محمد العرابي: "السيسي شايل على أكتافه مسؤولية كبيرة".. و"ابن سلمان" قيادة شابة واعية تحتاجها المنطقة (حوار)

أخبار مصر

محرر الفجر مع السفير
محرر "الفجر" مع السفير محمد العرابي

محمد العرابي: "ابن سلمان" قيادة شابة واعية تحتاجها المنطقة في الفترة المقبلة 

* المعاناة على الجميع.. وسننجني عوائد الانتقال الاقتصادي في عام 2020 

* لسنا مستعذبون في الأرض ولنا كرامتنا ووضعنا وتقديرنا في كل الأماكن 

* المصريون بداخل قلب وعقل الإنسان اليهودي.. وينظرون إلينا على أننا عمالقة

* يجب أن نفخر بالأزهر الذي يعتبر جزء من قواتنا الناعمة التي نستطيع أن نغزو بها العالم 


السفير محمد العربي، وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، شغل منصب سفير سابق في ألمانيا، وعمل في سفارات مصر بالكويت ولندن وواشنطن وتل أبيب، وتولى منصب وزارة الخارجية، وعمل مساعدًا لوزير الخارجية للشؤون الاقتصادية. 


وفي حواره لبوابة الفجر، يتحدث "العرابي"، عن الصراعات والأزمات التي تشهدها المنطقة، وعن تطورات العلاقات القطرية مع الرباعي العربي، وكشف عن التوقعات المستقبلية للأزمة السورية واليمنية وللقضية الفلسطينية في ظل التغيرات التي طرأت على المنطقة العربية. 


وإلى نص الحوار:


ماذا وراء جولات محمد بن سلمان للدول العربية؟

أعتقد أنها جولات واجبة، ومن المؤكد أن السعودية تشعر أنها في وضع يستلزم قدر كبير من التحرك الخارجي حتى يتم القضاء على فكرة هز مكانة السعودية نتيجة واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لافتًا إلى أنه توجد محاولات مستميتة من أطراف كثيرة تريد النيل من مكانة هذه الدولة الهامة في الفترة المقبلة، ومن الواجب أن يكون هناك قدر كبير من الاتصالات والعلاقات العامة والتواصل المباشر بين القيادات السعودية وقيادات بعض الدول.

 

وعن رأيه في شخصية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال، وزير الخارجية الأسبق، إنه لا يعرفه شخصيًا ولم يلتقى به من قبل، ولكنه يرى فيه وجه إصلاحي مستنير يستطيع أن يلعب دورًا هامًا في قيادة المملكة، وهذا سيكون له تأثير كبير على الأوضاع في المنطقة، لافتًا إلى أنه كانت هناك محاولات للزج باسم "ابن سلمان" في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وأعتقد أنه يقوم بمحاولة وأد هذه المحاولات الآن، وهذا أمر مطلوب ويجب عليه التحرك بسرعة في هذا الشأن، متابعًا: أعتقد أن محمد بن سلمان يمثل قيادة شابة واعية تحتاجها المنطقة في الفترة المقبلة.


 

هل تتوقع عودة العلاقات مع قطر قريبًا؟

قال إنه من السابق لأوانه الحديث عن عودة العلاقات مع قطر، وأن الصياغة التي ستتم الفترة المقبلة لن تبقى في إطار عودة العلاقات معها، ولكن الدوحة هي التي ستعود إلى مجلس التعاون الخليجي بدون إعلان قبول الشروط أو خلافه.. وأنه سيكون هناك تغيير في بعض السياسات، وسيبدأ الخلاف في الذوبان بمفرده وسيتلاشى الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيحدث نوع من الانسجام التدريجي إلى أن تعود العلاقات لمسارها الطبيعي دون إعلانات تنال من طرف ضد طرف، متابعًا: "دا مش هيكون بكرا ولا بعده، دا هياخد بعض الوقت".

 

وأكد أنه يرى أن قطر ستشارك في القمة الخليجية التي ستقام في الرياض، لافتًا إلى أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير،  أكد في حوار المنامة، على أن الأطر المختلفة للعلاقة بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي تسير بانتظام برغم الفجوة اللي كانت متواجدة في التوجهات الخليجية في مقابل التوجهات القطرية. 


