في ذكرى التعويم.. الاقتصاد يتعافى والمواطن قيد الأزمات
يحل يوم 3 نوفمبر الذكرى الثانية لتطبيق قرار تحرير سعر الصرف، والذي جاء كخطوة من خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي، بعد تعرض الاقتصاد المصري لحالة من الضعف، وقلة النقد الأجنبي، وضعف الاستثمارات.
واليوم.. نستعرض تأثير القرار على بعض القطاعات، حيث اعتبر البعض القرار أنه خطوة لابد منها، والبعض رأى أنه أضر بعض القطاعات، ولكن أجمع الجميع على أن المواطن هو من تحمل قسوة تبعات القرار .
تحرير سعر الصرف كان ضرورة ملحة
أكد الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، أن قرار تحرير سعر الصرف كان ضرورة ملحة، موضحًا أن أي قرار له سلبيات وإيجابيات، حيث أدى اتخاذ القرار إلى استقرار سعر الصرف، ووجود سعر موحد دون مضاربات، واختفاء السوق السوداء، بالإضافة إلى تعافي الاقتصاد المصري، وزيادة حصيلة مصر من الدخل الأجنبي.
وأوضح "الفقي"، خلال تصريحات خاصة، أن تحرير سعر الصرف أسفر عن وجود سعر واقعي للدولار أمام الجنيه وفقا لقوى العرض والطلب، لافتا إلى أن القرار خلق مناخ استثماري جاذب للمستثمرين، وعمل على زيادة الصادرات السلعية، حيث أصبح المنتج المصري رخيص الثمن، وأكثر تنافسية في الأسواق العالمية، فقد ارتفعت قيمة الصادرات المصرية خلال عامين من 21 إلى 25 مليار دولار.
ولفت إلى أن القرار أسهم في جعل المصريين في الخارج يحولون أموالهم إلى البنوك المصرية بدلا من تغييرها في السوق السوداء، حيث وصلت قيمة تحويلات المصريين في الخارج إلى 26 مليار جنيه، وكلها تصب في البنوك، فضلا على زيادة الإقبال على المقاصد السياحية نتيجة رخص قيمة الخدمات السياحية.
أما السلبيات، أشار "الفقي"، إلى أن تحرير سعر الصرف أدى إلى ارتفاع الأسعار، فتأثرت الطبقة المتوسطة من المصريين والتي تشكل 70% من المجتمع المصري، كما ارتفع بند دعم الطافة في الموازنة العامة، حيث تستورد مصر 50% من احتياجاتها من الخارج، فزاد عجز الموازنة.
واستطرد أن فوائد الدين العام لخارجي قفزت بعد تحرير سعر الصرف، مما تتطلب فرض مزيد من الضرائب لنعادل الزيادة في الإنفاق الناتجة عن ارتفاع بند دعم الطاقة، وزيادة فؤائد الدين، والذي بدوره القى مزيد من العبأ على كاهل المواطن.
وأكد أن الدولة حاولت تدارك الآثار السيئة التي لحقت بالمواطن جراء اتخاذ القرار، فعلى سبيل المثال تحملت زيادة الأسعار الناتجة عن ارتفاع أسعار البناء في مشروعات الإسكان، ولم يتحملها المواطن، كما أنها رفعت أسعار الفائدة في البنوك لتخفف من السيولة.
ونوه بأن معدل التضخم وصل في يونيو 2017 أي بعد تحرير سعر الصرف بحوالي 7 شهور إلى 35%، بينما في سبتمبر 2018 وصل معدل التضخم إلى 14,5% مما أسفر عن شعور المواطن ببعض التحسن في الأسعار.
خسرنا 40 مليار جنيه في عامين.
قرار تحرير سعر الصرف لم يحقق الآمال لقطاع البورصة
ورأى بشر الحسيني، خبير أسواق مال وعضو الجمعية المصرية للاستثمار، أن قرار تحرير سعر الصرف لم يحقق الآمال لقطاع البورصة، حيث يعاني السوق من قلة السيولة، وخروج بعض المستثمرين.
ولفت "الحسيني"، خلال تصريحات خاصة، إلى أنه لا يوجد خطة واضحة لطرح الطروحات الحكومية التي تم الإعلان عنها في 2017، موضحا أن مؤشر البورصة انخفض بشكل عام، فقد وصل حجم الخسارة في السوق خلال العامين الماضيين حوالي 40 مليار جنيه.
ونوه بأن القرار كان له آثار سلبية على الاستثمار غير مباشر، ولكنه حقق المرجو منه على مستوى الاستثمار المباشر حيث افتتح العديد من المشروعات الجديدة وخاصة في مجال الإسكان، معتبرًا أن توجه الدولة لقطاع معين بصورة أكبر أحدث اختلال، وتسبب في زيادة نسبة التضخم، ومن ثم ارتفاع الأسعار.
الإنتاج هو الحل
ومن ناحيته قال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن قرار تحرير سعر الصرف في هذا التوقيت كان لابد منه، حتى يكون هناك آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي لمصر تساعد في نقلها نقلة محورية.
ولفت "العسقلاني"، خلال تصريحات خاصة، إلى أن تحرير سعر الصرف ساهم في تقليل الفجوة الاسترادية، فكنا على سبيل المثال نستورد الزجاج من تركيا والصين، فأصبحنا نجده في مدينة بسوس.
ونوه بأنه لا يوجد قرار إيجابي على المطلق، أو سلبي على المطلق، معتبرًا أن إيجابيات وسلبيات القرار متساوية، ولكن المواطن تحمل الفاتورة الأكبر للقرار حيث ارتفعت قيمة الغذاء والخدمات التي يحصل عليها نتيجة أن مدخلات تلك الخدمات نحصل عليها من الخارج بالدولار.
وأشاد بقدرة المواطن المصري على تحمل تبعات القرار، مؤكدًا أن المواطن تحمل أمور لم يتحملها طوال تاريخه، ولديه استعداد يتحمل أكثر في سبيل عدم انهيار بلده، فرغم قساوة الإجراءات لم يحدث إنهيار في سلامة البناء الاجتماعي كم كان متوقعا.
و أكد "العسقلاني"، أن الحل لتقليل الآثار السلبية للقرار يتمثل في الإنتاج من خلال فتح المصانع المغلقة، والتوجه لإنشاء مشروعات جديدة التي تركز على الإنتاج، لافتًا إلى أن الدولة وفرت الحماية الاجتماعية للطبقات الفقيرة من خلال برنامج تكافل وكرامة.
وطالب بتدخل الدولة لتوفير شبكة أمان اجتماعي للطبقة المتوسطة التي تعرضت لأزمات طاحنة، فجزء كبير منهم بعد أن كانوا يمتلكون السيارات، أصبحوا يعملون في "أوبر وكريم"، مقترحًا أن توفر لهم الدولة أراضي يزرعونها.
مواد البناء ارتفعت 150%.
بينما أكد ناصر شنب، تاجر مواد بناء، أن قرار تحرير سعر الصرف كان له تأثير سيىء للغاية على سوق مواد البناء، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 150%، أي بنسبة أكبر من ارتفاع سعر الدولار.
واعتبر "شنب"، خلال تصريحات خاصة، أن القرار قد ساعد في حل مشكلة مصر الاقتصادية ولكن من جيوب المصريين، لافتًا إلى أن قيمة الدولار في مصر أعلى من قيمته الحقيقية، منوهًا بأن حركة البيع والشراء في سوق العقارات شبه متوقفة، والحكومة فقط هى من تعمل في مجال العقارات.