عادل حمودة يكتب: وزير الطيران ورئيس الشركة القابضة لمصر للطيران يفتحان ملفاتهما الخاصة لـ"الفجر"
الفريق يونس المصرى: إعادة هيكلة شركات الوزارة لتوفير المليارات الضائعة
وزير الطيران:
لن نستغنى عن العمالة الزائدة لكننا سندربها للاستفادة منها فى توسعاتنا
خطة جديدة لتحفيز السياحة تبدأ فى نوفمبر
دورات خاصة لضباط الشرطة على أمن المطارات وتسهيل الجوازات
خطوطنا ستعود إلى باقى الدول الإفريقية وسنبدأ بالكاميرون ورواندا
أحمد عادل:
استراحات جديدة لركاب البيزنس ورفع مستوى الطعام فيها
الطائرات الجديدة سينخفض عمرها الافتراضى من 14 سنة إلى ست سنوات
سمواتنا مفتوحة أمام شركات الطيران الأجنبية لنقل السياح إلى مطار القاهرة
سددنا ديوننا الخارجية ولم تعد طائراتنا مهددة بعدم الهبوط أو عدم التزود بالوقود فى المطارات الأجنبية
كثير من أبواب الحكومة فى مصر أبواب دوارة يدخل منها الوزير ويخرج دون أن يشعر به أحد وغالبا دون أن نتذكر اسمه.
طراز من الوزراء يعيش على المعلبات البيروقراطية الجاهزة.. يفتح واحدة منها ليعرف كيف يحافظ على كرسيه سليما ولو تجمد فيه.. ويفتح واحدة ثانية ليتعلم كيف يرضى رؤساءه ولو لم يفعل شيئا؟.. ويفتح واحدة ثالثة ليدرس كيف يجمد المشاكل حتى لا يحاسب لو اجتهد فى حلها وأخطأ؟.
وطوال سنوات يصعب حصرها تابعت وقابلت وتعاملت وانتقدت عشرات الوزراء من هذا الطراز الذى يختبئ فى جلده ولا يهمه سوى نفسه.
لكن هناك نوعًا آخر نادرًا مثل قطع الماس وحبات اللؤلؤ يبرق إنجازه من الساعة الأولى التى يدخل فيها مكتبه.. وزير الطيران المدنى الفريق يونس المصرى على سبيل المثال.
انتقدت بقسوة عشرات من مظاهر التقصير وضعف الخدمة فى المطارات وعلى متن الطائرات ولكنه لم يغضب ولم يستنفر ولم يشكونى للرئيس كما فعل وزراء غيره فى عهود سابقة.
بل صدق الرجل على كثير مما رصدت ليؤكد أن أولى خطوات الإصلاح الاعتراف بالمشاكل وأغلب الظن أن خدمته السابقة قائدا للقوات الجوية أقنعته بهذه الفضيلة النادرة.
حوارى معه امتد نحو الساعة أصبح ساعتين بعد أن جلست إلى أحمد عادل رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران وخرجت منهما بما يحقق تفاؤلا لم يكن فى حسبانى.
كانت المشكلة الأساسية فى رأيى وجود تسع شركات فرعية تحت الشركة القابضة تتضخم بحجم فائض من العمالة وتستهلك ميزانيات عالية يتحملها الراكب دون أن ينال خدمة مناسبة من لحظة دخوله المطار حتى لحظة خروجه من الطائرة.
الوزير يوافق على التشخيص ويضيف: إننا جادون فى إعادة هيكلة الشركات ونتفاوض مع أكبر مكاتب استشارية تحتل المرتبة الأولى والثانية والرابعة فى هذا المجال لنختار منها الأفضل وسوف تحدد لنا الشركات التى يمكن ضمها معا ولن تصدق لو عرفت أن ضم شركتين يوفر 800 مليون جنيه سنويا.
وحسب الجدول المحدد الذى يحفظه رئيس الشركة القابضة ستستغرق مرحلة الكشف ما بين 12 و18 أسبوعا لتبدأ مرحلة التطبيق التى ستحتاج ما بين 18 و24 شهرًا لنصل إلى الهيكلة المناسبة التى ستدير العمل فى المنظومة الجديدة بما يحقق خدمة مثالية تتجنب ما وجه من انتقادات وتحقق عائدا إضافيا يصل إلى مرحلة الربح وتجاوز مرحلة الخسارة.
ولا شك أن حالة الفوضى التى تلت ثورة يناير أدخلت عمالة زائدة غير مدربة إلى الشركات ولكن الوزير لم يفكر فى الاستغناء عنها وإنما قرر تدريبها وتأهيلها للاستفادة منها.
ويحمل الوزير تقديرًا خاصًا للطيارين ويعتبرهم مجوهرات نادرة تزداد قيمتها بالخبرة التى تصل إلى ثلاثين عاما قبل التقاعد وهم منتمون إلى شركتهم الوطنية رغم إغراء الشركات الأخرى ولا ينافسهم فى الانتماء سوى أطقم الضيافة الذين تمتد خدمتهم إلى 25 عاما.
