منظمات حقوقية: قانون التظاهر مقيد للحريات.. ويزيد من قمع الجهات الأمنية للمتظاهرين.. وعلى الشورى إعادة النظر فيه

منظمات حقوقية: قانون
منظمات حقوقية: قانون التظاهر مقيد للحريات.. ويزيد من قمع ال

عبرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وغيرها من المنظمات الحقوقية عن رفضها لمشروع قانون تنظيم الحق في التظاهر ، الذي يناقشه الآن مجلس الشورى وينطوي على تقييد مجحف للحق في التظاهر، ومحاولةَ تقييد حقوق وحريات أساسية للإنسان، كما رفضت أيضًا فلسفة القانون المقيِّدة للحق في التجمع والتظاهر، على نصوص القانون التفصيلية والتي تضمنت انتهاكاتٍ للحق في التظاهر والتجمع السِّلمي وللحق في الحياة.

وقد عبرت المبادرة المصرية عن هذا الموقف من قبل في تعليقاتها على محاولات سابقة لتقييد الحق في التظاهر، بداية من مشاريع القوانين المنظِمة للتظاهر، التي ناقشها مجلس الشعب في أبريل 2012قبل حله، مرورًا بأكثر من مسودة لمشروع قانون تنظيم التظاهر تم تسريبها من وزارة العدل بعد انتخاب الرئيس مرسي، كما اطلعت المبادرة المصرية على النسخة الأصلية من مشروع قانون التظاهر المقدمة من وزارة العدل، والتي أُقرت في مجلس الوزراء في فبراير 2013 للعرض على مجلس الشورى، وعلى النسخة المعدلة منه، والتي تم تداولها داخل الجلسة المشتركة للجنتيِّ حقوق الإنسان والأمن القومي والشئون العربية بالمجلس بتاريخ 3 مارس 2013.


وقد فسرت المبادرة أسباب رفضها لمشروع القانون بداية من أن مشروع القانون يهدف إلى تضييق تعريف التظاهر المشروع وتوسيع تجريمه ، حيث تتجسد فلسفة مشروع القانون، الذي يناقشه مجلس الشورى في الوقت الحالي، في تضييق تعريف أشكال التظاهر المسموح بها، فالمادة الرابعة منه تسمح بممارسة الحق في التظاهر على نحو لا يؤدي إلى الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو تعطيل مصالح المواطنين، أو قطع الطرق أو المواصلات، أو تعطيل حركة المرور، أو الاعتداء على الممتلكات أو حرية العمل، أو تهديد جدي لأيٍ مما تقدم. وهو تعريف فضفاض يشتمل على جملة من القيود غير المقبولة، التي ينتج عنها حصر التظاهر في فاعليات احتجاج قليلة العدد وضعيفة التأثير ومحدودة الحركة، بما يُفرِّغ معنى التظاهر من مضمونه و مغزاه.

مؤكدين أن الواقع الراهن في مصر يبين لنا كيف أن أغلب التظاهرات التي تحدث في القاهرة وغيرها من المدن سينطبق عليه حتمًا واحد أو أكثر من تلك المحاذير التي يفرضها القانون، وستخرج بوضوح من تعريف التظاهر المشروع ، وهو ما يحيلنا إلى سؤالٍ: هل يستهدف أصحاب هذا المشروع تجريمَ أفعال الاحتجاج والمطالبة التي ترسم ملامح الحالة السياسية والاجتماعية في مصر ما بعد الثورة، وبالتالي إنزال عقوبات على قطاع واسع ومتنوع من الشعب المصري، تحركه صوب الاحتجاج والتظاهر دوافعُ ومطالب سياسية واقتصادية واجتماعية مشروعة؟..

