البابا فرنسيس: يسوع كان يصلي على الصليب بطريقة اليهود كما علمته أمه
قال البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، إن الأناجيل قد سلّمتنا صورًا حيّة ليسوع كرجل صلاة، لقد كان يسوع يصلّي، بالرغم من إلحاح رسالته وضغط الناس الذين كانوا يطلبونه، شعر يسوع بالحاجة للانفراد في الوحدة وللصلاة. يخبرنا إنجيل مرقس هذا التفصيل منذ الصفحة الأولى لخدمة يسوع العلنية (راجع ١، ۳٥)، مضيفاً: لقد اختتم يسوع يومه الافتتاحي في كفرناحوم بشكل ظافر، بَعدَ غُروبِ الشَّمْس، وصل العديد من المرضى إلى الباب حيث كان يسوع يقيم: فالمسيح يبشّر ويشفي، لقد تحققت النبوءات القديمة وانتظارات العديد من الناس الذين يتألَّمون: يسوع هو الله القريب، الله الذي يحرّر، ولكن هذا الجمع لا يزال صغيرًا مقارنة بالجموع التي ستجتمع حول نبي الناصرة، ففي بعض الأوقات ستكون جماعات هائلة ويسوع في محور كلِّ شيء، المنتظر من الناس وثمرة رجاء إسرائيل.
واضاف" فرنسيس"، خلال مقابلتة العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، امس الاربعاء، ان يسوع يقول لتلاميذه إنّه عليه أن يذهب إلى مكان آخر؛ إذ لا يجب على الناس أن يبحثوا عنه وإنما عليه هو أولاً أن يبحث عن الآخرين؛ ولذلك لا يجب أن يبقى في مكان واحد وإنما أن يكون على الدوام حاجًا على دروب الجليل (الآيات ۳٨-۳۹)، وحاجًا نحو الآب أيضًا بواسطة الصلاة أي في مسيرة صلاة، مؤكدا ان كان يسوع يصلّي، وكلُّ شيء يحصل في ليلة صلاة .
واشار الي ان بعض صفحات الكتاب المقدّس يبدو قبل كلِّ شيء أن صلاة يسوع وعلاقته الحميمة مع الله تسيطران على كلِّ شيء وسيكون الأمر هكذا لاسيما في ليلة الجتسماني، ويبدو أنَّ المرحلة الأخيرة من مسيرة يسوع (والأصعب بين جميع المراحل التي تمّمها حتى الآن) تجد معناها في إصغاء يسوع الدائم إلى الآب، فالصلاة ليست سهلة بالتأكيد، لا بل هي "نزاع" حقيقي، بمعنى "اجتهاد" الرياضيين، ومع ذلك هي صلاة قادرة على عضد مسيرة الصليب.
وتابع: ان هذه هي النقطة الأساسية، يسوع كان يصلّي، وكان يسوع يصلّي بقوّة في الأوقات العلنية، متقاسمًا ليتورجية شعبه ولكنّه كان يبحث أيضًا عن أماكن قفرة ومنعزلة عن دوامة العالم، أماكن تسمح بالنزول إلى عمق نفسه، لافتاً الي إنه النبي الذي يعرف حجارة الصحراء ويصعد إلى أعلى الجبال؛ وكلمات يسوع الأخيرة، قبل أن يلفظ نفسه الأخير على الصليب، هي كلمات المزامير، أي كلمات الصلاة اليهوديّة، لقد كان يصلّي الصلوات التي علّمته إياها أمّه.
أضاف، ان يسوع كان يصلّي كأي رجل في العالم، ومع ذلك كان أسلوبه في الصلاة يحتوي على سرّ، شيء لم يغب عن أعيُن تلاميذه إذ نجد في الأناجيل هذا الطلب البسيط والمباشر: "يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ" (لوقا ١١، ١)، لقد كانوا يرون يسوع يصلّي ورغبوا في أن يتعلّموا الصلاة بدورهم، فسألوه: "يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ". ويسوع لم يرفض، فهو لم يكن يغار على علاقته الحميمة مع الله بل جاء ليدخلنا في هذه العلاقة مع الآب، وهكذا يصبح معلّم صلاة لتلاميذه كما يريد بالتأكيد أن يكون معلّمًا لنا جميعًا، وبالتالي علينا أن نطلب منه نحن أيضًا: "يا ربّ، عَلِّمني أَن أُصَلِّيَ.