كيف تسخر الجماعات الإرهابية السوشيال ميديا لخدمة أغراضها في العالم؟.. خبراء يجيبون
منطقة الشرق الأوسط في مرمى الإرهاب منذ سنوات مضت وما تزال، خاصة مع تطورات الربيع العربي، وانتشار تنظيم داعش في سوريا والعراق، حتى وجود بعض الجماعات التابعة له بسيناء، ونشاط تلك التنظيمات لم يقتصر على العمليات الإرهابية على أرض الواقع، وإنما وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي، في محاولةً منه على نشر أفكاره المتطرفة، ومن ثم تجنيد من لديهم الميول المتطرفة لتنفيذ العمليات الإرهابية لتظهر ما تسمى بـ"الذئاب المنفردة".
واستطاعت للأسف تلك العناصر الإرهابية التي تم تجنيدها على مواقع التواصل، في تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية حول العالم، لتعلن "داعش" بعد كل عملية منها مسؤوليتها عن الحادث، وهنا تتوارد على الأذهان أسئلة عديدة حول كيفية عمل هذه الجماعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعن دواعي فتح المجال لها لبث أفكارها وبياناتها التهديدية والإرهابية؟ وكيفية تحديد هوية من يقفون وراءها؟.
لا يمكن ملاحقة الفكر المتطرف على مواقع التواصل
وتقول الدكتورة مي البطران، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إنه لا يمكن ملاحقة الفكر المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي فعلى سبيل المثال لا يمكن معرفة ما إذا كان هناك لص ذاهب إلى ميدان التحرير من عدمه، وما يمكن أن يتم في هذه المسألة هو نشر التوعية وسبل الأمان، مشيرة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي عالم مفتوح لكل الناس الصالح والطالح وأنها مساحة افتراضية للجميع، ولحماية المجتمع لا بد من عمل توعية وخاصة للأطفال، وأن الأطفال يعرفون التعامل مع مواقع التواصل ويعرفون التفريق بين الصالح والطالح من خلال توعيتهم.
وأضافت، في تصريحات لـ"الفجر"، أن التوعية الثقافية مهمة، والعالم الافتراضي مثل العالم الطبيعي، ويجب على الإنسان أن يحمي نفسه ضد الأفكار المتطرفة، مضيفة أنه في ظل الشائعات على مصر فيجب التحقق من مصدر الأخبار، ومن المهم عدم الانصياع في الرد على الأشخاص الذين يسيئون لنا وللدولة لأن ذلك يساعد في نشر ما قاله ويعطيه أهمية، لافتة إلى أنه من المهم أن يتم التحري وراء مصدر الشائعات، ويجب اللجوء إلى القانون عندما تصدر إساءة إلينا أو إلى الدولة.
وعن إمكانية ملاحقة الفكر المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي، فأكدت الدكتورة مي البطران، على أن الإنترنت ليس مرتبط بدولة، والدول لا تستطيع أن تقوم بملاحقة ذلك الفكر إلا بالتنوير، موضحة أن الدولة بدأت تشترك في اتفاقيات دولية لملاحقة المخطئين من دولة إلى دولة، ولكن هذه الاتفاقيات ليست مع كل الدول، فبالتالي لا يمكن ملاحقة كل المخطئين، وينبغي أن يكون هناك "إنتربول إلكتروني" لتحقيق ذلك، قائلة: "لا يجب أن ننزعج عندما يوجه إلينا الإساءة على مواقع التواصل ولا ينبغي نشر الأخبار المتعلقة بذلك لكي لا يحدث صدى واسعًا".
