"دايلي تلغراف": على إيران والديمقراطيين تقبل الواقع
أكد محرر الشؤون الخارجية والدفاعية في صحيفة "ذا دايلي تلغراف" البريطانية كون كوغلين، أنّ أي أحد يأمل بحدوث تغييرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية بسبب نتائج الانتخابات النصفية سيصاب بخيبة أمل عميقة.
وكتب في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، أنّ النظام الإيراني، وبعد تعرضه لعقوبات جديدة بداية الأسبوع، سيبحث عن أي صدع محتمل في موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث سيشعر الإيرانيون ودول أخرى في العالم، ممن لا تحب حكوماتها أسلوب ترامب الفريد في الحكم، براحة أولية من النتيجة التي أعطت الديموقراطيين الغالبية في مجلس النواب.
إنّ المجموعات الضاغطة المناهضة لترامب في الإعلام استغلت هذا الإنجاز المتواضع للادعاء بأنّ هذه هي بداية النهاية لرئاسة ترامب وبأنّ الديموقراطيين خطوا الخطوة المهمة الأولى من أجل إخراج الرئيس الجمهوري من البيت الأبيض، لكن هذا الموقف يرتبط بالتمنيات أكثر من ارتباطه بالعلاقة بين نتائج الانتخابات وتأثيرها على قرارات ترامب. على العكس من ذلك.
وكما توضّح من خلال إقالة الرئيس الأمريكي لوزير دفاعه المثير للمتاعب جيف سيشنز مباشرة بعد صدور النتائج، يبدو ترامب أكثر تصميماً على المضي قدماً في أجندته السياسية الجذرية.
بالنسبة إلى الحقيقة غير المستساغة التي يجب على الديموقراطيين وداعميهم القبول بها، إنّ ما يسمونها "موجة زرقاء" من الدعم الشعبي فشلت بالتجسد، باستثناء كسب بضعة مقاعد إضافية في مجلس النواب وهي الغرفة الصغرى في الكونجرس، كذلك يجب عليهم تقبل أنهم خسروا بقوة في مجلس الشيوخ أمام الجمهوريين الذين عززوا موقعهم فيه وعززوا أيضاً سلطة ترامب الرئاسية.
يضيف كوغلين، أنّ مجلس الشيوخ لا النواب هو الذي يملك الإمكانية الكبرى على إحباط إرادة الرئيس تحديداً في ما يتعلق بالتعيينات في المناصب البارزة مثل المحكمة العليا وفي ما له صلة بالسياسات الكبرى كالسياسة الخارجيّة. لهذا السبب، ركز ترامب حملته الهائلة على دعم المرشحين إلى مجلس الشيوخ بدلاً من أولئك الذين ترشحوا إلى المجلس النيابي. وكافأ هذا التكتيك الرئيس الأمريكي بقوة وجعله مرشحاً للفوز بالانتخابات الرئاسية سنة 2020.
من المتوقع بشكل واسع أن يستغل الديموقراطيون موقعهم في البيت الأبيض لشن حرب عصابات ضد رئاسة ترامب في مسائل تبدأ بحياته الخاصة وتصل إلى اتهامات مرتبطة بعلاقات مزعومة مع روسيا. لكن هذه الهجمات ليست جديدة بالنسبة إلى ترامب الذي تعرض لها منذ استلامه البيت الأبيض لكنّه كان محصناً ضدها بشكل لافت. يشير كوغلين إلى أنّ اتّباع أجندة كهذه ليس خالياً من المخاطرة.
تظهر نتائج الانتخابات النصفية، أنّ معظم الأمريكيين مهتمون بحالة الاقتصاد أكثر من مخالفات ترامب المزعومة وأنّ إطلاق حملة إعلامية فضائحية ضده قد يرتد على مستقبلهم الانتخابي. علاوة على ذلك، قد يكون مجلس النواب قادراً على توجيه اتهام للرئيس لكنّ الكلمة الأخيرة حول مصيره الرئاسي تعود إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون والذين على الأرجح لن يعاقبوا جمهوريّاً في البيت الأبيض.
بعيداً عن أن يكون قد وجد نفسه في وضع غير مناسب، يستعد ترامب لتعزيز إرثه في السياستين الداخلية والخارجية. في الشرق الأوسط، سيستمر الضغط الأمريكي على إيران وستستمر أيضاً مواصلة احتواء التهديد الذي تفرضه المجموعات الإسلامية مثل داعش والإخوان المسلمين. إنّ قدرة الديمقراطيين على تحدي مقاربة ترامب في هذه المسائل وغيرها هي محدودة في أفضل الأحوال. فللرئيس سلطة تنفيذية لقيادة السياسة الخارجية من دون الرجوع دوماً إلى الكونغرس. وفقط حين يكون التشريع مطلوباً، كما في العقوبات على إيران، يطلب البيت الأبيض دعماً منه. حتى في حال غياب هذا الدعم يمكن للرئيس اللجوء دوماً إلى الأوامر التنفيذية التي استخدمها أوباما باستمرار للالتفاف على الكونغرس.