء!!..قلت له جادة: أنا لا أمزح!!..فنظر إلى غير مصدق!. وكان العيد الصغير على الأبواب وأحس ساعتها أنه جرح، وأن كرامته تملى عليه بالإيجاب..وقال لها: بعد العيد سوف أنفذ ما تريدين..وجاء العيد لكنه لم ينفذ،..حينئذ استغلت موهبتها فى التمثيل من ناحية، وما تعرفه عنه من إيمانه بالأعمال السحرية من ناحية ثانية..فقامت ذات ليلة من الفراش تصرخ عند الفجر..فقام مفزوعا: مالك مالك..قالت: رأيت وجها كبيرا يملأ الحجرة ويقول لى: اخرجى من هذا البيت وإلا ستندمين!..وتكرر المشهد ليلة بعد ليلة..وفى إحدى الليالى قالت له: فلنسمع كلام هذا الذى يجىء ليلا، وأخرج من البيت شهرا أو شهرين وبعدين أرجع تانى، ففكر جديا من شدة خوفه مما سيحدث إن لم تخرج من المنزل وقال لها: على شرط..ملكيش حاجة عندى..لا مؤخر..ولا عفش ولا أى شىء..قالت له: موافقة!...فأنا لن أطيل البقاء خارج المنزل!، لكنه قال لها: «فلنطلق طلقة بائنة» (حتى لا يكون لها نفقة)..وبعدين أردك تانى، قالت له: طبعا ما هو أنا راجعة!!..وقال لها: وتمضى على ورق أبيض..قالت: موافقة.. وخرجا وذهبا إلى المأذون وطلقها طلقة بائنة، وأخذها إلى كازينو الحمام، وتعشيا ثم ذهبا إلى منزل العائلة، ففتحت والدتها الباب فى اندهاش إذ أنها لم تعتد أن تذهب إليها إلا فى المواسم!، ودخلت لكى تعمل الشاى، حين قال لها محسن: أنا ماشى فخرجت توصله للباب،....وحين جاءت والدتها سألتها: هو رايح فين؟ فأجابت: يشترى سجاير! فقالت لها بتهكم: ومش قادرة على بعده بتوصليه لباب الشقة؟؟.. قالت لها: لن يعود لأننا طلقنا!! فصرخت صرخة مكتومة وقالت: ليه ياسميحة..والولد..حرام! أجابتها: الولد هيتربى فى جو صحى..وأنت تعلمين هذا وتتمنيه فى داخلك، ولكنك غير معترفة به...وهنا نتوقف لنقول ربما كان من أهم النتائج التى ترتبت على هذا الطلاق والتى تعنينا فى هذا المجال أن زكى طليمات عميد المعهد..عندما سمع به، أرسل إليها أحد زملائها السابقين يعرض عليها أن تعود إلى المعهد وتواصل الدراسة به بعد أن كانت قد توقفت بعد نجاحها فى السنة الثانية، وكانت مدة الدراسة قد تغيرت بعد انقطاعها عنه فأصبحت أربع سنوات بدلا من ثلاث، بعدها يحصل الخريج على درجة البكالوريوس، وهكذا عادت إلى المعهد لكى تقضى فيه سنتين أخريين، ولكى تزامل زملاء جددا، أصبحوا بدورهم فيما بعد نجوما وعلى رأسهم: سناء جميل وإحسان القلعاوى وزهرة العلا ونور الدمرداش، وكان الأستاذ طليمات قد بدأ فى تكوين فرقة المسرح الحديث من بين خريجى المعهد فضمها إليها وهى لا تزال بعد طالبة، بل إنه أسند إليها بطولة مسرحية: (فى خدمة الملك)، وفى خضم تلك الأحداث كان محسن سرحان يبذل محاولات يائسة لضمها إلى عصمته ولكن على حد تعبيرها: هيهات... وللحديث بقية