صفاقس: انطلاق موسم جني الزيتون بمؤشرات ضعيفة في مستوى الإنتاج
انطلق، الأحد، موسم جني الزيتون في ولاية صفاقس وسط توقعات بمؤشرات ضعيفة من حيث الكميات المنتظر إنتاجها، وتوجس من تواصل أزمة الترويج والأسعار التي عصفت بالقطاع في السنة الفارطة واستياء لدى عدد كبير من الفلاحين من ظاهرة سرقة المحاصيل التي بدأت ملاحظتها حتى قبل الانطلاق الرسمي للموسم.
وقد أعطيت، على غرار كل سنة، إشارة انطلاق عملية الجني في موكب رسمي اشرف عليه والي صفاقس، عادل الخبثاني، في إحدى الضيعات للفلاحة السقوية في منطقة الحاجب من معتمدية طينة بحضور عدد من إطارات الهياكل الفلاحية المهنية والإدارية في الجهة.
وتتوقع مصالح المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس انحدارا كبيرا في الإنتاج خلال الموسم الجديد ينزل إلى ما دون 46 ألف طن من الزيتون لا يمكن أن تعطي أكثر من 10 آلاف طن من الزيت مقابل 80 ألف طن في موسم الفارط الذي كان موسما هاما ارتفع فيه انتاج صابة الزيتون إلى قرابة 330 ألف طن.
ودعا نائب رئيس النقابة التونسية للفلاحين، فوزي الزياني، في رده على سؤال يتعلق بتشكيات عدد من الفلاحين من تواصل ظاهرة نهب المحاصيل إلى ضرورة أن تشدد الوحدات الامنية الملاحقة على اللصوص وأن تطبق القوانين ضدهم. كما اقترح إحداث جهاز أمن فلاحي على غرار الأمن السياحي والشرطة البيئية تكون له من وسائل العمل (السيارات رباعية الدفع بالأساس) والإمكانيات البشرية ما يمكنه من حماية الصابة سيما وأنها من مقومات الحفاظ على الأمن الغذائي والتوازن الاقتصادي للبلاد بحسب تعبيره.
ودعا الزياني، من جهة أخرى، إلى حماية الفلاح من انسداد آفاق الترويج وارتفاع الكلفة وتواصل انزلاق الدينار، مبينا أن ذلك "يمر ضرورة عبر استعادة ديوان الزيت لدوره التقليدي والأساسي" المتمثل في اقتناء كميات من الزيت منذ بداية الموسم بما يساعد على تعديل الأسعار وإعطاء رسالة جيدة للموردين في السوق العالمية من خلال دخوله كدولة في المنظومة وتعطي دفعا وثقة في المنتجين المحليين، وفق قوله.
وقد تراوحت أسعار الكيلوغرام الواحد للزيتون في سوق قرمدة اليوم بين 800 مليما ودينار للكيلوغرام الواحد وهو سعر لا يرتقي لانتظارات الفلاح ولا يغطي الكلفة المرتفعة بحسب نائب رئيس النقابة التونسية للفلاحين.
وحذرت بعض الهياكل المهنية الأخرى، من بينها الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بصفاقس، على لسان رئيسها عبد الرزاق كريشان، في تصريح إعلامي بمناسبة افتتاح موسم جني الزيتون من خطر تجدد الأزمة التي عصفت بالقطاع في الموسم الفارط نتيجة انسداد آفاق الترويج لصابة هامة. ودعا كريشان الحكومة إلى عدم إثقال كاهل أصحاب المعاصر والمنتجين بالضرائب لا سيما في هذا الظرف الصعب الذين يعانون فيه من تبعات الأزمة.
ويجدر التذكير، في هذا الصدد، أن عددا من المستغلين لضيعات الزياتين وأصحاب المعاصر نفذوا سلسلة من التحركات الاحتجاجية في السنة الماضية بسبب تكبدهم لخسائر مالية ضخمة بلغت بالنسبة للبعض منهم المليوني دينار وأمام تفاقم مديونيهم التي تهددهم بالإفلاس وفق تصريحات العديد منهم آنذاك.
وينتظر، تبعا لتواصل مخلفات الأزمة وضعف كميات الإنتاج هذه السنة أن لا تفتح عديد المعاصر أبوابها لتحويل المنتوج حيث توقع فوزي الزياني أن تفتح 80 معصرة فقط من مجموع 450 معصرة تعدها الجهة أبوابها علما وأن السنة الفارطة عرفت اشتغال 300 معصرة. وبدت مؤشرات هذا العزوف من خلال الغياب شبه الكلي لأصحاب المعاصر في سوق الزيتون خلال اليوم الافتتاحي للموسم.
وحمل عبد الرزاق كريشان أزمة القطاع إلى ثلاثة أطراف هم بحسب تعبيره "المتطفلون على القطاع" وديوان الزيت ووزارة الفلاحة، معتبرا أن الطرفين الأخيرين قاما في السنة الفارطة بمغالطات بشأن الأسعار التي لا يمكن أن يحددها إلا قاعدة العرض والطلب والأسواق العالمية، وفق قوله.
واعتبر أن المؤشرات الخارجية لسوق الزيت العالمي خلال هذه السنة ليست ملائمة، وفق قوله، ولا تحمل الأسعار المتداولة فيها آفاقا للخروج من الأزمة بالنسبة للمهنيين التونسيين، داعيا إلى تدخل الدولة من خلال إحداث صندوق في قانون المالية الجديد يمكن من تمويل الموسم ويحد من مضاعفات المديونية المتخلدة بعهدة المهنيين وشطط نسب الفائدة وخطايا التأخير.
في المقابل، لم تطرح هذه السنة إشكالية نقص اليد العاملة التي كانت تطرح في السابق وذلك في ظل ضعف الانتاج، كما تتوقع المصالح الفلاحية أن يكون للأمطار الهامة التي عرفتها الجهة خلال هذه السنة انعكاس إيجابي على صابة الزيتون في الموسم القادم.
وتضمن برنامج الاحتفال بانطلاق موسم الجني لهذه السنة زيارة الوالي ومرافقيه إلى سوق الزيتون بطريق قرمدة الذي يعد بورصة لتداول منتوجات الزيتون القادمة من مختلف ضيعات صفاقس وعديد ولايات الجمهورية بيعا وشراء حيث استقبل اليوم 17 شاحنة جلها من صفاقس مع غياب شبه كلي لأصحاب المعاصر وبالتالي لعملية البيع والشراء.
وتمت كذلك زيارة معصرة على ملك أحد الخواص بالمنطقة قبل أن تتم معاينة مصب المرجين التابع لشركة خدمات المعاصر ببولذياب من معتمدية عقارب وهو مصب يثير استياء عدد كبير من أهالي هذه المعتمدية الذين يعتبرونه مصدر تلوث في بيئتهم.
يذكر أن ولاية صفاقس تعد قرابة 9 مليون شجرة زيتون من مجموع 88 مليون شجرة وطنيا وتسهم بإنتاج ما بين 20 و30 بالمائة من المنتوج الوطني وبحوالي 40 بالمائة من الطاقة التحويلية للزيتون.