تقدر تطير من غير جناحات.. "أحمد" يهزم الإعاقة بالرسم (فيديو)
طرقات متتالية يصدرها عكازه المعدني عندما يلامس الأرض، منذرًا بتحركه إلى عالمه الصغير الذي يختلى فيه بنفسه، فبين اللوحات والألوان والفحم المتناثر على الورق الأبيض يختلى "أحمد حسان" بنفسه مطلقًا عنان موهبته التي عشقها منذ نعومة أظافره لتكون المؤنس له بعدما انقلبت حياته في لحظة.
إنذارات سيارات وأصوات مصرخة تتبعها سيارة إسعاف، مشهد لم يغيب عن أعين "أحمد" وإن كان مر عليه ما يفوق الأربع سنوات، عندما تعرض لحادثة على الطريق الدائري، انتهت حينها بأن يرقد جسده لاختبارات الأطباء، ليأتى القرار منهما كالصاعقة على مسامع الشاب الأربعيني، معلنين ضرورة بتر ساقه، لتنحصر حياته بين الألم واليأس.
لم يترك "أحمد" نفسه كثيرًا على عتابات اليأس، فكسر بإرادته مخاوفه، ليبدأ من جديد حياة آخرى، وإن كانت بدايتها عكاز يتكيء عليه، لم يقف حائل بين موهبته مع الرسم، ليبدع أكثر وأكثر وتخطف لوحاته الزيدية والمرسومة بالفحم أعين كل من يراها.
"ايدى اهى موجودة"، يقولها "أحمد" وترقرق أعينه بالدموع التي انعكست على نظارته، والتي سرعان ما اخفاه ممسكًا بقلمه ليغمسه في الفحم، ويحرك يديه على لوحة يقترب من انهائها، لتظهر مع كل حركة للقلم معالم أكثر للوحة التي تنطق بالجمال.
وبينما يتجه "أحمد" إلى الحجرة الصغيرة التي يختلى فيها مع الرسم، يطل بعينيه على لوحته التي رسمها لزوجته التي أنارت منزله قبل شهور قليلة، مطلقًا بسمة لعينيها التي لا تغيب عنه ولو للحظة.
وما إن يدخل "أحمد" المرسم يكاد يشعر وكأنه يلامس السماء، فلا يفكر سوى في الإبداع المتلاليء مع كل خط يحركه على لوحاته، فما إن ينتهي من رسمة ينصب تفكيره على غيرها إلى أن يغلبه النوم تاركًا قلمه ليساقط على الطاولة المفترشة بأدواته.
ولم يتوقف إبداعه على عتابات مرسمه، بل ساعدت "أحمد" مهندسة لإطلاق موهبته في ركن بالشارع يعرف به، ليكون الركن الذي يعرف به كفنان، والمكان الذي يسأل الكثيرين من خلاله عنه.
يرى "أحمد" أن كل شيء مقدر بأمر الله، وأن القوة تأتي من واقع المحنة، فيضع بابتسامته البسيطة كلماته الرقيقة والتي تلامس كل من يتعرض لابتلاء أو شدة، ليتجاوزها ويكمل طريقه ويبدع في موهبته.