ويتحمس الوزير لشراء 33 طائرة جديدة من طرز مختلفة متطورة خلال العامين القادمين (من مارس 2019 إلى ديسمبر 2020) لتوسيع شبكة الخطوط خاصة إلى إفريقيا والصين ولكن الأهم تحسن الخدمة فى الجو فلا مقعد غير مريح ولا طعام غير شهى وبرنامج ترفيه يوفر متعة فى السفر.
وحسب رئيس الشركة القابضة فإن الطائرات الجديدة ستجدد نصف الأسطول لتختفى ثمانون فى المائة من مشاكل الراكب.
متوسط عمر الطائرة الآن 14 سنة ولكنه سينخفض تدريجيا بإضافة طائرات جديدة حتى يهبط فى عام 2025 إلى ست سنوات ونصف السنة.
وفى الصفقة الأخيرة وافقت الشركة المنتجة على أن نشترى منها 12 طائرة بنفس السعر بشرط أن تنفذ الصفقة فى النصف الأول من عام 2019.
ومما ساعد على توفر التمويل أن الديون الخارجية على مصر للطيران سددت منذ خمسة شهور ولم تعد طائراتها مهددة بعدم النزول فى مطار أو عدم التزود بالوقود.
وبعد حادث سقوط الطائرة الروسية استقبلت مطاراتنا بعثات متعددة الجنسيات للتأكد من إجراءات الأمن وارتفعت نسبة السلامة لمعدلاتها العالمية بتطوير الأجهزة الإلكترونية للكشف عن الركاب والحقائب ولكن المنظومة الأمنية لا تكتمل إلا بالعنصر البشرى فاتفق مع وزير الداخلية على دورات خاصة للضباط وأمناء الشرطة تناسب خصوصية الأمن فى المطارات.
ويعرف الوزير جيدا أن القائد هو نموذج الانضباط لرجاله فلم يتردد فى تفقد المطارات نحو خمسين مرة منذ تولى منصبه قبل أربعة شهور مما أتاح له رصد مشاكل عمرها سنوات وحلها فى أزمنة قياسية.. خفف من الزحام أمام صالات السفر فى فترات الذروة الصباحية وأمام صالات العودة فى فترات الذروة المسائية بتوسعة أماكن انتظار السيارات.. ضاعف من عدد ضباط الجوازات لسيولة الحركة داخل صالات السفر والوصول.. وتغيير السيور المتهالكة.. مثلا.
ومثل الوزير كثيرا ما استيقظ رئيس الشركة القابضة مبكرا ليتفقد المطارات حتى حفظ الركاب الدائمون وجهه.
وافقنى على عجز كثير من ركاب درجة البيزنس فى الحصول على مقعد فى الاستراحات المخصصة لهم مضيفا: سنفتح فى بداية نوفمبر استراحة جديدة فى صالة ثلاثة وسنغلق الاستراحات الصغيرة لنجددها خلال 18 شهرا كما أن هناك خطة لإنشاء استراحات جديدة ومنذ أسبوعين تغيرت إدارة الاستراحات.
ويوافق الرجل على أن مستوى الطعام فى الاستراحات وعلى متن الطائرات لا يتناسب مع ما يدفعه الراكب فيه ولكنه يؤكد أن المستوى تحسن كثيرا فى الاستراحات خلال الأيام القليلة الماضية وسوف أتأكد من ذلك فى رحلتى القادمة.
أما الطعام على الطائرات فيبدو أن تحسنه يحتاج بعض الوقت وهناك مفاوضات بين مصر للطيران ولوفتهانزا على ذلك خاصة أن الشركة المسئولة عن هذه الخدمة مشتركة بينهما بنسبة ستين فى المائة لمصر للطيران وأربعين فى المائة للوفتهانزا.. ونحن فى الانتظار.
وتشكو شركات السياحة من تعسف وزارة الطيران معها مما يحرمها من فتح أسواق جديدة وجلب سياح منها لعدم توافر خطوط الطيران بيننا وبينها.
وربما لهذا السبب التقى وزير الطيران بوزيرة السياحة أكثر من مرة بل ودعا أصحاب شركات السياحة إلى لقاءات مباشرة معه ولم يتردد فى منحهم حافزا يصل إلى 25 فى المائة فهو يعرف أن العائد فى النهاية يصب فى مصلحة واحدة وخزانة واحدة.
أطلقت الوزارتان الضوابط الجديدة لبرنامج تحفيز الطيران لعامين قادمين ليبدأ العمل به من أول نوفمبر القادم وحتى إبريل 2020 بعد انتهاء البرنامج الحالى فى نهاية أكتوبر الجارى ولكن هل يرضى البرنامج رغبات شركات السياحة؟.
