"الدستورية العليا" ترفض الطعن على بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية
قضت المحكمة الدستورية العليا اليوم
برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، في الدعوى رقم 207 لسنة 32 قضائية "
دستورية"، برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا على نص المادة (206 مكررًا) من قانون
الإجراءات الجنائية، والتي تنص على أن "يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس
نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق
في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررًا والرابع
من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، ويكون لهم فضلًا عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة
منعقدة في غرفة المشورة المبينة فى المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص
عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة
على خمسة عشر يومًا، ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا
مدد الحبس الاحتياطى المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون، وذلك في تحقيق
الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات".
وأقامت المحكمة حكمها على سند من
أن من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن توافر الضمانات القضائية، وأهمها
الحيدة والاستقلال، يعد أمرًا لازمًا فى كل خصومة قضائية أو تحكيمية، وهما ضمانتان
متلازمتان ومتعادلتان فى مجال مباشرة العدالة، وتحقيق فاعليتها، ولكل منهما القيمة
الدستورية ذاتها، فلا تعلو إحداهما على الأخرى أو تجبها، بل تتضاممان تكاملًا، وتتكافآن
قدرًا، وهاتان الضمانتان تتوفران بلا ريب في أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية،
أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بقانون السلطة القضائية
الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، على نحو يقطع بتوافر ضمانتي
الاستقلال والحيدة لهم، فضلًا عن أن عضو النيابة العامة يمارس أعمال التحقيق والتصرف
فيه من بعد ذلك.
وحل محل قاضي التحقيق لاعتبارات
قدرها المشرع، والتي من بينها ما قررته المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية
من منح أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضي التحقيق، وذلك
في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون العقوبات
المتعلقة بجرائم الرشوة، بما فيها السلطة المقررة لقاضي التحقيق بمقتضى نص المادة
(95) من قانون الإجراءات الجنائية فى شأن إصدار الأمر بالمراقبة والتسجيل، وتحديد مدتهما
في الإطار الذي عينه القانون.
وفي هذه الحدود فإن عضو النيابة
العامة يستمد حقه لا من النائب العام بصفته سلطة الاتهام، وإنما من القانون ذاته، وهو
الأمر الذى تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة، وما يصدر
عن عضو النيابة من قرارات وأوامر قضائية فى هذا النطاق، إنما يصدر منه متسمًا بتجرد
القاضي وحيدته، مستقلًا فى اتخاذ قراره عن سلطان رئاسة رئيس أو رقابة رقيب، ومن أجل
ذلك حرص الدستور الحالي على النص فى المادة (189) منه على أن النيابة العامة جزء لا
يتجزأ من القضاء، ليتمتع أعضاؤها بذات ضمانات القضاة، وأخصها الاستقلال، وعدم القابلية
للعزل، ولا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، التى أكد عليها الدستور فى المادة
(186) منه، الأمر الذي يضحى معه الأمر الصادر من أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس
نيابة على الأقل بالمراقبة والتسجيل وتحديد مدتها وتجديدها، المقررة لهم بمقتضى نص
الفقرة الثانية من المادة (95)، والفقرة الثانية من المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات
الجنائية، داخلًا في نطاق الأمر القضائي المسبب الذي اشترطته المادة (57) من الدستور
لفرض تلك الرقابة.