69 ألف صفحة تابعة للإرهاب
ومن جهته، يرى الدكتور أيمن سمير، الخبير في العلاقات الدولية، أن الجماعات الإرهابية المتمثلة في "داعش" وأخواتها لديها 69 ألف صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وقرابية الـ40 كتابًا، ومنذ تأسيس التحالف الدولي لمحاربة داعش في سبتمبر 2015 تم إغلاق عدد كبير من تلك الصفحات، ومواقع التواصل غير مكلفة وسهلة وعابرة للحدود وسهولة نقل الأفكار ونقل الملايين وذلك يساعد الإرهاب في نشر فكره، مضيفًا أن تلك العوامل سهلت للجماعات الإرهابية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وحول إمكانية التحكم في محتوى ما تنشره الجماعات الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي، فأكد "سمير"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، على أنه يمكن تحقيق ذلك، خاصة وأن "تويتر" و"فيس بوك" وغيرهما لديهم من الآليات ما يمكنهم من منع نشر المواقع المتطرفة والإجرامية، ولكن تلك الشركات لا تقدم على ذلك لأن الجماعات المتطرفة جزء من العمل الوظيفي للغرب للتدخل في الشؤون الداخلية للعربية والإقليمية، وما حدث في سوريا هو انفجار الوضع الداخلي بسبب "داعش" وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وأحرار الشام.
وأوضح الخبير في العلاقات الدولية، أن الغرب يطوع أفكار الجماعات المتطرفة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي لخدمه أغراضه في المنطقة، مشيرًا إلى أن ما أسقط الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ما يسمى بالمجاهدين الأفغان دون تدخل جندي أمريكي واحد، لافتًا إلى أنه يمكن لحكومتي فرنسا وبريطانيا وغيرهما بذل مجهود في منع المحتوى العنيف على مواقع التواصل ولكن ذلك لن يكن بقدر قدرة شركات مواقع التواصل نفسها في حظر المحتوى العنيف.
الإرهابيون يروجون لأنفسهم
فيما قال عمرو فاروق، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن كل التنظيمات المتطرفة حولت شبكة الإنترنت ومواقع التواصل إلى دولة خاصة بهم وأيمن الظواهري قال إن شبكة الإنترنت أصبحت دولة خاصة لتنظيم القاعدة، والجماعات الإرهابية تجد في شبكة الإنترنت ملاذًا آمنًا في عمليات الاستقطاب والتجنيد والتدرب، مبينًا أن كل التنظيمات الإرهابية كالإخوان وداعش والقاعدة والجماعات السلفية كلها طوعت مواقع التواصل لخدمة أهدافها، وأن هذه التنظيمات وضعت مئات الوثائق على الإنترنت لتكون متاحة لمختلف الأعمار.
وتابع، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الجماعات الإرهابية تنشر فيديوهات لها على الإنترنت كنوع من الترويج، وداعش والإخوان والقاعدة صعنوا فيديوهات تروج لأفكارهم على الإنترنت للتأثير العقلي على المتلقين، وأن هناك فيديوهات بجودة عالية للغاية متواجدة على الإنترنت لجذب ذوي الميول الداعشية، مشيرًا إلى أن تلك التنظيمات الإرهابية صعنت مئات المنصات الإعلامية وعشرات المواقع الخاصة على تويتر وفيس بوك لنشر الشائعات والفكر المتطرف، والإرهاب يستخدم الإعلام لنصرة أفكاره، والمعركة انتقلت من أرض الميدان لساحة الإنترنت.
وأكد الباحث في شئون الحركات الإسلامية، على أن مواقع التواصل الاجتماعي حولت الجماعات الإرهابية المحلية إلى عالمية في مواجهة الأنظمة العربية والغربية أيضًا، وحجم العناصر المنضمة إلى داعش والقاعدة من الغرب أكبر من الحجم المنضم من الشرق الأوسط، وأنه يتم ملاحقة حسابات الإرهابيين بصورة مستمرة ويتم منع تداول الفيديوهات الخاصة بهم، مضيفًا أن الجماعات الإرهابية تتلقى خسائر في سوريا وليبيا والعراق وسيناء ولذلك تجد في وسائل التواصل منفذًا لهم من خلال "فبركة" الفيديوهات وإعادة نشرها على أنها جديدة لاستقطاب ذوي الميول العدوانية إليها، وأن "السلفية السائلة تعني تحول الجماعات المتطرفة والسلفية من حيز التنظيم إلى الفكرة" ولذلك فيتم اتباع تلك الفكرة بسهولة ويمكن نشرها بصورة أوسع.