"الإدارية العليا" تلزم المشروعات الصناعية برد ٣.٢ مليون جنيه للدولة
قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة
المستشار الدكتور حسني درويش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشار ناصر عبد القادر
ومنير عبد القدوس ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نواب رئيس
مجلس الدولة بإلغاء حكم القضاء الإداري المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام شركة المشروعات
الصناعية والهندسية أن تؤدي لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مبلغًا مقداره 3269090
جنيهًا (ثلاثة ملايين ومائتا وتسع وستون ألفًا وتسعون جنيهًا)، مع الفوائد القانونية
بنسبة 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
وقالت المحكة إن الثابت من الأوراق
إنه بمناسبة حاجة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى تنفيذ عدد 45 محولًا سعة المحول
500ك جهد متوسط بدون سكينة ربط وعدد 18 غرفة محول سعة 500 ك جهد ولوحة جهد متوسط مضافًا
إليها سكينة الربط بين المحول والأخر بالحي السابع بمدينة العبور فقد تعاقدت مع شركة
المشروعات الصناعية والهندسية على أن تقوم بهذه الأعمال بقيمة مقدارها ثلاثة مليون
وتسعمائة ستة وعشرون الفًا وستمائة وثمانية عشر جنيهًا والتنفيذ خلال ستة أشهر، ثم
صدر قرار الجهة الإدارية بالسماح لجهاز مدينة العبور باستبدال غرف المحولات الخرسانية
بأكشاك صاج على أن يتم دراسة أسعار التعديلات بمعرفة لجنة الأسعار بالهيئة بالاشتراك
مع مندوبي الشركة، وعليه تقدمت اللجنة الثلاثية بالهيئة بأسعار الأعمال المستجدة والتي
بلغت ما مقداره ستة ملايين وأربعمائة ستة وثلاثون ألفًا وواحد وأربعون جنيهًا، إلا
إن الجهاز المركزي للمحاسبات تدخل في مجرى الأحداث بمراجعته الأسعار المذكورة حيث انتهى
في مناقضة معدة منه إلى وجود مغالاة في الأسعار المحددة من قبل تلك اللجنة، مما حدا
بالهيئة إلى تشكيل لجنة لدراسة تقرير الجهاز، التى أعدت تقريرًا جاء فيه إن إجمالي
ما تم صرفه بالزيادة للشركة بالنسبة للتعاقد الراهن مبلغًا مقداره 3269090 جنيهًا
(ثلاثة ملايين ومائتا وتسع وستون ألفًا وتسعون جنيهًا) ويمثل الفارق بين السعر الوارد
بتقرير لجنة الأسعار المشترك فيها مندوبي الشركة وبين سعر السوق ،وعليه تم إحالة أعضاء
لجنة الأسعار للنيابة الإدارية وانتهت إلى إحالتهم للمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة
العليا التى قضت بمجازاتهم بجلسة بجزاءات تتراوح بين الفصل من الخدمة والوقف عن العمل.
وأضافت المحكمة أنه فى مجال العقود
الإدارية للدولة يجب على اللجان المشكلة بالجهات الإدارية من الموظفين المنوط بها تحديد
الأسعار الجديدة أن تلتزم بمقتضيات السوق والأسعار السائدة حينذاك وأن تنشد المصلحة
العامة فحسب فلا تتخذ من دونها ندًا فينبغي أن تنأى عن الأفراط والغلو بهذه الأسعار
فلا تجنح بها علوًا بما لا يتناسب مع الأسعار السائدة وعلى نحو مُبالغ فيه إنما عليها
التفحص والدراسة وأن تضع نصب عينيها إجراء موازنة دقيقة لمستوى الأسعار الواجب رصدها
لهذه الأعمال وأن يأتي هذا التقدير للأسعار صافيًا من المآرب الفاسدة بريئًا من البواعث
غير السوية وأن يكون موقدها دائمًا صالح المرفق العام، وعليه فإذا جاء رصد الأسعار
الجديدة على خلاف ذلك فطغى على ملامحه انحراف في التحديد وانجرف إلى الأفراط في التقدير
وأنزلق في هاوية الفساد في التسعير بسوء قصد من المتعاقد من خلال الأسعار التي تقدم
بها إلى اللجنة ثم صدر قبول السلطة المختصة بالجهة الإدارية لهذا الأمر محملًا بهذا
الانحراف، فإن القبول الصادر منها على هذا الوجه يكون في حقيقة الأمر قد طاله غلط جوهري
أثر في بنيانه ونال من سلامة دعائمه بقدر تكون معه الجهة الإدارية في حل من التقيد
بهذا القبول الصادر منها متى تكشف لها حقيقة الانحراف في تقدير الأسعار وفساد تحديدها
وسوء مقصدها. بحسبان إن السلطة المختصة ما كانت لتقدم على قبول هذه الأسعار لو كان
قد تنامى إلى مرامي علمها مبلغ انحراف اللجنة الثلاثية من أعضائها وأدركت حقيقة فسادها
قبل إصدار موافقتها.
وذكرت المحكمة أنه لا يسوغ للمتعاقد
التشبث بموافقة السلطة المختصة المختلطة بإرادة معيبة لنيل حقوق غير مشروعة والظفر
بأموال ليست من حقه، والقول بخلاف ذلك ينطوي على إهدار للمصلحة العامة وغمط لحقوق الدولة
المالية والتعويل على إرادة معيبة للسلطة المختصة مما يفتح الباب لعبث العابثين بتطويع
ميزانية الجهات الإدارية بما يتوافق مع مشيئتهم ويوائم مصالحهم غير السوية فيحققوا
مزايا مالية غير مشروعة تنوء عن حملها ميزانية المرفق العام وفي وقت المصلحة العامة
منها براء، والثابت أن الجهة الإدارية سمحت لجهاز مدينة العبور باستبدال غرف المحولات
الخرسانية بأكشاك صاج، وأفضى الأمر إلى تشكيل لجنة مشتركة من موظفي الجهة الإدارية
وعدد من مهندسي الشركة المطعون ضدها حيث انتهت هذه اللجنة إلى إن الأسعار الجديدة للأكشاك
المستجدة فيما يخص التعاقد مع الشركة المطعون ضدها تبلغ مبلغًا مقداره ستة ملايين وأربعمائة
ستة وثلاثون ألفًا وواحد وأربعون جنيهًا، كما يبين كذلك من مطالعة أوراق النزاع إن
الشركة هي التي زجت بتلك الأسعار زجًا إلى ساحة اللجنة المذكورة وكان ذلك في حضور أكثر
من مندوب عنها، وبالتالي فأن هذه الأسعار بتلك الكيفية جاءت بناءً على دراية تامة من
الشركة وفي ظل مسئولية حتمية من جانبها.
وانتهت المحكمة أن أسعار تلك الأكشاك
كان مغالى فيها وكان أمرها فرطا إذ استوطن فيها الشطط الصارخ في التقدير ونال منها
الغلو الفادح في التحديد وهذه المسألة ثابتة ثبوتاَ يقينيًا لا يدانيها شك ولا يخالطها
ريب، وباتت مقطوع وقوعها وذلك من واقع البراهين والدلائل الساطعة التي يزخر بها ملف
النزاع والتي لم تنفك عن تتسابق فيما بينها لتطل بهاماتها.