من حقنا نكون زيهم.. 3 حكايات تجسد معاناة ذوي القدرات الفائقة للإندماج مع الأصحاء
بينما لا يغيب مشهد توسط الرئيس عبد الفتاح السيسي بين أطفال ذوي القدرات الفائقة، بعدما طالبهم بالوقوف بجانبه، في الملتقى الأول لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، خلال أكتوبر الماضي، ترقرقت أعين غيرهم من ذوي القدرات الفائقة على أعتاب المطالبة بالعمل دون جدوى.
"يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق"، تلك المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يدخل عامه السبعين، تضعها "هـ.م" أمام أعينها وتمسح دموعها بعدما تذكرت عندما لفظها العمل لكونها تعاني من "تباعد العينين".
حلم وضعته الفتاة العشرينية نصب أعينها بأن يكون لديها عمل تحبه دون النظر إليها بأنها من ذوي القدرات الخاصة لكون شكل وجهها يختلف عن غيرها من الفتيات، ولكنها لم تيأس فلديها ما يؤهلها دراسيًا وعقليًا لتتفوق على غيرها منهن.
وبعد طول انتظار للفتاة وجدت نفسها في المكان الذي تريده، بعدما تشابكت خيوط حلمها على أرض الواقع، فتحولت من فتاة في نظر المجتمع من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى معلمة أطفال وجدوا فيها ما يجعل قلوبهم تتطمئن إليها، لتكون التجربة التي ساعدتها الجامعة عليها بمثابة تحدي إليها.
تسند الفتاة رأسها وتتذكر عندما وقفت على أعتاب جامعة عين شمس وكيفما كان رفضها بها صادمًا إليها، وتعود وتتذكر كيفما جالت لأن تتمكن من الدراسة بجامعة القاهرة، لتضحك وينتابها شعور الانتصار فتلك الفتاة التي سمعت "انتي ازاي تدرسي بشكلك ده.. الأطفال هيخافوا منك"، هي ذاتها التي يلتف الأطفال حولها كل يوم.
وعلى بعد آلاف كيلو المترات يجلس الشاب "س.أ" ينظر لما تبقى من ساقيه بعدما بترت واحدة بعد الآخرى نتيجة لتعرضه لحادث قطار، ويعبر زاحفًا لكرسيه المتحرك، ليتحرك ويرى إشراقة يوم جديد لا يبعد فيه عنه حلمه ولو للحظة.
يتمنى الشاب الثلاثيني أن يكون فرد فاعل لديه عمل يوفر له حياة كريمة، ويجعله يشعر بقيمته في تلك الحياة، "لو رجلي مش موجودة أعرف استخدم ايدى" يقولها الشاب وليده من الأمل ما يكفيه لأن ينجح في أى عمل يسند إليه.
يوجه الشاب رسالته للرئيس عبد الفتاح السيسي ويتمنى ولو أن صوته يصل إليه "نفسي اشتغل ياريس.. مش ده عام ذوي الاحتياجات الخاصة فأنا بطلب منك شغل مناسب ليا".
وخلف شاشة هاتفها تنظر "هـ.س" لتلك القصص وقلبها يرتجف من مصير مشابه، فشاء القدر أن تولد الفتاة الصغيرة لديها متلزمة داون، لتكون مصدر شقاء والداتها لدمجها مع غيرها من الطلاب في المدرسة، لينقسم عامها الدراسي بين المدرسة الخاصة في كافة أيام الدراسة ومدرسة عادية لا تراها إلا في أيام الامتحانات.
ينخلع قلب والدة الفتاة عندما تراها تذهب أعينها إلى غيرها من الفتيات الصحيحات العقل والبدينة وتتمنى الوقوف بجانبهن وأن تتناقل الأحاديث معهن، ويعتصر قلبها لكونها ستقف بأبنتها في موضع المنتصف طيلة حياتها، مطلقة صرخة "ليه عاوزين تحبسوها في قفص".
وتتمنى والدة الفتاة ولو أن تستطيع تجفيف دموع نجلتها عندما يراها أحد ويحاول الابتعاد عنها خوفًا منها، وتتمنى ولو أن تغير ثقافة الفتيات ليطمئنوا للتعامل مع نجلتها ذات الوجه الملائكي التي لا تضع أى أذى بقلب من تحبه.