الأقصر في عيدها القومي "الناس متعرفش".. وآراء الشارع بكيفية الاحتفال بالأعوام المقبلة
لكل عيد رؤيا تسبقه للإعلان عنه، واستعداد الأهالي للاحتفال به، والأعياد القومية للمحافظات دائمًا ما يسبقها ترتيبات وإعلانات، كحق واجب لمشاركة المواطنين بهذا الحدث، دون اقتصاره على شخصيات بعينها، حتى لا يخرج الاحتفال في النهاية "حبر على ورق".
وعلى عكس ذلك، فوجئ أهالي الأقصر، بأن العيد القومي للمحافظة، اليوم الأحد، بل إن العديد منهم لا يعلموا بهذه المناسبة حتى كتابة هذا التقرير الذي أعدته الفجر، لسبب عدم معرفة أهالي المحافظة بهذه المناسبة، واستطلاع آراء الشارع حول كيفية الاحتفال به في الأعوام المقبلة.
بالعودة إلى الماضي منذ العهود الفرعونية، كانت تشهد الأقصر عيدين سنويًا، أولهما عيد الوادي، وكان يحتفل به خلال فترة الدولة الوسطى وما بعدها، في اليوم الأول من أغسطس، عندما يحدث انغمار الأراضي الزراعية بمياه الفيضان، ويتم من خلاله تكريم الموتى، ويستمر لعدة أيام، وفي بدايته يقود الإله آمون موكب من الشرق إلى الغرب عبر النيل، في احتفال مليء بالألوان والبهجة وتقديم الزهور التي توضع على قبور الموتى احترامًا لهم.
أما العيد الثاني قديمًا، فكان "عيد الابت الجميل، الذي بدأ في عصر الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة " آمون وموت وابنهما خونسو"، مخفيين عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير، من معبد آمون في الكرنك، إلى معبد الأقصر، في رحلة تمتد لأكثر من كيلومترين، وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء أمون رع من الكرنك مع أمون الأقصر، وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال الإبت، وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك.
وبمرور الزمن واختفاء تلك الاحتفالات، وصدور قرار جمهوري رقم 378 لسنة 2009 في 9 ديسمبر 2009، بإنشاء محافظة الأقصر، ظل هذا التاريخ عيدًا قوميًا سنويًا لها لمدة 5 سنوات متتالية، حتى صدور قرار من مجلس الوزراء في عام 2015 بتعديل موعد الاحتفال بالعيد القومي للأقصر للرابع من نوفمبر من كل عام، والذي يوافق ذكرى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
وفي أول عيد قومي للأقصر بعد التعديل الجديد، في الرابع من نوفمبر 2015، شهدت المحافظة احتفاليات ضخمة، بدأت برحلة بالون طائر في الصباح الباكر، بمشاركة العديد من الأهالي، تلاها عروض موسيقية وفنية بشوارع الأقصر الرئيسية والميادين، واختتمت بعرض أبورالي بساحة معبد الدير البحري، بحضور وزير الآثار ورئيس دار الأوبرا المصرية ومحافظ الأقصر، وجموع خفيرة من المواطنين والسياح الأجانب، والعديد من نجوم الفن والسينما.
أما في 2016، احتفلت الأقصر بعيدها القومي، في حضور وزير الآثار، والتي انطلقت بزيارة لمقبرة الملك توت عنخ آمون، أعقبها العديد من الفعاليات خلال ذلك اليوم، وفي 2017، شهدت المحافظة في عيدها بالتزامن مع اختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية العديد من الفعاليات والمؤتمرات الثقافية والفنية وورش العمل بالتعاون مع عدد من الدول العربية، والعروض الفنية المتنوعة.
ولم تظهر ملامح احتفال المحافظة هذا العام بعيدها، من خلال الإعداد والإعلان المسبق لذلك، ليأخذ الاحتفال طابع الخصوصية بثقافة الأقصر فقط، من خلال افتتاح معرضًا للصور النادرة، تحت عنوان " أهل الأقصر في مائة عام"، أعقبها معرضًا لبيع الصناعات اليدوية، وعرض فيلم تسجيلي عن الأقصر في مائة عام، والذي كان الإقبال عليه ضعيفًا جدًا لعدم وجود دعاية سابقة له.
كما يضم برنامج الثقافة للاحتفال بعيد الأقصر القومي، والذي لم يعلن عنه سابقًا، تنظيم أمسية شعرية لـ5 شعراء من أبناء المحافظة، وتنظيم عرضًا لفرقة الموسيقى العربية بقصر ثقافة العوامية.
وباستطلاع آراء الشارع الأقصر، عن عدم ظهور ملامح مسبقة أو إعداد للاحتفال بالعيد القومي للأقصر، أشار مصدر بثقافة الأقصر، إلى أن الأعوام السابقة، كان يتم إعلان جميع الجهات المعنية وسلطات المحافظة بموعد الاحتفال لعمل برنامج مشترك، للخروج باحتفال يتناسب مع قيمة الأقصر الحضارية، وجعله حدثًا هامًا تتناوله جميع وسائل الاعلام بهدف الترويج للمحافظة الأثرية، وهذا الأمر لم يحدث خلال هذا العام.
و قال الطيب عبد الله، مرشد سياحي، تعقيبًا على هذا الأمر، إن مسئولي جميع الجهات في الأقصر أصبحوا كلا يغني على ليلاه، مما تسبب في ضياع خريطة الأقصر، دون التكاتف لعمل شيء ايجابي يروج للمحافظة السياحية.
وأضاف، أنه لابد من تنظيم حدث كبير بمناسبة عيد الأقصر القومي، يتناسب مع مكانتها التاريخية، شبيه بالاحتفالات القديمة التي كانت تنظم في العصور الفرعونية، ليصبح حدث عالمي هام سنويًا تحظى به المحافظة، ويشارك فيه العديد من السياح بالحضور من مختلف دول العالم.
وفوجئ محمد حسني، أحد الأهالي، بأن هذا اليوم، عيدًا قوميًا للمحافظة، معلقًا على ذلك، بأنه كان يشهد في العديد من الأعوام السابقة قبل هذا الحدث، استعدادات كبيرة، بجانب الإعلان عن البرامج التي تقام، ومن ثم مشاهدة الكرنفالات في الشوارع والعروض التي يتم تنظيمها، ويخرج لها المواطنين خصيصًا لمشاهدتها وسط فرحة وبهجة.
ورأى بدوي محمد، أحد الأهالي، الذي لم يعلم بأن هذا اليوم عيدًا قوميًا للأقصر، أنه من المفترض تنظيم فعاليات كبرى لهذه المناسبة، ولكن ليس اقتصارها على العروض الفنية فقط، ولكن بعمل افتتاحات لمشروعات جديدة تسعد المواطنين وتضفي عليهم فرحة حقيقية، بجانب الإعلان عن مشروعات جديدة في الخطة السنوية الجديدة من قبل المسئولين.