وتابع السفير محمد العرابي: "هذا يعني أن هناك مشاركة قادمة وقد تكون هذه بداية مرحلة عودة الانسجام التدريجي بين دول مجلس التعاون الخليجي"، لافتًا إلى أن قطر سيكون عليها واجب مهم جدًا وهو أن تحاول العودة مرة أخرى لسياسات مجلس التعاون الخليجي وتنسجم معه بدون وجود شرط إذعان عليها، ويجب عليها أن تدرك أن مستقبلها سيكون أفضل في العودة التدريجية للمجلس وسياساته. 



هل أحدثت واقعة مقتل جمال خاشقجي تأثيرًا على المنطقة العربية؟

قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أحدثت نوع من التغييرفي توازنات القوة في المنطقة، وأيضًا في نظرة الولايات المتحدة لها، وهناك وضع جديد نتج بعد الواقعة، ولفت إلى أن تركيا هي الرابح الأول، حيث أنها استطاعت استغلال الموقف استغلالًا جيد من الناحية الدبلوماسية، متابعًا: "بغض النظر عن موقفنا منها".

 

وتابع: يجب التوقع أنه سيكون هناك إعادة لترتيب الأوضاع في المنطقة في الفترة المقبلة، وكان أبسطها ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي في حوار المنامة، أنه سيكون هناك تحالف جديد يضم مجلس التعاون الخليجي بالإضافة لمصر والأردن، تحت مسمى تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي "ميسا"، متابعًا: "ودا بداية أمريكية لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، وهذه البداية قد يعقبها نوع من التدرج في التعامل بين قطر والدول الخليجية".


 

ماهي التوقعات المستقبلية للأزمة السورية في ظل وجود النفوذ الأمريكي والروسي على أراضيها؟

 يجب أن نتوقع استمرار الأزمة السورية، وأننا سنعيش معها فترة من الزمن ولن نستطيع إعطاء توقعات بحل القضية قريبًا، لافتًا إلى أن الأزمة سيطول أمدها وستزداد تعقيدًا الفترة المقبلة؛ وهذا نتيجة وجود 6 جيوش أجنبية تمارس السيطرة على بعض الأراضي الواسعة في سوريا وهناك تنافس أصبح واضحًا على هذه الرقعة الغالية من قوى كثيرة سواء كانت إقليمية أو دولية، وبالتالي لا تضع أمام المنظور القريب أننا سنرى انفراجة، وخاصة أن مبعوث الأمم المتحدة أصبح دوره هامشيًا تمامًا، وأن المبعوث الجديد لن يكون له أي إسهام.

 

وأشار إلى أن الأمر يدور في فلك 4 دول وهم أمريكا وروسيا وتركيا وإيران، وهذه الدول لديها عساكر على الأراضي السورية، وهي التي تملك القدرة على حل الأزمة أو فرض حلًا، متابعًا: "أعتقد أن الإرادة السياسية لهذه الدول غير متوفرة الآن لإنهاء هذه الأزمة وبالتالي ستظل قائمة وسنعيش معنا فترة طويلة مقبلة".




هل تتوقع التوصل لحل في القضية الفلسطينية؟

قال السفير محمد العرابي، إنه لن يكون هناك حل قريب بخصوص القضية الفلسطينية، لأن الإدارة الأمريكية واهمة أنها تستطيع أن تفكك القضية الفلسطينية وتعيد تركيبها بالطريقة التي تتناسب مع أهدافها، لافتًا إلى أن هذا التفكير لن يؤتي أي ثمار، وبالتالي يجب أن نتوقع أن هناك فترة من التوقف في العملية السياسية تستلزم قدر كبير من الصمود للشعب الفلسطيني وتمسكه بالأرض الفترة المقبلة وهذا يحتاج إلى دعم دول كثيرة ومنها مصر.

