بطلان تحصيل رسوم تعلية الدور الإضافي بالمجتمعات العمرانية الجديدة

حوادث

بوابة الفجر


أرست المحكمة الإدارية العليا – دائرة الضرائب والرسوم، برئاسة المستشار أحمد منصور محمد علي، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة وعضـوية المستشـارين حماد مكرم توفيق وصلاح شندى تركى ومجدي محمود العجرودي وكامل سليمان محمد، نـواب رئيس مجلس الدولـة مبدءًا قضائيا هاما بعدم جواز قيام هيئات المجتمعات العمرانية الجديدة بتحصيل مبالغ مالية تحت مسمى "تعديل مرافق" من طالب الترخيص بتعلية دور إضافي في قطعة الأرض المخصصة له من الهيئة، وقضت المحكمة برد ما سبق تحصيله.

وأكدت المحكمة في أسباب حكمها أن المشرع قد ناط بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إنشاء وإدارة المجتمعات الجديدة، وقرر انفرادها وهيمنتها كأصل عام على أمور هذا النشاط باعتبارها جهاز الدولة المسئول دون غيرها عن ذلك، وأوجب أن يكون الانتفاع بالأراضى والمنشآت الداخلة فى المجتمعات العمرانية الجديدة طبقًا للأغراض والأوضاع المقررة قانونًا ووفقًا للقواعد التى يضعها مجلس إدارة الهيئة، وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن. 

كما خول للهيئة والأجهزة والوحدات التي تنشئها في سبيل مباشرة اختصاصاتها جميع السلطات والصلاحيات المقررة للوحدات المحلية بما في ذلك إصدار التراخيص اللازمة لإنشاء وإقامة وإدارة وتشغيل جميع ما يدخل فى اختصاصها من أنشطة ومشروعات وأعمال وأبنية ومرافق وخدمات وذلك كله وفقًا للقوانين واللوائح والقرارات السارية.

وأن سلطة هيئة المجتمعات العمرانية فى تخصيص الأراضي الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة تدور فى فلك مستقل عن سلطة الهيئة في مباشرة الصلاحيات المقررة للوحدات المحلية ومنها سلطة تراخيص البناء أو التعلية على الأراضي المخصصة من قبلها، ولكل سلطة منهما أوضاعها المستقلة عن الأخرى وضوابط مباشرتها.

وأن الهيئة حين مباشرتها سلطة تخصيص الأراضي بالتصرف فيها بالبيع تكون في مركز البائع وتبرم عقد البيع مع ذوي الشأن متضمنا تحديد ثمن الأرض محل التصرف وطريقة أدائه، ولا ريب في أن تقدير ثمن الأرض وقت البيع يراعى فيه الشروط البنائية وعدد الأدوار المرخص ببنائها المقررة في حينه للمنطقة الكائن بها تلك القطعة، إلا أنه متى قدرت الجهة الإدارية ثمن الأرض عند تخصيصها، فقد استنفدت سلطتها في تقدير المقابل المالي للأرض محل البيع، إذا لاقى هذا الثمن قبولا من المشترى المخصص له الأرض واصبح الثمن مقيدا لطرفى العقد.

وأشارت المحكمة إلى أن الهيئة في مباشرة الصلاحيات المقررة للوحدات المحلية ومنها سلطة إصدار تراخيص البناء أو التعلية على الأراضي المخصصة من قبلها إنما تزاول هذه السلطة وفقا أحكام قانون البناء الذى تناولت أحكامه جميع القواعد الخاصة بالبناء بما في ذلك حظر إقامة أية مباني أو تعليتها دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة بقرارات تصدر عنها، وحدد فيها ما يتعين على الجهة الإدارية تحصيله من رسوم ومبالغ مالية وتأمين نظير السير فى إجراءات الترخيص بالبناء، وحظر عليها فرض أو تحصيل أية مبالغ أخرى تحت أي مسمى وهى بصدد إصدار تلك التراخيص، وأن كلا من قانون إنشاء هيئة المجتمعات العمرانية وقانون البناء قد خلا من نص يُبيح للهيئة فرض رسم تعلية بنسبة من الثمن الأساسي للأرض المخصصة لصاحب الشأن.

ومؤدى ذلك أن الهيئة وهى تزاول سلطات الجهة الإدارية المختصة بإصدار التراخيص للبناء أو التعلية ليس لها ان تحصل من المشترى سوى الرسوم المقررة قانونا للترخيص أو للتعلية، ولا يجوز لها ان تحصل على غيرها تحت مسمى خدمات مرافق أو تعديل ثمن الأرض باتفاق الطرفين لقاء تعديل الشروط البنائية بعد أن زايلتها صفة المالك وانتقلت إلى المشترى - الذى اضحى له وحده، وفقا لأحكام القانون المدنى، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون، وله ملكية الأرض التى تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد فى التمتع بها، علوًا أو عمقًا.

ولا يجوز لأحد أن يشاركه فى ملكه، أو يتدخل فى شئون ملكيته، إلا في حدود القانون، وأن راغب التعلية يجد نفسه أمام ضرورة لا فكاك منها يلتزم معها بسداد المقابل الذي حددته جهة الإدارة تحت مسمى خدمات مرافق، وإلا فإنه سوف يحرم من تعلية الدور الإضافي بما يتحقق معه عنصر الإكراه في الالتزام بأداء المقابل الذي حددته الإدارة للحصول على ترخيص التعلية وبالتالي يتحقق معه معنى الجباية وتكون القيمة التي حددتها جهة الإدارة للحصول على ترخيص التعلية هي رسمًا من حيث طبيعتها القانونية ومن حيث تحصيلها جبرًا.

والأصل أن الرسم لا يفرض إلا بناء على قانون وبالضوابط سالفة البيان، وبالتالى يضحى قرار تحصيل رسم التعلية، قد صدر بدون سند من قانون يجيز ذلك مما يعد غصبًا لاختصاص السلطة التشريعية بفرض رسوم بغير الطريق الذى رسمه القانون ويتضمن اعتداء على حقوق الأفراد وأموالهم بفرض رسم دون سند من القانون مما يجعله منعدما قانونا وما تبعه من مطالبة لذوي الشأن بأداء هذا الرسم.

ونوهت المحكمة بأن ما تقدم لا يخل بحق الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية خاصة والدولة عامة في فرض رسوم مقابل التعلية مساهمة من جانب طالبى الترخيص بالتعلية مع الدولة في تحمل نفقات تعديل مرافق الصرف الصحى ومياه الشرب والكهرباء وغيرها من الآثار التى تتدخل الدولة لتعديلها بما يلائم متطلبات الارتفاعات المستجدة للمبانى، على ان يكون ذلك من خلال اتباع الأساليب والوسائل الشرعية والدستورية وما توجبه من إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لتقريرها بزيادة رسوم التعلية المقررة في قوانين الهيئة والبناء عن كل دور تعلية لم ترد في الشروط البنائية أو زيادة عدد الأدوار نتيجة تعديل الارتفاعات بسبب يرجع إلى تشريع يربط بين مساحة الشارع والأدوار المرخص بإقامتها، وذلك لمواجهة جزءا من النفقات العامة التي تتحملها الخزانة العامة في سبيل توفير هذه الخدمات.