"مستقبل وطن" يستعرض مقترح الحكومة لتعديل الضرائب على أذون وسندات الخِزانة
أعد مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، تقرير حول مقترح الحكُومة لتعديل الضرائب على عَوائد أذون وسندات الخِزانة، من حيث الأبعاد والدوافع والتداعِيات الاقتصادية، ورصد واقع ونصيب أذونات الخِزانة والسندات الحكُوميَّة من محفظة استثمارات البنوك، والدوافع الحكُوميَّة لهذا التعديل الضريبي المقترح، والتداعِيات المُحتملة له.
واستعرض التقرير، موافقة مَجلِس الوزراء في اجتماعه فى الحادي والعشرين من نوفمبر 2018 على مقترح تقدمتْ به وزارة الماليَّة بالتنسيق مع البنك المركزيّ، وذلك بشأن معاملة ضريبيَّة جديدة لأذون الخِزانة والسندات، والذي يتضمن تعديل قانون الضرائب على الدخل ليجعل وعاء الضريبة على أذون وسندات الخِزانة مُستقلًا عن باقي أنشطة الإِيرادات الأخرى، وهو ما تسبب في إثارة غضب القطاع المَصرِفيّ الذى اعترض على الطريقة المقترحة لحساب ضرائب أذون وسندات الخِزانة، مُؤكدًا تأثيرها السلبي على أرباح البنوك، فقام بوضع تصور جديد له، حيثُ شكَّل اتِّحاد البنوك لَجنة لمناقشة مقترحات وزارة الماليَّة بشأن هذا الأمر.
وذكرتْ اللَّجنة أن المقترح لا يمثل حسابًا دقيقًا للتكلفة الخاصة بعوائد أذون وسندات الخِزانة، بينما جاء رد وزارة الماليَّة بأن تلك المعالجة لا تعني زيادة في أسعار الضريبة المفروضة على البنوك، وإنما تستهدفُ معالجة ضريبية عادلة لجميع الأنشطة.
وتناول التقرير، تصاعد المركز المالي الإِجمالي للبنوك، حيث جنى القطاع المالي والمَصرِفيّ في الدولة ثمار قرار تحرير سعر الصرف، حيثُ تصاعد المركز المالي الإجمالي للبنوك بخلاف البنك المركزي بمقدار 212.6 مليار جُنيه بمُعدل 4.2% خلال الربع الأول من العام المالي 20182019 ليصل إلى نحو 5293.2 مليار جُنيه في نهاية سبتمبر 2018، وكان هذا التحسن مدفوعًا بارتفاع إجمالي الأصول المَصرِفيَّة التي اعتمدت إلى حد كبير على أصول عديمة وقليلة الخطورة، وذلك خللا نصيب الأوراق الماليَّة واستثمارات أذونات الخِزانة من إجمالي الأصول المَصرِفيَّة، والاستثمار في أدوات الدَّين الحكُوميَّة.
وأشار التقرير، إلى الدوافع الحكُوميَّة من إِعادة المعالجة الضريبيَّة للأذونات والسندات الحكُوميَّة، حيث يواصل صناعو السياسة المالية التأكيد على أن المقترح لا يعد ضريبة جديدة، وأن وزارة الماليَّة تواصلت مع البنك المركزي وعدد كبير من رؤساء البنوك قبل إجراء تعديل يقضي بفصل وعاء الضريبة على أذون وسندات الخِزانة عن باقي إيرادات النشاط، وأنه لا زيادة في أسعار الضريبة على البنوك جراء هذا التعديل وإنما يستهدف معالجة ضريبية عادلة لجميع الأنشطة، وذلك بهدف تحجيم مطالب البنوك بالعائد المرتفع على أدوات الدَّين الحكُوميّ، وتنشيط وتحريك الودائع الراكدة لدى البنوك في أنشطة استثمارية، وخفض عجز المُوازَنة.
وأكد التقرير على تداعِيات المعاملة الضريبيَّة المُقترحة على أذونات الخِزانة والسندات الحكُوميَّة، في ظل اعتبار حركة التداول في سوق الأوراق الماليَّة الثانوية "البورصة"مؤشرًا قويًّا على الأوضاع الحالية والمُستقبليَّة في كل قطاع، وأما الوضع المنتظر في ظل التعديل الضريبي المقترح، فسيتعين الفصل بين العائد على فوائد استثمارات الخِزانة ومصروفاتها المناظرة، مع استمرار فرض ضريبية بواقع 20%،إضافةً إلى ذلك، سيتمُّ إضافة الأرباح بعد خصم الضريبة لاحتساب صافي مُعدل التكلفة.
وتابع التقرير:" فإنه في ظل اليقين بأهمية الأذونات والسندات الحكُوميَّة كأحد روافد تمويل عجز المُوازَنة، ينبغي على وزارة الماليَّة المِصريَّة أن تكون أكثر مرونة مع معالجة هذا الأمر، مع الأخذ في الاعتبار الأزمة الحالية التي أصابت العديد من الاقتصادات الناشئة الرئيسة، بما في ذلك تركيا والأرجنتين وإندونيسيا، نتيجة خروج الأجانب من الاستثمارات فى أدوات الدَّين الحكُوميَّة لهم؛ بسبب ارتفاع الدولار وأسعار الفائدة عالميًّا، فيما أصبحتْ ديون الأسواق الناشئة المتراكمة والمقومة بالدولار أكثر إيلامًا"، ومن المُمكن أن يتسبب عدم التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الإطراف بشأن المعالجة الضريبية إلى اتجاه البنوك إلى الاستثمارات في أدوات الدَّين الأجنبيَّة، وفي مقابل تراجع استثماراتهم في أدوات الدَّين المحليّ، أو أن ترفع البنوك العائد المطلوب في عطاءات الخِزانة القادمة، وبذلك سيكون من المُتوقع أن تنخفض مُخصَّصات استثمارات الخِزانة في نهاية الأمر.
وطالب التقرير الأخذ بالسياسات الضريبية الدولية على الأذونات والسندات الحكومية، فعلى سبيل المثال، نجد في اليابان هناك مرونة عالية في هذا الأمر، حيث يختلف فرض ضرائب على السندات الحكُوميَّة اليابانيَّة حسب حامل السند "فرد مقيم،شركة محلية، مؤسسة مالية محلية، فرد غير مقيم، شركة أجنبية"، وعلى أنواع السندات، فمن أجل تأمين التمويل السلس والمستقر وأن تكون السندات الحكُوميَّة اليابانيَّة واسعة النطاق، تتبع السلطة الماليَّة اليابانيَّة خططًا مختلفة للإعفاءات الضريبية، بما في ذلك تقديم الإِعفاء الضريبي للفوائد، لبعض المُستثمرين المؤهلين في ظل ظروف معينة يستهدف خلالها تعزيز الاستثمار في أدوات الدَّين الحكُوميَّة، وتقدم خطط الإِعفاء الضريبي ليس فقط إلى المؤسسات الماليَّة والشركات المحليَّة، ولكن أيضًا للأفراد غير المقيمين والشركات الأجنبية.