مى سمير تكتب: فيس بوك يروج للتطرف

مقالات الرأي



عميل لـ«إف بى آى»: برامج آلية مجهولة المصدر تحرض المستخدمين على الكراهية

هل توجد وسيلة فعالة لمواجهة طوفان الشائعات والأخبار المزيفة، والقرصنة على حسابات مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى، فى عالم أصبح فيه السيطرة على فضاء العلاقات الاجتماعية جزءاً من الصراع الدولى. للإجابة على هذا السؤال يقدم العميل السابق فى مكتب التحقيقات الفيدرالية، كلينت واتس، فى كتابه «العبث مع العدو: البقاء على قيد الحياة فى عالم وسائل الإعلام الاجتماعية من القراصنة، والإرهابيين، والروس، والأخبار الوهمية»، نظرة فاحصة لعالم الشائعات والأخبار المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعى، وعمليات التجسس الإلكترونية التى أصبحت بمثابة طليعة الحرب الحديثة، كما يشرح كيف يمكن للمستخدمين حماية أنفسهم وبلادهم ضد هذا الطوفان.

اكتسب كلينت واتس، شهرة عالمية بفضل شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ بشأن التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة عام 2016، ويكشف واتس فى كتابه «العبث مع العدو» عالماً مخيفا لا يختطف فيه الإرهابيون والمجرمون الإلكترونيون جهاز الكمبيوتر الخاص بك فقط، ولكنهم يخترقون عقلك أيضاً ويسيطرون عليك، كما يستخدم الأعداء معلومات وسائل الإعلام الاجتماعية الخاصة بالمستخدم وأفراد عائلته وأصدقائه وزملائه فى تخطيط الشبكات الاجتماعية الخاصة بكل شخص، وتحديد نقاط ضعفه، والاستفادة مما يفضله.

يدرس واتس مجموعة من منصات التواصل الاجتماعى - من منتديات الإنترنت الأولى إلى المواقع الأكثر شهرة فى الوقت الحالى مثل فيس بوك وتوتير - والجهات الفاعلة الشريرة - من تنظيم القاعدة الإرهابى إلى داعش، إلى وسائل التواصل الاجتماعية التى تستخدمها الدول ضد غيرها من الدول - لإلقاء الضوء على كيفية استخدامهم بالضبط لوسائل الإعلام الاجتماعية الغربية لأغراضهم الخاصة، ويشرح كيف تعمل، من خلال نجاحاته وإخفاقاته، التعامل مع المتسللين، والإرهابيين، وحتى الروس - وكيف أن هذه التفاعلات خلقت أساليب لمقاتلة أولئك الذين يسعون إلى إيذاء الناس على الإنترنت، ويختتم مع لمحة عن كيفية التقدم فى الذكاء الاصطناعى سيجعل التأثير المستقبلى أكثر فعالية وخطورة لمستخدمى وسائل الإعلام الاجتماعية والحكومات الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم.

وتعد انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، والتى فاز فيها دونالد ترامب فى مواجهة هيلارى كيلنتون، مثالا حيا عن مدى التأثير الذى يمكن أن تحدثه دولة من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت، على المشهد السياسى فى دولة أخرى.

وكشف التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عن كثير من حملات التضليل الخبيثة فى الديمقراطيات الغربية، حيث قام المحامى الخاص روبرت مولر، بإدانة النشطاء الروس الذين أنشأوا هويات مزيفة وأطلقوا إعلانات مستهدفة على فيس بوك، مثل دعم المجموعات المتطرفة المعادية للهجرة، وتم الإعلان عنها وكشفها فيما بعد.

وكشف التدخل الروسى عن الدور الذى تلعبه وسائل التواصل الاجتماعى فى زيادة الاستقطاب داخل المجتمعات، وكيف أن مراجعة الحقائق لا تصل إلا لجمهور ضيق، وكيف أن الافتقار إلى التنظيم يسمح بالإعلانات السياسية الكاذبة وغير الشفافة، وكيف تحابى الخوارزميات وجهات النظر الغاضبة والمتطرفة، وهو ما دفع الكونجرس والبرلمان البريطانى والاتحاد الأوروبى لتنظيم جلسات استماع لمناقشة هذه المشكلة.

