اليوم.. قمة العشرين تنطلق وسط توتر وانقسامات تجارية
يتوجّه الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، إلى الأرجنتين للمشاركة في قمّة مجموعة العشرين، التي تخيّم عليها توتّرات ناجمة عن الأزمة بين أوكرانيا وروسيا والانقسامات، التي تسبّب بها هو نفسه في ملفّي التجارة والتغيّر المناخي.
وعقب سيطرة روسيا على ثلاث سفن حربية أوكرانية، هدّد ترمب بإلغاء المحادثات المقرّرة في بوينس آيرس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. إلا أنّ الكرملين أكّد إنّ الاجتماع سيجري السبت، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئاسة الروسية "قد لا نتّفق بالضرورة على كل المواضيع، هذا قد يكون أمراً مستحيلاً، لكن من الضروري التحاور، هذا يصبّ في مصلحة ليس بلدينا فقط وإنما في مصلحة العالم بأسره".
وبعد أن أشعل حرباً تجارية مع الصين وهدّد بفرض رسوم أقسى في يناير، من المقرّر أن يلتقي ترامب كذلك نظيره الصيني شي جينبينغ على هامش قمة مجموعة العشرين للضغط من أجل إجراء إصلاحات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأثناء توجّهه إلى الأرجنتين وعد شي بأن "تبذل الصين الكثير من الجهود لتسريع الدخول إلى الأسواق، وتحسين بيئة الاستثمارات وزيادة حماية الملكية الفكرية".
إلا أنّ شركات أجنبية في الصين تشكو من أنّ مثل هذه الوعود روتينية، ويشكّك المحلّلون بأن تثمر المحادثات بين ترامب وشي أثناء عشاء عمل عن أكثر من التزام بإجراء مزيد من المفاوضات.
وانتقد ممثل التجارة الأمريكي روبرت لايتهايز بكين بسبب فشلها في تطبيق "إصلاحات ذات معنى" بشأن سياسات التجارة العدائية وهدّد بفرض رسوم على السيارات الصينية.
وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم أمس الخميس، في مقابلة نشرتها صحيفة "لا ناثيون" الأرجنتينية، من أنّ "الخطر خلال قمة مجموعة العشرين يكمن في قمة منفردة بين الصين والولايات المتحدة وحرب تجارية مدمّرة للجميع".
وأضاف "إذا لم نحقّق تقدّماً ملموساً، فإنّ اجتماعاتنا الدوليّة تصبح غير مفيدة وحتى أن نتائجها قد تكون عكسية".
وقال بول هانلي مدير مركز كارنيغي-تسينغهوا للسياسة العالمية في بكين، إنّ ترمب يحتاج إلى إعادة هيكلة العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل مناسب، والضغط على شي لتنفيذ إصلاحات دائمة.
وأضاف: "أنّ التوصّل إلى اتفاقية ينتج عنها شراء الصين المزيد من البضائع الأمريكية أو وعد بالتزامات غامضة بمواعيد غير واضحة، لن يفلح سوى في تأجيل الوضع وسيضرّ بالعلاقات بشكل أكبر لسنوات مقبلة".
وتواجه قمة مجموعة العشرين تحذيرات من جهات عدة من بينها صندوق النقد الدولي، من خطر تضرّر الاقتصاد العالمي بسبب الرسوم، التي فرضها ترمب على السلع الصينية وتهديداته المعلنة باتخاذ مزيد من الخطوات ضد واردات بلاده من السيارات الأوروبية واليابانية.
والتقى قادة مجموعة العشرين - التي تمثل بلادهم أربعة أخماس إنتاج الاقتصاد العالمي، أول مرة في نوفمبر 2008 لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة الأزمة المالية العالمية في حينه.
وبعد عقد من الزمن تلاشت هذه الوحدة إثر إعلان ترمب شعاره "أمريكا أولاً"، الذي قوّض الإجماع الذي تستند إليه التجارة العالمية.
كما أنّ دولاً أخرى في مجموعة العشرين ومن بينها البرازيل وإيطاليا والمكسيك اتّجهت إلى قادة شعبويين.
وقد أظهر ترمب مراراً ازدراءه للمؤتمرات الدولية من خلال منع صدور بيانات نهائية في مؤتمرات مثل مؤتمر قمة مجموعة السبع ومؤتمر آبيك لآسيا والمحيط الهادئ.
وذكرت مصادر في مجموعة العشرين، أنّ التوصّل إلى اتّفاق حول البيان الختامي في بوينس آيرس قد يواجه مشكلة بسبب المناخ.
ووجد ترامب الآن حليفاً له في هذه المسألة هو رئيس البرازيل المنتخب اليميني المتطرّف جاير بولسونارو، إذا إنّ تشكيكهما في الاحتباس الحراري يتحدّى تحذيرات العلماء المتزايدة من أنّ هذا التهديد على الكوكب حقيقي ويحتاج إلى سياسة لمعالجته الآن.
وقال توماس رايت الخبير في معهد بروكنغز في واشنطن "هناك انقسام حاد في مجموعة العشرين الآن بين الديمقراطيات والحكام السلطويين".
وتابع "الآن أعتقد أنّ الانقسام أصبح واضحاً تماماً"، مضيفاً أنّ هناك مجالاً لقادة مثل الفرنسي ماكرون والكندي جاستن ترودو للوقوف بجانب القيم الليبرالية في الأرجنتين.
من ناحية أخرى من المنتظر أن توقّع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الجمعة في بوينس آيرس النسخة المعدّلة من اتفاقية التجارة الحرّة في أميركا الشمالية (نافتا).
وإذا كانت المفاوضات التي أجرتها الدول الثلاث بطلب من ترمب لتعديل هذه الاتفاقية منعت حرباً تجارية، فقد قال صندوق النقد الدولي إنّ تهديدات ترامب بفرض رسوم على السيارات من أوروبا واليابان يمكن أن تضرّ بالاقتصاد العالمي.
وقالت رئيسة الصندوق كرستين لاغارد إنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو تهديد آخر على النمو العالمي.
ومن المقرّر أن تصل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى بوينس آيرس في وقت لاحق من الخميس.
وكانت بريطانيا والأرجنتين خاضتا حرباً بسبب جزر فوكلاند في 1982، وستكون ماي أول رئيسة وزراء في منصبها تزور العاصمة الأرجنتينية.
وستنتهز ماي، اجتماع مجموعة العشرين لإقناع الدول المشاركة بمستقبل بريطانيا التجاري بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.