إعادة إعمار العراق.. حيلة قطر لإنقاذ الشركات الإيرانية
لا يتوانى نظام تميم عن نجدة حليفه الملالي،
سعيا لرد الجميل له بعد أن ارتمى في أحضانه عقب المقاطعة العربية للدوحة بسبب دعم الإرهاب.
وتسعى إيران هذه الأيام للتحايل على العقوبات
الأمريكية، وذلك من خلال تنفيذ مخطط صاغته منذ فترة للاستفادة من جهود إعادة إعمار
المناطق المحررة في العراق بعد هزيمة تنظيم داعش.
فقد كشفت مصادر عراقية أن طهران استعانت
بميليشيات الحشد الشعبي وبعض قادة ما يعرف بالحشد العشائري من السنة، لإحكام السيطرة
على المفاصل الأمنية للمناطق المحررة من تنظيم داعش، تمهيدا لتنفيذ مشاريع اقتصادية
عبر شركات إيرانية ستتولى إعادة إعمار تلك المناطق.
ولم تجد طهران أفضل من الدوحة لتنفيذ هذا
المخطط، حيث كونت إيران تكتلات سياسية موالية لها في البرلمان، مثل كتلة "بناء"
بزعامة جمال الكربولي ورئيس تحالف المحور الوطني خميس الخنجر المدعوم من قطر، من أجل
إحالة مشاريع إعادة الإعمار إلى شركاتها.
وكان الخنجر قد استقبل نائب رئيس الوزراء
وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قبل أيام في بغداد، وهي الزيارة التي
لم تكن مجدولة مسبقا وارتبطت بمباحثات مع المسؤولين العراقيين بشأن اعتماد المصارف
القطرية بديلاً للتحويلات المالية إلى طهران، بعد إعلان بغداد التزامها بالعقوبات المصرفية
الأمريكية على النظام الإيراني.
كما أوضحت المصادر أن طهران تعتزم إرسال
شخصيات ووفود سنية عراقية إلى عدد من الدول العربية في محاولة للحصول على منح وأموال
بدعوة مساعدة المناطق المحررة، قبل إسناد المشروعات إلى شركات تعمل من الباطن لصالح
شركات إيرانية مشمولة بالعقوبات الأمريكية.
وبعد نجاح الجيش العراقي بدعم من التحالف
الدولي في دحر تنظيم داعش في عدد من المحافظات، انتهاء بإعلان تحرير الموصل في يوليو
2017، سارعت طهران إلى حجز مقعد لها على طاولة مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي رعته
الكويت في فبراير 2018.
ووسط تعهدات من دول عدة تقديم ما مجموعه
30 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب على داعش في العراق، لم تقدم
طهران أي وعود واكتفت بحضور المؤتمر فقط، وهو ما أرجعه مراقبون إلى تركيز النظام الإيراني
على الظفر بأموال المانحين عبر الشركات الإيرانية التي سيسند إليها مهمة تنفيذ المشروعات
عبر أذرع إيران العسكرية والسياسية بالعراق.
وأصبح الخط الفاصل بين الشركات الخاصة وتلك
التي تديرها الدولة في إيران غير واضح، حيث يهمين الحرس الثوري المدرج على لائحة العقوبات
الأمريكية، على الاقتصاد، بينما تعمل الشركات التابعة له تحت أسماء مزيفة داخل وخارج
البلاد.
ويمكن النظر إلى ما حدث في سوريا ولبنان
على أنه نموذج لما سيحدث في الموصل والمناطق المحررة بالعراق، فقد وقعت طهران العديد
من الاتفاقيات مع دمشق بما في ذلك بناء شبكة للهاتف المحمول إضافة إلى مشروعات في مجالات
التعدين والزراعة.
وفي لبنان، أنشأ الحرس الثوري "اللجنة
الإيرانية لإعادة إعمار لبنان"، بعد حرب عام 2006، من أجل إعادة بناء المناطق
التي يسيطر عليها حزب الله في الجنوب اللبناني.
وبالعودة إلى العراق، فقد التقى العميد السابق في فيلق القدس ايرج مسجدي، الذي
عين فيما بعد سفيرا لدى العراق، مع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، في أبريل عام
2017، لمناقشة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقالت وكالة فارس التابعة للحرس الثوري
في حينها إنه يجب على إيران بذل جهود للمشاركة بنشاط في إعادة بناء الموصل وغيرها من
مدن العراق التي مزقتها الحرب وتصدير الخدمات التكنولوجية والهندسية الإيرانية وغيرها
من السلع التي يحتاج إليها العراق.
وكان خبراء اقتصاديون في إيران قد أشاروا إلى أن قرب إيران جغرافيا من الموصل سيسمح للشركات الإيرانية بتنفيذ مشاريع البناء بتكلفة أقل، مما سيسهم في تصدير العديد من السلع الراكدة حاليا في إيران بسبب التدهور الاقتصادي، مثل الأسمنت والبلاط ومواد البناء الأخرى.