سالم أحمد سالم يكتب: «عمّ حنا العبيط»
حقيقة الأمر أننا مصابون بشعوراً لا إرادياً، نقول عكس ما نفعل، ونفعل عكس ما نقول.. أى أننا بحكم الطبيعة أشبه بالمختل العقلي الذى يهرول مسرعاً فى الشوارع والميادين ليصيح ويُصدر أصواتاً تخرج لا إرادية منه، الأمر الغير عقلاني أن جميعنا يخشى منه ويتجنبه فى الطرقات.. بعد أن نُطلق عليه «عمّ حنّا العبيط».
أتعجب ممن ينادوا دائماً بروح الرجل الواحد والنسيج الذى لم يري أى اختلافاً.. هؤلاء جعلوا من مجتمعنا ساحة كبرى لتمرير نفاقهم، بل أن الخِدع التى تتصدر حديثهم يصدقها فئة من المجتمع المُصاب باللاعقلانية.. الأيّام تسير دائماً فى اتجاه المستقبل وتترك كل ما يتم داخل خانة الذكريات، تلك التى لا نفتحها إلا بعد صدّامنا الخطير مع حدّيثهم المُزيف.
المشاهد تؤكد هروبنا وعدم وقوفنا بجانب عمِنا حنّا.. الذى تحوّل بسببنا وبسبب قسوة الأيّام إلى لاجئ يفترش الطرقات، رامياً نظره إلى تحت قدميه، مرعوب من نظرة أحدهم، خائفاً لا يجد مأوى، يمر شريط ذكرياته وهيئته التى أصبحت بالفعل كـ سجين داخل حبس انفرادي.. لم يري أُناساً يتحدث إليهم أو ماكينة حلاقة يهذب بها ذقنه، ليس الأمر عند هذا الحد فقط.. لكنه أصبح كارهاً لنا.
الأمر الطبيعي أنه يوماً بعد يوم يتحوّل إلى شخصاً عدوانياً.. من الممكن أن يذبح ويسفك الدماء دون تردد إن أُتيحت له الفرصة.. لن يسرق حتى لو خزائن البنوك فُتحت أمامه، هو لا يُرِيد المال بل يبحث عن العطف.. الأصدقاء الأهل الجيران الوطن النسيج الذى تتحدثون عنه.
أنتم السبب فى كل ما يحدث.. نظراتكم.. الكره.. الحِقد.. الغيرة.. الشعور بالنقص.. لماذا تتحدثون عن وجود وطن يضم، وإخوة تحتضن وفى المقابل تعملّون على إخفاء أنفسكم من حنّا ومن نراهم كل يوم يفترشون الشوارع.. آمنين بقسوة البرد هروباً وخوفاً منّا.. ارحموا من فى الأرض.