بؤرة للتهريب وخسائرها بالملايين.. "المناطق الحرة" نقطة ضعف الحكومة في قانون الاستثمار الجديد
يشهد مجتمع الأعمال حالة من اللغط حول المادة الخاصة بإلغاء العمل بنظام المناطق الحرة المقرر في قانون الاستثمار الجديد الذي يجري مناقشته حاليًا في البرلمان، ومابين مؤيد ومعارض تقف الحكومة عاجزة عن حل الأزمة.
أكد مؤيدوا قرار الإلغاء أن المناطق الحرة لم تحقق الهدف منها، حيث إنها لم تحقق سوى أرباح للمستثمر وتحمل الدولة خسائر أكبر، بالإضافة إلى أنها مصدر كبير للتهريب ولابد من التصدي له، أما الرافضين للقرار فأكدوا أن قرار إلغائها سينعكس سلبًا على جذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى أنها ساهمت في دعم الاقتصاد المحلى نظرًا لتعدد عوائدها الاقتصادية مما يجعل قرار الإلغاء غير صائب.
وألغى مشروع قانون الاستثمار الجديد العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، وذلك بسبب ظاهرة التهريب التي انتشرت واتسعت بشكل كبير من خلال هذا النظام، حيث بلغت قيمة التهريب عن طريق المناطق الحرة الخاصة بلغ العام قبل الماضي 2015 نحو 66 مليار جنيه.
وتعرف المناطق الحرة، بأنها أحد الأنماط الاستثمارية، وتعد جزءًا من أراضي الدولة ولكن تختلف فيه أوجه التعامل الخاصة بحركة البضائع دخولاً إليها وخروجاً منهًا جمركياً واستيرادياً ونقدياً، وذلك عن غيرها من أوجه التعامل و الإجراءات المطبقة داخل البلاد.
ويبلغ عدد المناطق الحرة الخاصة في مصر،223 منطقة، يعمل بها نحو 73 ألف عامل مصرى و1300 أجنبى، باستثمارات 5.2 مليار دولار، وتبلغ تكاليف المشروعات الاستثمارية 10.6 مليار دولار، بينما يصل عدد المناطق الحرة العامة إلى 9 مناطق حرة عامة بعدد مشروعات 855 مشروعًا برؤوس أموال 5.8 مليار دولار، واستثمارات 13 مليار دولار توفر 107 ألف فرصة عمل.
فيما يقدر حجم مبيعاتها بالسوق المحلي بـ 798 مليون دولار، من أصل 1.5 مليار دولار قيمة إنتاجها عام 2016، ويصل حجم العمالة التي تستوعبها المناطق الحرة الخاصة إلى نحو 85 ألف عامل في مختلف التخصصات الصناعية.
وبدأ العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، وفق لقانون حوافز وضمانات الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، بهدف تشجيع الاستثمار الأجنبي، ويمنح القانون للمشروعات داخل هذه المناطق العديد من المزايا والحوافز ، منها عدم وجود قيود على جنسية رأس المال، وعدم وجود حدود على حجمه، إلى جانب إعفاء الأصول الرأسمالية للمشروع ومستلزمات الإنتاج من الضرائب والرسوم الجمركية، وإعفاء واردات وصادرات المشروع من وإلى الخارج من الضرائب والرسوم الجمركية.
أثار قرار إلغاء المناطق الحرة غضب الكثيرين، تقدم على إثره 211 مستثمرا بمذكرة للحكومة للمطالبة بعودة "المناطق الحرة" مرة أخرى، موضحين أن تلك المناطق تضم 211 شركة برؤوس أموال 5.2 مليار دولار، وحجم استثمار يصل إلى 11.5 مليار دولار، ويعمل بها أكثر من 83 ألف عامل من دون العمالة المؤقتة، ويبلغ حجم صادراتها للخارج بنحو 2 مليار دولار سنوياً، مؤكدة أن إلغاءها يسبب هروب الاستثمارات
بعض نواب البرلمان رأوا أن إشكالية الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة تتمثل فى التهرب الجمركى والضريبى بإدخال سلع للسوق المحلي دون رقابة أو سيطرة من الدولة، مؤكدين أن حل تلك الأزمة ليس له بديل سوى إلغائها، في حين يرى آخرون أن الحل ليس بإلغائها وإنما بإيجاد وسائل لضبط عمليات الاستيراد والتصدير وتشديد الرقابة عليها.
عمرو الجوهرى، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، يقول إن قرار إلغاء المناطق الحرة من عدمه هو أمر شائك لنظرًا لأنه يهم شريحة كبيرة من المستثمرين الذين تتعلق مصالحهم بها.
وأوضح "الجوهري" في تصريحات لـ"الفجر"، أن المشكلة الأكبر تتمثل في عدم قدرة الحكومة على توفير بديل آمن للمناطق الحرة وإحكام السيطرة عليها.
عمرو غلاب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، أيد الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة، مع وضع ضوابط لوقف التهريب ومخالفات التلاعب التى منعت الحكومة من تجديد تراخيص إقامتها..
من جانبه أشاد طارق زيدان خبير إدارة وتطوير المشروعات، بإلغاء إنشاء المناطق الحرة ، حيث أنها لم تحقق أرباح سوى للمستثمر فقط وتحمل الدولة خسائر أكبر.
وأوضح "زيدان" لـ"الفجر" أن المستثمر يلجأ للمناطق الحرة كونها ملاذات ضريبية آمنة لما توفره الحكومة من إعفاءات ضريبية وجمركية كبيرة للقائمين عليها.
وقال عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية، إن إلغاء المناطق الحرة الخاصة، جاء لما تمثله هذه المناطق من بؤرة للتهريب، موضحًا أن المناطق الخاصة تتمتع بمزايا استثنائية كبيرة دون جدوى اقتصادية ملموسة.
قال رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص، إن هذه المناطق تعد أهم منافذ التهريب في مصر، مضيفًا أن إلغائها ليس سهلًا نظرًا للأضرار التي يسببها القرار للمستثمر، الأمر الذي سيدفعهم لرفض القرار بكل قوة.
في المقابل، اعترض الدكتور محمد خميس شعبان، أمين عام اتحاد المستثمرين ورئيس جمعية مستثمري أكتوبر، في تصريحات له، على إلغاء نظام المناطق الحرة الخاصة، مؤكدًا أن الإلغاء ليس الحل الأمثل لمواجهة التجاوزات.