 

وعن المصالحة بين حركتي فتح وحماس، قال إنه يتمنى أن تأخذ هذه المصالحة مسار إيجابي ولكن أي موضوع في منطقة الشرق الأوسط يتدخل فيه قوى إقليمية كثيرة، لن تستطيع أن تصل فيه إلى نتيجة.


هل تتوقع تشكيل تحالف عربي لحل الأزمة في ليبيا واحتواء الموقف أسوة بالتحالف العربي باليمن؟

الأمر مستبعد تمامًا؛ لأن الوضع مختلف استراتيجيا، لافتًا إلى أن اليمن تشكل موقف استراتيجي مقلق للسعودية وباب المندب، وبالتالي كان يجب أن يكون هناك تدخل بهذا الشكل وعمل تحالف عربي، لكن في ليبيا الصراع داخلي والميلشيات هي التي أصبحت سائدة على الأرض هناك، وأنه من المؤسف أن كل الأزمات المتواجدة في المنطقة مرشحة أن تبقى معنا لفترة طويلة مقبلة.



 

هل تتوقع التوافق على نقاط الخلاف بملف "سد النهضة" مع إثيوبيا؟

 سد النهضة حدث فيه متغير جديد، وهو شخصية رئيس وزراء إثيوبيا، وأن السد يعتبر مشروع قومي للشعب الأثيوبي والتراجع فيه أو التباطؤ يؤدي إلى خسائر سياسية لأي سياسي أثيوبي هناك، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي يعالج الأمر بقدر كبير من الحنكة السياسية وأستطاع ترتيب أوراقه بشكل جيد جدًا في المنطقة وخارجها، ويعتقد أنه سيحدث نوع من التباطؤ في التنفيذ أو الإنهاء.

 

وأشار إلى أنه يرى أن هناك مصاعب فنية ومالية قد تؤجل الانتهاء من السد لفترة مقبلة، وأن المهارة السياسية لرئيس الوزراء الإثيوبي، قد تدفعه لتفضيل التباطؤ الآن حتى لا يزعج مصر أو لايؤدي إلى توتر في العلاقات معها، متابعًا: "لا يريد أن يخسر القاهرة أو شكله الداخلي في إثيوبيا"، بالإضافة إلى أنه استطاع توفيق أوضاعه مع إريتريا واستطاع أن يظهر كقوة إقليمية في منطقة القرن الإفريقي، وكسب أوراق كثيرة مع السعودية والإمارات، غير أنه حصل على تمويلات مالية من البنك الدولي الفترة الأخيرة، واستطاع أن ينشئ بيئة استراتيجية مواتية له حقق فيها أهداف كثيرة جدًا وهذه تعتبر مهارة سياسية تحسب له.

 

خلال فترة عملك في سفارة مصر بتل أبيب.. ماهي أصعب الفترات التي مرت عليك هناك؟

 

قال إن مدة عمله في إسرائيل بأكملها كانت صعبة؛ موضحًا أنه كان هناك في الفترة التي كان فيها إسحاق رابين رئيسًا للوزراء، وكان متواجدًا في نفس الميدان الذي تم اغتياله فيه على إيدي رجال "عمير"، متابعًا: "ومن يومها أصبحت الأمور صعبة"، لافتًا إلى أنه أيام "رابين"، كانت هناك بعض المؤشرات حول التقدم في القضية الفلسطينية ولكن منذ اغتياله حدث تدهور كبير وغابت عملية السلام عن المشهد السياسي في إسرائيل وتلاشى وجود الحمائم.


كيف يرى الشعب الإسرائيلي المصريين؟ 

قال إن المصريين بداخل قلب وعقل الإنسان اليهودي وأننا جزء من دينه، وأن المصري بالنسبة للإنسان الإسرائيلي عملاق وينظر إليه بهذه النظرة نتيجة تواجدنا في داخلهم من الناحية الدينية وأنه تم قهرهم وخروجهم من مصر على إيدي فرعون مصر في ذلك الوقت، متابعًا: "دا في حد ذاته مدي شكل معين للإنسان المصري لا تدركه إلا إذا عايشتهم".