تطلب شركات السياحة فتح السموات أمام نقل السياح جوا دون التقيد بالشركة الوطنية ولكن رئيس الشركة القابضة يتعجب من هذا الطلب فالسموات المفتوحة مباحة فى كل المطارات ما عدا مطار القاهرة.. فى عام 2011 كان عدد الركاب فى المطارات ما بين 14 و16 مليون راكب.. منها ما بين 8 و9 ملايين راكب فى مطار القاهرة والباقى فى المطارات الأخرى مما يعنى أن السموات مفتوحة فى مطارات المدن السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة والاقصر وأسوان وغيرها حيث يسمح لشركات الطيران الأجنبية بالهبوط دون عوائق لنقل ما تشاء من السياح.
وربما كانت مشاكل شركات السياحة أكثر حدة فى مجالات أخرى منها زيادة القروض التى عليها مع تراكم الفوائد عليها بجانب التكاليف الباهظة التى تتحملها الفنادق مع ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه ويضاف إليها الضريبة العقارية بل أكثر من ذلك فرضت عليها رسوم استغلال الشواطئ بأثر رجعى وقدرت بملايين الجنيهات وهددت بالحجز الإدارى على أصحاب الشركات فى وقت يعانون فيه من خسائر توالت عبر السنوات السبع الماضية بسبب تراجع عدد السياح وانهيار الأسعار التى يأتون بها.
لكن هذه قصة أخرى وإن بدا الوزير مستعدا لتقديم ما يطلب منه للمساهمة فى علاج متاعب السياحة.. أفضل مورد للعملة الصعبة بعد تراجع التصدير وتذبذب إيرادات القناة حسب حركة السفن العابرة التى تتأثر بحركة التجارة الدولية.
ولاحظ الوزير فى زيارته إلى أبوسمبل أن السياح يأتون للفرجة على معبد رمسيس الثانى هناك ويغادرون المدينة بعد ساعات دون أن يباتوا ليلة فيها وعرف أن السبب هو عدم وجود رحلات يومية منتظمة فلم يتردد فى تنفيذها ولا شك أن قراره سيسمح للسياح بقضاء ليلة هناك وربما يحفز على تطوير الفندق الوحيد المتواضع الذى كان من قبل استراحة لخبراء نقل المعبد وإنقاذه من الغرق بعد بناء السد العالى وربما شجع قراره على تشييد فنادق أخرى.
ومن الأخطاء الجسيمة التى ارتكبها وزراء طيران سابقون تقليل خطوط الرحلات إلى كثير من العواصم الإفريقية ليصبح السفر إليها من القاهرة عبر باريس أو استنبول بالرغم من أن القاهرة مفتاح القارة ومركز لرحلات الترانزيت بينها وبين العالم.
حسب ما سمعت من وزير التجارة والصناعة فى الحكومة الألمانية السابقة فإن المشروعات الصناعية التى ستقام فى المنطقة الاقتصادية للقناة يجب ان تنتج سلعا للمستهلك الإفريقى لا للمستهلك الأوروبى حتى تنجح فى ترويجها ولكن لن يتحقق ذلك إلا بإعادة فتح الخطوط التى أغلقت ولو تدريجيا.
يوافق الوزير على هذا الرأى ويضيف: إنه فى أول يناير القادم ستهبط طائرات مصر للطيران فى كيجالى (رواندا) ودوالا (الكاميرون).
وبدون الخبرة العالمية فى مجال تحدث فيه التغييرات بسرعة مذهلة لن نجد مكانا على خريطة العالم لذلك تستضيف وزارة الطيران مؤتمر ومعرض المجلس الدولى للمطارات فى الفترة ما بين 4 إلى 10 مارس القادم فى مدينة الأقصر وبحضور 400 شخصية مؤثرة فى هذا المجال ليعرضوا آخر التطورات وليتبادلوا ما يملكون من خبرات.
وسيقام على هامش المؤتمر معرض للأجهزة والمعدات الحديثة المستخدمة فى المطارات العالمية.
ويؤمن الوزير بفلسفة وصول الراكب إلى أقرب مطار إليه دون المرور على القاهرة ليخفف من ضغوط زحامها.. مطار برج العرب يهبط فيه ركاب الإسكندرية.. وركاب الصعيد قطعا سيفضلون الهبوط فى مطار أسيوط.. وأحدث المطارات.. مطار سفنكس الذى افتتح مؤخرا سيخدم منطقة الجيزة و6 أكتوبر.
إن اللامركزية التى فشلنا فى تحقيقها ربما تبدأ بتوزيع المطارات على خريطة البلاد.
وكان طبيعيا أن تسبق وزارة الطيران باقى الوزارات فى الحصول على شهادة الأيزو عام 2015 فما أن تدخل المنطقة التى تسكنها هى وشركاتها حتى تشعر بأنك فى عالم آخر لا مثيل له.
ولكن الأهم أن يونس المصرى سيحافظ عليه وسيضيف إليه كما تعود وهو قائد للقوات الجوية ويسعده أن يطلع زواره على نماذج من الطائرات الحربية المتنوعة التى دخلت الخدمة فى وقته.
نحن أمام وزير قادر على إنجاز الحلم قبل أن يفكر فيه.