مينا ميلاد يكتب: حازم دياب.. سلامًا على روحك أيها المار العابر من هنا
للمرة الأولى لا أعرف من أي نقطة يجب أن ابدأ في الحديث، وللمرة الأولى لا أجد ما يكفي من الكلمات التي أظنها كافيةٍ لرثاء وفاة أحدى موهوبي الصحافة بمصر، لذلك وقبل الخوض في أي كلمات واصطفافها بجانب بعضها لتصبح جمل، فلن توفي حازم دياب حقه.
كان أول تعارف بيننا بتاريخ السابع والعشرون من الشهر الحادي عشر للعام 2015، قرأت آنذاك أحدى المقالات له بعنوان رسالة إلى نجيب محفوظ، استمتعت بها كثيرًا وبحثت عنه على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" وقمت بإرسال طلب صداقة له ومن ثم تحدثنا قليلًا، ومنذ ذلك الوقت اصبحت من متابعيه بشدة، في كل مقال كان يكتبها كانت يلفت نظري لفرق الثقافات التي بيننا.
بعد فترة اختفى حازم ولم يعد للحديث بيننا مكان، ومن ثم تفاجئت بإصابته بمرض السرطان، أردت الحديث معه وقتها ولكنني فؤجئت بأحدى المقالات له بعنوان "من دفتر يوميات لا يحب نظرات التعاطف"، فلم أشاء وقتها التحدث إليه وأكتفيت بالدعاء له بالشفاء العاجل.
باتت مقالاته هي الوحيدة التي اتابع منها أخباره، كنت في كل مرة أقراء له مقال وحتى أخر مقال كتبها بعنوان "في "الفالنتين".. اعترافات عن الحب والصداقة"، ووقتها تحدثنا قليلًا وتواعدنا باللقاء بعد تحسن حالته، وها قد تحسنت حالته وبات في السماء السابعة.
رسالة إلى حازم دياب..
حازم.. مساء الخير، شفت عم نجيب محفوظ؟، هل عرفت كيف هي الحياة في السماء السابعة؟ ،هل علامة إصابة زراعك في أحداث الإتحادية اختفت أم مازال الندب موجودًا؟.
هل قبلت "اليد التي كتبت" حين تمنيت ذلك من عم نجيب؟
هل سألت الله كما كنت تريد قبلًا ،«كلّنا يتكلم عن الحياة بثقة كأنما يعرفها حق المعرفة، لولا وجود الله سبحانه وتعالى لكانت لعبة خاسرة لا معنى لها، من حسن حظنا أنه موجود وأنه أعلمُ منّا بما يفعل».في رواية المحترم لعم نجيب محفوظ؟
كيف كانت رحلة عبورك يا صديقي؟، كيف هي السماء؟ هل هناك صراعات دينية كما الحال هنا؟، هل عرفت كيف هو الموت وما هو بعده؟
لم أخبرك قبلًا بذلك، وها أنا افعل الأن، كنت خير مثال لي على كتاباتك، كنت بمثابة "الكتيب" الذي أفتقدته الصحافة منذ عصور، ولن أخفي عليك سرًا؛ كنت أغير منك في جميع الأحوال، وكنت أتسال: كيف لك بكل تلك العشوائية في كتاباتك أن تصيغ نصًا يوحي بذلك الوجع الذي تحويه؟، كيف جسدت مراحل مرضك وجعلتني أشعر بها! بل وأتالم جراء القراءة أيضًا؟.
في الختام يا صديقي كي لا أطيل عليك، ستظل علمًا في قلوب الصحفيين، كنت خير مثال على الإنسان الخلوق الذي أحب الجميع وبادله الجميع بالمحبة، الجميع سيموتون يا حازم، ولكن طوبى لمن جعل خلفه سيرة عطرة يطيب بها ذكره، قاومت مرضك كثيرًا وقد حان الوقت لترتاح من متاعب الدنيا وهمومها، موت المبدع يصعب تعويضه ولكن دومًا ما كان النبلاء مكانهم في السموات كما تسكن تمامًا أنت الأن.