هؤلاء المتلاعبون بوسائل الإعلام، الذين غالباً ما يختبئون وراء حسابات مزيفة، يستمرون فى العمل دون عقاب، ويروجون القصص الكاذبة ويعتمدون على المنصات الرئيسية - فيس بوك، وتويتر، وجوجل، وخاصة يوتيوب - لتضخيم رسائلهم، وما هو أسوأ من ذلك، أن رسائلهم تزداد بصوت أعلى.

وبعد تحليل 2.5 مليون تغريدة و6.986 صفحة على فيس بوك، اكتشف معهد أكسفورد للإنترنت، أن كمية «الأخبار غير المرغوب فيها» المحرضة والمبهمة التآمرية المتداولة هى فى الواقع أكبر مما كانت عليه فى عام 2016.

الأهم من ذلك، لم يعد ينظر إلى الرسائل من قبل مجموعة صغيرة فقط، ولكن من المرجح أن يستهلكها المستخدمون العاديون لوسائل الإعلام الاجتماعية، وفى الوقت نفسه، لا تأتى سوى نسبة ضئيلة من المعلومات السياسية المتاحة على وسائل الإعلام الاجتماعية من اللاعبين السياسيين الحقيقيين.

ومن المرجح أيضا أن يرى الأشخاص الذين يتابعون الأخبار عبر الإنترنت معلومات لم يخلقها البشر على الإطلاق، حيث تم اكتشاف أداة جديدة أنشأتها شركة «Start-up» تدعى «Robhat Labs» أن 60٪ من المحادثة على تويتر مدفوعة بحسابات ربما تكون «بوت» هو برنامج يقوم بتشغيل «برامج نصية» عبر الإنترنت، وعادة، تقوم هذه البوتات بأداء مهام بسيطة ومتكررة على حد سواء، بمعدل أعلى بكثير مما يمكن للإنسان بمفرده.

كما يتم الاعتماد على الترولز وهو الشخص الذى يزرع الخلاف على الإنترنت من خلال بدء الحجج أو إزعاج الناس، عن طريق نشر رسائل تحريضية أو غريبة أو خارج الموضوع فى مجتمع عبر الإنترنت مثل مجموعة الأخبار أو المنتدى أو غرفة الدردشة أو المدونة، بقصد تحريض القراء.

وفى استطلاع آخر، أجرته رابطة مكافحة التشهير، اكتشفت من خلاله أن ما يقرب من ثلث الدعاية المعادية للسامية التى تم ضخها عبر الإنترنت تأتى أيضا من البوتات، ويبدو أنه لا توجد طريقة لمعرفة من يقف وراءها.

وأصبحت دول العالم الكبرى تدرك خطورة الشائعات والأخبار الكاذبة فى عصر وسائل التواصل الاجتماعي. فى هذا العصر من التقدم التكنولوجى، بسهولة وسرعة تتحول الكذبة إلى معلومة يتداولها الجميع، والشائعة إلى قضية يؤمن الكثيرون بأهميتها.

من جانبها أسست وزارة الخارجية الأمريكية، مركز المشاركة العالمية، المستند إلى قانون مكافحة الدعاية الأجنبية وتضليل المعلومات، وتشمل المهام الرئيسية لهذا المركز، وضع إطار لإدماج البيانات والتحليلات المهمة حول جهود الدعاية الأجنبية والتضليل فى إطار تطوير الاستراتيجية الوطنية.

كما يقوم المركز بإنشاء عملية لدمج المعلومات حول جهود الدعاية الأجنبية والتضليل فى الاستراتيجية الوطنية، وتنسيق المشاركة بين الوكالات الحكومية للمعلومات حول جهود الحرب الإعلامية الحكومية الأجنبية، وأخيراً تطوير ومزامنة الأنشطة بين الوكالات لفضح ومكافحة عمليات المعلومات الأجنبية الموجهة ضد مصالح الأمن القومى للولايات المتحدة والروايات المتقدمة التى تدعم حلفاء الولايات المتحدة ومصالحها.