ملحمة على أرض الوطن.. "الفجر" داخل منافذ بيع الخضروات في ميدان رمسيس (فيديو وصور)
المقترب من جامع الفتح في ميدان رمسيس، والمدقق النظر، سيظن في الوهلة الأولى أنه مقبلًا على تجمع من تجمعات جنود الوطن، ثم المخترق للحشود المحيطة بهذا الرتل من الجنود والرتب، سيجد أشولة من الخضروات التي تتنوع بين نوعين محددين فقط هما البطاطس، والطماطم.
مشهد عجيب قد لا يتجانس في أي وقت آخر، إلا أنه في وقت الأزمة يصير عاديًا، ففي الأزمات يحمل الجندي سلاحه ويدافع عن مصالح الشعب الذي أكله الجشع وتكالب عليه طمع الطامعين، والسلاح هذه المرة ليس رشاشًا أو بندقية، وإنما هو جهد وسهر وتجهيزات كي تصل الخضروات بأسعار معقولة إلى مستحقيها.
هكذا كانت تعبيرات المواطنين المحتشدين أمام أحد الشوادر المنتشرة في طول المحروسة وعرضها، توصل للمواطنين ثمرتي البطاطس والطماطم بسعر في المتناول، حيث يتمركز هذا الشادر أمام مسجد الفتح في رمسيس.
ملحمة كاملة تجري على أرض الوطن، هكذا قال أحمد حسين أحد مسؤولي حملنا كلنا واحد، وأحد المتطوعين للمساعدة في إيصال الخضروات بأسعار مناسبة لمستحقيها، حيث قال أن المنفذ يبيع يوميًا ما يقرب من 21 طن بطاطس، وما يزيد عن هذه الكمية من الطماطم بسعر ثابت ستة جنيهات للكيلو، وهو ما يعد نصرًا في هذه المرحلة الحجرة من عمر الوطن، الذي أصبح يواجه قوى إرهاب مسلحة بالنادق والرصاصات، والآن يواجه قوى ظلامية أخرى مسلحة بالاقتصاد ورغبة الكسب الغير مشروع القائمة على الاحتكار.
وتكتمل ملامح الملحمة الوطنية تلك في شباب يقف متطوعًا كي يساعد في إيصال الخضروات بسعر معقول لمستحقيها، حيث قال أحمد ومحمد طالبين جامعيين الأول في آداب قسم تاريخ، والثاني في كلية السياحة والفنادق، بأنهما جاءا إلى هنا احساسًا منهما بمسؤوليتهما ناحية بلادهما، وأضافا نعلم جيدًا أن هناك من يحاول استغلال المواطنين وهناك رغبة منا في كسر هذا الاستغلال.
فيما قالت إحدى المواطنات المعاملة حسنة هنا والابتسامة دائمًا موجودة، نعم هناك زحام، نعم قد نتأخر ونقف طويلًا في طوابير، ولكنها الضريبة التي لا نتأخر في أن نؤديها كي لا يستغلنا مستغل.
وأعرب آخر عن تقديره لما يجري من مجهودات سواء من رجال الجيش أو الداخلية في محاولة السيطرة على أسعار السوق، وسواء الحل مؤقت أو دائم فهذا لا يعني المواطن في قليل أو كثير فالذي يعنيه هو الحلول العملية لمشكلاته، وبالتأكيد ما يحدث هو مجرد مرحلة في عمر الوطن وستمر كما مرت غيرها من مراحل.
وأكد ثالث لا يمكن بحال من الأحوال أن نكون أقل من هؤلاء الجنود، نعم نعاني، ولكن من الذي لا يعاني، هؤلاء الجنود يعانون ويؤدوا واجبهم، وكذلك نحن نؤدي ما علينا، وأكمل قائلًا ونأمل في مزيد من السيطرة والإحكام من الحكومة على أسعار السوق، ونؤكد أننا دومًا ما سنمثل درع ضد استغلال المستغلين.
كانت هذه جولة كاميرا الفجر في أحد منافذ بيع الخضروات في ميدان رمسيس، والتي تحاول الأجهزة المعنية من خلالها السيطرة على الأسعار المتصاعدة لبعض السلع منها البطاطس والطماطم، وبالفعل هناك معاناة لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، وبالفعل هناك قصور ولا يمكن أن يدعي أحد عكس ذلك ولكن المحصلة أكثر من رائعة، حيث يحصل كل مواطن على ثلاثة كيلوات من البطاطس سعر 6 جنيهات للكيلو، ومثلهم من الطماطم، بما يمثل توفير يصل إلى ما يثرب من 70 % عن الأسواق العادية.
العملية التنظيمية جيدة للغاية حيث يتم تنظيم المواطنين، لثلاثة طوابير رئيسية سيدات ومعهن الشرطة النسائية، ثم رجال ويقوم الجنود بمهام التنظيم هنا، ثم كبار السن حيث يتم إدخالهم مباشرة، لأخذ ما يحتاجون من خضروات، وعبر أكثر من ساعتين قضيناها في محيط السوق لم تكن ثمة من شكوى سوى طول الصفوف التي وصلت من عند جامع الفتح حتى الفجالة، وهو الأمر الذي يحتاج إلى توسعة المنفذ وزيادة نقاط البيع.