ما تقييمكم لبعثات وزارة الأوقاف بالخارج وهل لها صدى؟

قال السفير محمد العرابي، إن الدين الإسلامي أصيب بنظرة سلبية من مجتمعات كثيرة في الفترة الأخيرة، وكان يجب علينا تصحيح هذه النظرة، وهذا يقوم به جهات مختلفة منها تواجد شيخ الأزهر شخصيًا في الخارج، لافتًا إلى أن الكلمة التي ألقاها شيخ الأزهر في البرلمان الألماني كانت مهمة جدًا، وأن بعثات وزارة الأوقاف وما تقوم به دار الإفتاء من الردود على كل ما يثيره الجماعات المتطرفة، يشكل جهدًا كبيرًا، لافتًا إلى أن هذه البعثات تصحح صورة عنا يجب تغييرها بعد تشويه الجماعات التكفيرية لها، وأنه يجب أن نفخر بالأزهر الذي يعتبر جزء من قوتنا الناعمة التي نستطيع أن نغزو بها العالم.

 

بصفتك عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان وبعد تزايد حالات الاعتداء على المصريين بالخارج.. ما تقييم اللجنة لتعامل الوزارات المعنية مع تلك الوقائع؟ 


لسنا مستعذبون في الأرض ولنا كرامتنا ووضعنا وتقديرنا في كل الأماكن، وهذه حوادث فردية، وأن الوزارات المعنية تقوم بدروها بشكل سريع، وهذه ليست ظاهرة جديدة ضد المصريين، وسيظل هذا الأمر قائمًا ولن ينتهي، لافتًا إلى أن المصري له تقديره في كل مكان.


 

ماتقييمكم للإصلاحات الاقتصادية التي تتم حاليا في مصر.. وبماذا تطمئن الشعب المصري؟

 

قال إن كلمة الإصلاح الاقتصادي استُعملت بطريقة ليست في مكانها، موضحًا أن مصر في مرحلة اقتصاد جديد تمامًا، وهذه المرحلة ليست إصلاح للقديم ولكنها جديدة، مشيرًا إلى أن الخارج ينظر بإعجاب إلى البناء الذي يتم وإلى صبر وصمود الشعب المصري، متابعًا: "مانجيش دلوقت ونتململ".

 

وأضاف أن كل شخص أصبح يكيف حياته على الوضع الجديد، وأننا تعلمنا أسلوب جديد للحياة، ونقلنا أنفسنا من حالة إلى أخرى تتناسب مع الواقع الدولي الذي نعيشه ومع الأوضاع الاقتصادية الدولية القادمة، وأن مصر في حالة واجب فيها الصبر والتحمل ولا يمكن التفكير في أي شئ آخر غير ذلك، وأننا في مرحلة لم تشهدها مصر من قبل.


ولفت إلى أن المعاناة على الجميع، وهذا الأمر كان يجب أن نخوضه، وطمئن الشعب المصري قائلًا: "هذه الأمور لن تطول، وأعتقد أنه في عام 2020 سننجني عوائد الانتقال الاقتصادي الذي قمنا به".

 

 

وجه رسالة للرئيس السيسي

ووجه رسالة للرئيس قائلًا: "ربنا معاه، شايل على أكتافه مسؤولية كبيرة جدًا سواء كانت دولية أو إقليمية أو داخلية"، لافتًا إلى أنه يوجد أشخاص كثيريين يثقون في رؤية القيادة المصرية في عدة موضوعات وهذا نجاح كبير.

 

وأشار إلى أننا حاصرنا الإرهاب وتم تحجيمه، وأنه أصبح في مراحله الأخيرة، لافتًا إلى أن الإرهاب دائما سريع؛فإذا تم القضاء عليه في العراق والشام سنجده يتفرع في ليبيا ومن ليبيا سيذهب لبعض الدول الإفريقية، وبالتالي فإن مصر سيكون عليها مسؤولية كبيرة، وأنه إذا تم محاصرة الإرهاب في مصر تأكد أن هناك تهديد من الحدود، لافتًا إلى أن الخارج ينظر إلينا بتقدير كبير في موضوعين وهما مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.