الإجهاض بين الإباحة و التحريم
قبل أن تأتى حقوق الإنسان بالمطالبة بحقوق الأطفال جاء الإسلام للحفاظ عليه وهو جنين فى بطن أمه حتى لو كان من الزنا وبيان ذلك فيما يلى :
الجنين بعد نفخ الروح فيه لا يجوز إجهاضه بلا خلاف، أما قبل ذلك ففيه خلاف، فأجمع جمهور أهل العلم على تحريمه ومنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز لعذر، ومنهم من قال بالجواز مطلقا ، ولعل القول بالجواز في الأربعين الأولى إذا كان هناك عذر ومصلحة هو الراحج.
الإجهاض لأجل الضرر المتوقع حصوله:
أجمع أهل العلم على حرمة الإجهاض إذا أتم الجنين مائة وعشرين لأنه بعد الطور الثالث وهو تمام المائة وعشرين يوماً يكون قد نفخ فيه الروح وفي إجهاضه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، إلا إذا كان في استمرار الحمل خطر محقق على حياة الأم، ولم يكن ثم سبيل آخر لإنقاذ حياتها إلا الإجهاض وأما قبل أن ينفخ فيه الروح فيحرم أيضاً لأنه إفساد للنسل إلا إذا كان ثم مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع، وليس هناك فترة يسمح فيها بالاسقاط.
وقد نص قرار هيئة كبار العلماء على ما يلي:
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً.
2- إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.
الإجهاض والحمل غير الشرعي (السفاح) :
والمؤكد -فيما أعلم- أن حُرمة الإجهاض في الفقه الإسلامي، حسبما سبق عرضه، على طلاقتها، بمعنى شمولها للحمل الشرعي، وغير الشرعي، ولذلك لم يفصل الفقهاء بين النوعين من الحمل، إذا صح ذلك التعبير، بل إنهم نصوا على حُرمة الإسقاط للجنين، ولو كان ثمرة لزنا أو اغتصاب، فحسب الزانية ثبوت زناها مضرة ومعرَّة، كما يقول ابن الهمام يرحمه الله فإسقاط جنينها لا يفيدها دنيا ولا دين، لأن الزنا الذي أثمر عن الجنين، الذي يركض في أصلابها، قد ثبت بفعلها الحسي الذي أهدر الشرع في حُرمته، فلا يهدره مرة أخرى، في إسقاط الجنين، ومن ثَمَّ قتل نفس بريئة، وبذلك تجمع المرأة بين السوأتين : الزنا والقتل.. هذا على مستوى المعقول، أما المنصوص في ذلك، فمنه ما جاء عن عمران بن حُصين، رضي الله عنه، أن امرأة من جُهَيْنة (هي المعروفة بالغامدية كما يقول صاحب سبل السلام) ، أتت النبي صلى الله عليه و سلم وهي حُبْلى من الزنا، فقالت : يا نبي الله، أصبتُ حدًّا فأقمْه عليَّ، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه و سلم وليَّها، فقال : (أحسنْ إليها، فإذا وضعت فأتني بها)، ففعل، فأمر بها فشُكَّت-وفي رواية زيادة : عليها ثيابها- ثم أمر بها، فرُجمت، ثم صَلَّى عليها، فقال عُمر : أتصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟! فقال عليه السلام : (لقد تابت توبةً لو قُسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدتَ أفضل من أن جادت بنفسها في سبيل الله).
فنحن نرى هنا اهتمام الشارع الحكيم بالجنين، في مراحل تكوينه المختلفة.