صحيفة ألمانية ترصد أوضاع اقتصاد إيران المتدهور
ألقت صحيفة "دي تسايت" الألمانية
الضوء على أوضاع الداخل الإيراني المتردية اقتصادياً، في ظل التخبط الحكومي منذ سريان
حزمتي عقوبات واشنطن، لا سيما الثانية منها التي تطال قطاعات نفطية ومصرفية واسعة النطاق.
وأشارت الصحيفة الألمانية الأسبوعية، في
تقرير مطول لها، إلى أن الولايات المتحدة تهدف من خلال إعادة فرض تلك العقوبات والتي
تمس في مقدمتها قطاع التصدير النفطي بأكمله إلى عزل نظام إيران عن العالم، خاصة بعد
أن أدرجت أغلب شركات الخطوط الجوية والبحرية الإيرانية على القائمة السوداء لوزارة
الخزانة الأمريكية؛ فضلاً عن تقليص الصلة بالنظام المصرفي الدولي "سويفت".
"دي تسايت" ألمحت إلى أن العقوبات
الأمريكية التي تطال قطاعات اقتصادية عدة يمكن أن تمهد أرضية لاندلاع احتجاجات شعبية
عارمة ضد النظام الحاكم منذ قرابة 40 عاماً، بسبب المصاعب المعيشية التي باتت تهدد
العديد من الفئات الاجتماعية الفقيرة نسبياً، على حد قولها.
مراسلة الصحيفة لدى إيران التقت فناناً
شاباً يبلغ من العمر 29 عاماً، ويقطن أحد أقاليم الشمال الإيراني، لافتاً إلى أن الإيرانيين
باتوا يرغبون في التغيير بسبب حالة العزلة التي تواجهها بلاده في ظل العقوبات، مشيراً
إلى أنهم غاضبون ويخرجون للتظاهر في الشوارع.
الفنان الإيراني الشاب رفض الإفصاح عن هويته
لأسباب أمنية، مؤكداً أن كلفة المنتجات اليومية في إيران باتت باهظة للغاية في ظل التضخم،
بينما تقلصت رواتب الموظفين والعمال بشكل حاد، منوهاً إلى أن أحد أصدقائه يعمل مهندساً،
وكان يتقاضي مطلع العام الحالي قرابة 400 يورو غير أن قيمة أجره الشهري انخفضت لأكثر
من النصف، وفق قوله.
وباتت إيران تواجه أزمة نقص واضح في معدلات
الإنتاج المحلي من حيث الكم والكيف، وفقاً للصحيفة، بحيث أصبحت الأمور أصعب حال الرغبة
في شراء منتج ذات جودة جيدة ورخيص الثمن نسبياً، وسط عزوف للمستهلكين لأنهم لم يعد
لديهم الكثير من المال، يقول الشاب الإيراني.
ورصدت الصحيفة الأسبوعية الصادرة من برلين
تزايد معدلات البطالة في طهران بمعدل يزيد على نصف الشعب البالغ قرابة 80 مليون شخص،
رغم حصول الكثير من الشباب في البلاد على شهادات جامعية إلا أن أغلبهم يواجه عوائق
في الحصول على فرص عمل لائقة، إضافة إلى عمل بعضهم لأكثر من دوام يومي بغية تأمين النفقات
المعيشية لهم ولأسرهم؛ فيما يفضل عدد كبير منهم مغادرة البلاد بسبب اليأس من الأوضاع
الراهنة.
ووفقاً لـ"دي تسايت" باتت أوضاع
البلاد المضطربة بسبب تردي خدمات البنية التحتية وتدني قيمة العملة المحلية أمام نظيرتها
الأجنبية إلى جانب زيادة أسعار المواد الغذائية بمعدل الضعفين أسباب دافعة للناس العاديين
في تحويل مدخراتهم البنكية إلى الدولار الأمريكي في ظل تراجع قيمة الريال الإيراني.
وتزايدت وتيرة سحب عملاء البنوك المحلية
ودائعهم المالية لاستثمارها على نحو عاجل في شراء وبيع البضائع للتربح من فروق أسعار
السوق على سبيل المثال؛ فيما أصبحت المصارف تفقد عملاءها والناس لم يعودوا يثقون بهم
بسبب الخوف من تداعيات المستقبل، بحسب الصحيفة.
واعتبرت الصحيفة الألمانية نقلاً عن الشاب
الإيراني أن إحدى المشاكل الرئيسية داخل بلاده، تتمثل في إهدار النظام الحاكم ثروات
البلاد على طموحاته العسكرية في دول الجوار، دون النظر في معالجة الأزمات المتزايدة
بالداخل، وسط غضب متنامٍ من الإيرانيين الرافضين لتلك السياسات التوسعية على حساب تحسين
أوضاعهم الصعبة.
وأكدت أن تظاهرات الإيرانيين في الداخل
باتت تتحدى سلطة رجال الدين وكذلك سوء الإدارة الحكومية والاقتصادية، فضلاً عن تزايد
مظاهر البذخ لأبناء الأثرياء أو النخبة المسيطرة على ثروات بلادهم، بينما يبدو الرئيس
الإيراني حسن روحاني ضعيفاً إزاء تصاعد أصوات المنتقدين له.
واختتمت "دي تسايت" الألمانية تقريرها بالقول إن المرشد الإيراني علي خامنئي ومليشيا الحرس الثوري يقبضان على السياسات العامة للبلاد، والتي ترتكز على أساس أيدولوجي معادٍ للغرب والولايات المتحدة، وسط صلاحيات محدودة للسلطة التنفيذية، غير أن الكثير من الإيرانيين باتوا رافضين لهذا الأمر، وأصبحت لديهم الرغبة في الانفتاح على العالم بعد سنوات من الحظر دولياً.