إبراهيم سعدة.. رحلة قلم حاد في مواجهة المواقف والأزمات
حدد طريقه مبكرًا منذ فترة الثانوية العامة التي شارك خلالها في مجلة المدرسة، حتى سعى لتحقيق حلمه وأصبح من أهم كتاب صاحبة الجلالة، فهو أول صحفي يجمع بين رئاسة تحرير صحيفة قومية وأخرى حزبية، حتى عُين رئيسًا لمجلس إدارة أخبار اليوم، إنها الكاتب الصحفي الكبير إبراهيم سعدة.
أسس "سعدة" مجلة مدرسته، وعمل قبل حصوله على شهادة الثانوية العامة
بعدد من الصحف والمجلات منها "الفن"، "سندباد"، و"الجريمة"،
قبل أن يصبح أصغر رئيس تحرير لصحيفة قومية هي "أخبار اليوم".
اعتزل إبراهيم سعدة، صاحبة الجلالة منذ سنوات، قبيل ثورة الخامس والعشرين من
يناير، حينما كتب استقالته واعتزاله مهنة الصحافة في عموده الخاص "آخر عمود"،
معلنًا اكتفائه بكتابة مقالاته في هذا العمود، الذي ارتبط به، وارتبط قراء الأخبار
به في الصفحة الأخيرة، لتمضي السنوات، ويتوارى هذا العمود، ومعه مقالات إبراهيم سعدة،
بعد ثورة يناير، سافر إبراهيم سعدة إلى سويسرا واستقر هناك، حتى عاد إلى أرض الوطن
في مطلع سبتمبر الفائت.
حنين الوطن دبّ في قلب الكاتب الكبير، ما جعله يريد أن يكون ختام حياته على
الأرض التي ولد فيها، فهناك في بورسعيد وُلد عام 1937، وعلى أرض مصر عاش عقودا عديدة
من عمره الذي بلغ أرذله، وهو ما دفعه ليقرر العودة للوطن مرةً أخرى.
وقد أراد سعدة أن يعود إلى مصر في حالة مرضية سيئة، بعد ما استجاب النائب العام
المستشار نبيل صادق للمناشدة التي أطلقها عبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين رئيس مجلس
إدارة الأهرام، برفع اسم إبراهيم سعدة من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر، والسماح
له بدخول البلاد دون القبض عليه، حيث كانت النيابة العامة قد وضعت اسمه في تلك القوائم
لاتهامه في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"هدايا أخبار اليوم".
رحلته مع الصحافة، بدأت في ستينات القرن
الماضي، وشكل عام 1962 نقلةً نوعيةً لابن الخامسة والعشرين ربيعًا، حينما تمكن من تحقيق
سبقٍ صحفيٍ تعلق بتغطية قضية لجوء جماعة النحلاوي سياسيًا إلى سويسرا، بعد حدوث الانفصال
بين مصر وسوريا، ونجح في اجتياز هذا الاختبار الصعب، والتقى الجماعة وحصل منهم على
تفاصيل مثيرة عن مؤامرة الانفصال، وكان مصطفى أمين من طلب منه ذلك الموضوع، بعدها بيومٍ
واحدٍ وقع قرار تعيينه صحفيًا في جريدة "أخبار اليوم" في أبريل من ذاك العام.
بعدها، تقلد إبراهيم سعدة المناصب الصحفية تلو الأخرى، إلى أن وقع الرئيس محمد أنور
السادات قرار تعيينه رئيسًا لتحرير أخبار اليوم، وبات حينها أصغر رئيس تحرير للجريدة.
أما ما لا يُنسى لإبراهيم سعدة فهو مقاله في عام 2000، في عموده الصحفي
"آخر عمود"، الذي حمل عنوان "من مبارك إلى كلينتون"، وكان ردًا
منه على مقال مناظر من الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، حمل عنوانا مماثلا، لكنه مضاد
في المعنى، كان بعنوان "من كلينتون إلى مبارك"، كان الصحفي الأمريكي يتهكم
من خلاله على الرئيس المصري آنذاك، ويتهمه بالتقاعس عن مؤازرة الرئيس الفلسطيني ياسر
عرفات في كامب ديفيد لتقديم تنازلات بشأن القدس.
وصف "سعدة"-الذي رحل أمس عن عمر ناهز 81 عامًا بعد صراع مع المرض-
مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بـ"صائد ماهر للمعاني والكلمات
عندما تشتد الأزمات.. وقلم حاد في مواجهة المواقف والأزمات قاد مؤسسة أخبار اليوم في
فترة وجوده إلى نجاحات كبيرة".