وأضافت المبادرة بأن نظرة القانون للتظاهر كخطر محتمل يجب احتواؤه، بإن الأصل في القوانين المنظمة للحريات- إن وجدت - هو أن تضيق من صلاحيات رجال السلطة العامة، لا أن توسعها إلى حدود فضفاضة، وهو ما يخالفه مشروع القانون الحالي الذي يُظهر بوضوح نيةَ منْ أعده في وزارة العدل أو الجهات الأمنية المختلفة، ومنْ قدم تعديلات عليه في مجلس الشورى، والذي تتملكه نظرة قاصرة مفادها أن التظاهر في الأساس ليس سوى تهديد وخطر يجب درؤه أو احتواؤه، وبغض النظر عن كون الأغلبية العظمى من التظاهرات التي تحدث في مصر اليومَ مظاهرات عفوية، بما يجعل من نص المادة الخامسة،ـ التي توجب على الراغبين في تنظيم مظاهرة تقديم إخطار كتابي إلى الشرطة قبل المظاهرة بثلاثة أيام،ـ نصًّا هلاميًّا معزولا عن الواقع، علاوة على استحالة تطبيقه. وحتى في تلك الدول التي تشترط الإخطار، لا يحق للسلطة أن تشترط توقيع مسئولين عن المظاهرة على أية أوراق، كما لا يجوز لها تحميل عدد من الأشخاص مسئولية قانونية أو غيرها نيابة عن جميع من شاركوا في المظاهرة.

وتابعت أن مشروع القانون يعطي الشرطة الحق في تفريق المظاهرات باستخدام القوة، بينما يدَّعي النص تنظيم وتقييد هذه القوة المستخدَمة من الشرطة في تفريق المظاهرات، إذ يستثني في المادة السادسة عشر من هذا التقييد والاشتراط في التدريج الحالات المقررة في قانون العقوبات وقانون هيئة الشرطة .، وهي ذاتها الحالات التي تُفقِد هذا التقييد معناه بالكامل. فقانون هيئة الشرطة الحالي يسمح بالفعل لرجالها باستخدام الرصاص الحي لتفريق المظاهرات.


كما تؤكد المبادرة المصرية على القواعد التي تلتزم بها الدول الديمقراطية التي تمتلك قوانينًا منظمة لهذه الحقوق، ومن ذلك الاشتراطات التي تنص عليها معايير منظمة الأمن والتعاون الأوروبي للحكومات الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المبدأ هو أن: كل فعل ليس مجرَّمًا صراحةً بالقانون لا سبيل إلى تقييده أو رهن ممارسته بالحصول على إذن مسبق ، التظاهر هو استخدام مشروع للمجال العام لا يقل في مشروعيته وأهميته عن النشاط التجاري أو الاستخدام المروري، أي محاولة لتنظيم حق أساسي كالتظاهر والتجمع السلمي من قِبَلِ الدولة يجب أن تتسم بالتناسب، وأن تنحاز إلى الحق في التظاهر والتجمع السلمي. و لا تنجح عادة في اجتياز اختبار التناسب هذه التشريعات التي تحتوي نصوصًا شديدة التعميم في وصفها للحالات التي تسمح بتدخل من الدولة. وفي جميع الأحوال، يلتزم المشرِّع بالتأكيد على مشروعية التظاهرات والتجمعات العفوية، وأن التظاهر والتجمع السلمي حق مكفول أيضًا للتنظيمات غير المسجلة، وللأقليات سواء كانت أقليات عِرقية أو سياسية أو اجتماعية، يكون لها آراء لا تلقى تأييدًا مجتمعيًّا واسعًا، كما أنه حق مكفول للاجئين وطالبي اللجوء السياسي وللأجانب والسياح.

وتؤكد المبادرة بأنه على مجلس الشورى إعادة النظر في أولويات التشريع لضمان حماية الحقوق الأساسية للمواطنين أولًا،، وترى المبادرة المصرية أن أولويات التشريع في مصر مضطربة، وغير منضبطة ببوصلة المجتمع واحتياجه للحرية، فالتشريعات الملحة الآن يجب أن تتجه لتنظيم السلطات وضبط صلاحياتها الواسعة وإنهاء تلك الحالة المستمرة من الإفلات التام من المحاسبة التي لم تزل السلطات العامة وبخاصة الشرطة تتمتع بها، وأنه يجب أن تنصَبَّ أولويات التعديلات التشريعية على قانون هيئة الشرطة والقرارات الإدارية المنظِّمة لاستخدام الشرطة للقوة في تفريق المظاهرات والتي تسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المظاهرات. وعلى المجلس التشريعي المصري أن يقوم بمراجعة شاملة لأولوياته التشريعية إذا أراد إصلاح علاقة المواطن في مصر، والتقليل من وتيرة العنف والمواجهات الراهنة والوصول إلى الاستقرار السياسي.